د. خلود البارون | رغم ارتفاع مدخول الفرد بشكل عام في مختلف الشعوب، فإن كثيرين لا يزالون يشعرون بالفقر وعدم الرضا والقلق والحاجة الى اكتساب مال اكثر. وربطت عدة دراسات بين وجود هذه المشاعر مع زيادة التوتر والارق وانخفاض الشعور بالعافية والرضا عن الحياة، وعدم تخصيص وقت للرياضة واتباع عادات غذائية غير صحية. وكل ذلك يرفع فرصة اصابة الاشخاص بأمراض نفسية والسمنة والامراض المزمنة. في بحث جديد نشرته المجلة الوطنية الاكاديمية للعلم قام الباحثون بتحدي مقولة ان «المال لا يشتري السعادة» ليكتشفوا أن الاهم ليس كمية المال بل ما يتم صرفه عليه. حيث اكتشف فريق بحث مشترك من جامعة هارفرد وجامعة كولومبيا البريطانية- الكندية، ان الذين يستخدمون المال لشراء امور توفر لهم الجهد والوقت يشعرون بدرجة اكبر من الرضا والسعادة، مقارنة بمن يشترون الاشياء المادية. لذا، اقترح الباحثون ان شراء الشخص أمورا تريحه وتوفر له وقت فراغ يمكن ان يشتري له الرضا ويزيد مستوى سعادته. وشملت الدراسة بيانات أكثر من ستة عشر ألف شخص بالغ من كندا والدانمرك واميركا وهولندا والمانيا. سئلوا عن كيفية صرفهم الأموال والمبلغ الذي يصرف على شراء أمور توفر لهم الوقت والجهد. وللتعريف، يتضمن ذلك شراء الاغراض التي تساعدهم في الطبخ واعمال المنزل وأي عمالة تعينهم فيه وفي اعمالهم الاخرى. ثم تم تقييم درجة رضاهم عن حياتهم والوقت الذي يشعرون فيه بالتوتر والتعاسة. ووجد ان من يصرفون المال على امور توفر عليهم الجهد والوقت كانت درجة سعادتهم ورضاهم كبيرة، مقارنة بمن يصرفونها على الامور المادية. وظلت هذه الحقيقة واضحة بغض النظر عن الدخل (سواء كان عاليا او محدودا). وتبعت ذلك دراسة اخرى قامت بإعطاء البالغين 25 دولارا لصرفها في نهاية الاسبوع على امر سيوفر لهم الوقت، ثم اعطوا المبلغ نفسه في الاسبوع الذي يليه ليصرفوه على امر مادي. وبينت النتيجة ان الاشخاص شعروا بسعادة اكبر عندما صرفوا المال على شراء امر يوفر لهم الوقت والجهد، مقارنة بشرائهم أمرا ماديا. وشمل الامر المادي شراء الكماليات والالبسة من ماركات عالمية او تغيير تلفون الى آخر حديث وغيرها من امور غير اساسية، ولا توفر اي مساعدة في امورهم الحياتية. ومن جانب آخر، يجادل الباحثون بان الدراسة تنطبق على فئة الاغنياء ومتوسطي الدخل ومحدودي الدخل، لكنها قد لا تنطبق على من يعانون الفقر ويحتاجون الى اساسيات الحياة.
مشاركة :