النظام الانتخابي... من رحم البرلمان - مقالات

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحديد النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر من أهم القضايا السياسية التي تتصارع عليها القوى السياسية والاجتماعية في أي دولة، حيث إن هذا النظام أو ذاك سيحدد شكل البرلمان الذي بدوره يشرع القوانين ويحدد شكل الحكومة، فإما أن يكون التشكيل البرلماني ممثلاً لمزاج ومصالح عامة الشعب أو أن يكون ممثلاً لمصالح السلطة والمتنفذين من حلفائها. ومنذ انتخاب أول مجلس أمة بعد الدستور بنظام الدوائر العشر بخمسة أصوات، مروراً بتغييره إلى الدوائر الخمس والعشرين بصوتين أثناء الانقلاب الأول على الدستور، وصولاً إلى قانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات الذي جاء في أعقاب حراك شعبي عبر مشروع قانون قدمته الحكومة عام 2006، انتهاءً بمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء المعمول به حالياً؛ لم يمر علينا في الكويت نظام انتخابي عادل يرسخ مفاهيم الديموقراطية والعمل السياسي الحقيقي. فالنظام الانتخابي العادل برأيي هو ما يحقق المعنى الفعلي للديموقراطية بالأخذ برأي الأغلبية مع احترام وحفظ حقوق الأقلية، وهذا لا يتحقق إلا بنظام تمثيل نسبي؛ كما أن نجاح هذا النظام يعتمد على وجود قانون ديموقراطي لإشهار الأحزاب التي يجب أن تضع برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وتشكل قوائم لخوض الانتخابات، فيكون تمثيلها في البرلمان حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها القائمة، لأنه من دون وجود قانون ديموقراطي للأحزاب فإن القوائم ستشكل على أسس طائفية أو عرقية فتزيد بذلك من تمزق المجتمع أكثر مما هو ممزق. أما بالنسبة للنظام الانتخابي الحالي، فهو الأسوأ في نتائجه من بين كل الأنظمة الانتخابية «السيئة» التي سبقته، فالصوت الواحد «العزيز» بات يذهب من دون تفكير لمرشح الطائفة أو القبيلة أو العائلة، فيما زاد تأثير المال السياسي وشراء الأصوات بعد انخفاض عتبة النجاح ما سهل عملية شراء الذمم؛ وبذلك فقد رسخ هذا النظام الانتخابي مشاكل التعصب القبلي والطائفي وانتشار المال السياسي؛ على الرغم من تأكيدات الحكومة - التي جاءت بهذا النظام أثناء فترة حل مجلس الأمة - أن هذا المرسوم بقانون أتى ليحارب تلك المشاكل. إن التفكير بإقرار نظام انتخابي ديموقراطي عادل يحتاج إلى تغيير في موازين القوى التي تصب حالياً لمصلحة الحكومة، ولكن مع ذلك فإن مجرد رد الاعتبار للشعب بأحقيته في اختيار النظام الانتخابي الذي يناسبه يعد خطوة مستحقة في هذه المرحلة، خصوصاً وأن العديد من نواب هذا المجلس تعهدوا وأقسموا على أن يكون تعديل النظام الانتخابي أولى أولوياتهم. في الختام، عيوب النظام الانتخابي الحالي وما سبقه من أنظمة انتخابية مرتبطة بشكل رئيسي بعيوب المنظومة الديموقراطية التي بنيت على أساس العمل الفردي وعدم إشهار الأحزاب السياسية، بينما تعيّن الحكومة «المتضامنة» في المقابل دائماً كحزب «الأغلبية» في البرلمان مع تمكينها من الحقوق ذاتها المقررة دستورياً للنواب المنتخبين، ولكن إصلاح هذه المنظومة يحتاج لعمل طويل وشاق... قد تكون بدايته تغيير النظام الانتخابي عبر قانون يقترحه النواب ويولد من رحم البرلمان... على سبيل التغيير! dr.hamad.alansari@gmail.com twitter: @h_alansari

مشاركة :