يحظى أصحاب الهمم في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لأصحاب الهمم من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأنه قادر ولديه إمكانات بمستوى الشخص السليم، ولإتاحة الفرصة له أن تجعل منه إنساناً ناجحاً وقادراً على منافسة الأصحاء في المجالات كافة. وقد استطاع عدد كبير من أصحاب الهمم في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة. «في أوقات الظلمة اكتشفت عائلتي مشكلتي مع البصر، فلم تكن لدي مشكلة في النهار، لكن مع مرور الوقت بدأت بفقدان نور بصري رويداً رويداً».. هذا ما قالته عبلة الكعبي، وهي من صاحبات الهمم، وتعاني مشكلة ضعف البصر منذ كان عمرها عامين. وتضيف: «لم تيأس عائلتي من البحث عن علاج لي، خصوصاً أنني أول فرحتهم كفتاة بعد أخي الأكبر الذي أعتبره صديقي الأقرب، خصوصاً بعد وفاة والدنا، وهو أسهم في استمرار شعور الأبوة»، لكن السبب اذا كان وراثياً تبدأ عمليات البحث عن حلول تشبه الجري وراء الأحلام، كما تقول عبلة، وتضيف: «لا بد وقتها من البحث عن طرق التعايش مع المشكلة، والبداية كانت أن أنقل النور من بصري الى قلبي حين بدأ نور عينيَّ بالنفاد». • الحلم الكبير بالنسبة لي وأسعى إلى تحقيقه هو وجود مشغل كبير لتمكين صاحبات الهمم واستقلالهن مادياً. • «أنا وعائلتي نحب الطبيعة كثيراً، فعندما يهطل المطر نتوجه إلى البحر أو المناطق الجبلية لنعيش كل التفاصيل الطبيعية». • لم تيأس عائلتي من البحث عن علاج لي، خصوصاً أنني أول فرحتهم كفتاة بعد أخي الأكبر الذي أعتبره صديقي الأقرب. • خلقت علاقتي الخاصة مع الطبيعة، وبدأت حفظ المناظر والألوان، والبحر الذي أحب. • لأني ابنة هذه البلاد، لم أشعر يوماً بأنني مختلفة، أو متأخرة. التطور الكعبي التي تخرجت في جامعة الإمارات ـ تخصص تربية، أكدت أن التسارع في «تطور حالتها» هو الذي كان يجعل المستقبل يبدو مظلماً، لكن الحقيقة أنها بسبب وقوف عائلتها معها لم تشعر بالخوف أو القلق، «بدأت أتأقلم مع مصطلح تطور، وهنا التطور في حالتي عكسي، فهي لا تتحسن بل تزداد سوءاً»، موضحة: «أتذكر أنني في أولى مراحلي الدراسية لم أشعر بأنني مختلفة، أو لدي مشكلة، لكن ومع كل فصل دراسي كنت أجتازه أبدأ بفقدان نور بصري، وهنا بدأت الاعتكاف في الفصل وابتعدت قليلاً عن الاندماج مع صديقاتي، لأنني حينها أدركت أنني يجب أن أبحث عن بدائل»، مستدركة بعد ذلك: «لكنني خلقت علاقتي الخاصة مع الطبيعة، أو مع ظلها إذا أردنا الدقة، بدأت حفظ المناظر، والألوان، والبحر الذي أحب، وأرى نفسي منطلقة إليه كلما شعرت بالضيق». وتضيف: «أنا وعائلتي نحب الطبيعة كثيراً، فعندما يهطل المطر ترونا نتوجه الى البحر أو المناطق الجبيلة لنعيش كل التفاصيل الطبيعية». التأقلم عندما أدركت الكعبي التي تعمل منذ سنوات في «أدنوك للتوزيع»، أن رغباتها ليست دائماً محل تحقيق، ويجب عليها دائماً ضمن حالتها أن تبحث عن البديل، وصلت الى قناعة بأنها يجب أن تتحدى كي تستمر «أول رغبة هي أن أتخصص في العلمي، ورغم أنني حاولت لمدة أسبوع أن أستمر، فإنني لم أستطع»، موضحة أن «الأرقام الصغيرة في الرياضيات، والمختبرات التي تمتلئ بمواد لا تتناسب معي، جعلتني أحوّل الى الأدبي، فالدخول الى الجامعة كان بالنسبة لي مرحلة مهمة كطالبة لا ترضى إلا أن تكون الأولى والمميزة». مثل بلادي الأولى والمميزة، مثل بلادي تماماً، هذا هو الشعار التي ترفعه الكعبي، «أنا لأني ابنة هذه البلاد لم أشعر يوماً بأنني مختلفة، أو متأخرة، خصوصاً أنني شاهدة على تطور اهتمام الدولة بالفئة التي لم يرض صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يظلوا من ذوي الإعاقة فأطلق عليهم أصحاب الهمم». وقالت: «أنا شاهدة على تطور المواصلات، وشاهدة على تطور المرافق، وحتى نظرة المجتمع، وشاهدة على أحلام لم تعد صعبة المنال». الكعبي وهي عضو في مؤسسة تمكين المرأة، تؤكد أن فترة البحث عن العمل بعد التخرج هي الفترة الصعبة التي واجهتها، مؤكدة «ولأنني لا أرضى اليأس، قررت تطوير أدواتي، ودخلت بعد التخرج معاهد كثيرة، وتعلمت الكمبيوتر واللغة الانجليزية بشكل محترف، كي أكون واثقة بأنني لن أرفض إذا ما تقدمت إلى وظيفة، بل بالعكس كنت أنا التي أفكر في قبول عروض متنوعة وأقيسها على ظروفي، خصوصاً في البعد الجغرافي عن منزلي». الإدراك تدرك الكعبي التي مثلت الإمارات في محافل خارجية، أن تطور كل فرد يعيش في الدولة يجب أن يتناسب مع تطور الدولة نفسها التي تسبقنا، وقالت: «من خلال رابطة تمكين المرأة من صاحبات الهمم، نلمس أن لكل واحدة منا حكاية، ونلمس الشغف والحب الذي ينبع بالشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، والرغبة بكل صدق في أن نكون جزءاً من تطوره». وتضيف عبلة: «أنا أشعر بالتميز عن غيري عندما أشارك ممثلة للدولة من قبل جمعية المعاقين بصرياً، أدرك كمّ الجهود التي تبذلها دولتنا لتجعل الجميع سعداء». أحلام صغيرة لدى الكعبي أحلامها الخاصة والعامة، «بشكل خاص أتمنى أن أستمر في رسم الخط العربي، فأنا من عشاق هذا النوع من الفنون، لكن ومع نور عيوني الذي بدأ ينفد، يجب عليّ أن أتدرب بشكل مكثف للحفاظ على موهبتي التي أعتبرها خاصة». وتضيف: «لكن بشكل عام لدي رغبات، مثلاً أن يتم طباعة الكتب التي يصدرها شيوخنا أو تحميلها إلكترونياً بما يتناسب مع الفئات المختلفة من أصحاب الهمم». وتختم عبلة الكعبي بالقول: «الحلم الكبير بالنسبة لي وأسعى الى تحقيقه هو وجود مشغل كبير جداً في كل مكان في الدولة، يستوعب صاحبات الهمم، لتمكينهن من العمل والسعي لاستقلالهن مادياً».
مشاركة :