دبي تُنظّم العلاقة التشاركية بين القطاعين العام والخاص

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

(لمشاهدة ملف "البيان التشريعي" pdf اضغط هنا) حظي موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص باهتمام كبير من الحكومات والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما بعد أن تبيّن في الوقت المعاصر أن نجاح عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة تعتمد بشكل أساس على حشد وجمع الإمكانيات والطاقات، وتوجيهها نحو الغايات والأهداف المرجوّة، فلا يكاد أن يخلو أي مجتمع من وجود طاقات وموارد وخبرات عديدة ومتنوعة، منها ما هو موجود لدى القطاع العام، ومنها ما هو متوفر لدى القطاع الخاص، والاستفادة منها جميعاً لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إيجاد صيغة تشاركية بين هذين القطاعين، يمكن بلورتها من خلال تنظيمات مؤسسية تتولى إنشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها، وتم التوصل إلى هذه النتيجة لدى العديد من المجتمعات بعد أن تبيّن أن التنظيمات المؤسسية المنفصلة والمستقلة قطاعياً تواجه العديد من التحديات والصعوبات في تحقيق الأهداف التنموية بالمستويات المرجوّة، لذلك سعت الدول المتقدمة والنامية إلى خلق التنظيمات المؤسسية وسن التشريعات والنظم الهادفة إلى بناء التنظيمات التشاركية التي تساهم فيها كافة قطاعات المجتمع لإنشاء وإدارة وتشغيل المشاريع والمرافق والأعمال وتطويرها وتنميتها من أجل خدمة أغراضها وتحقيق أهدافها على أساس تشاركي وتعاوني وحكومة جيدة ومساءلة شفافة ومنفعة متبادلة. أطر وقالت نجاة العامري (قانونية أولى في اللجنة العليا للتشريعات بدبي): إن نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب أن لا يقتصر على سن التشريعات والأنظمة ووضع إطار دقيق للحكومة فحسب، وإنما لا بد من خلق روابط متينة بين طرفيها، تقوم على فهم دقيق لمصالحهما، فكلاهما لديه مصالح وغايات مختلفة، منها ما يتعلق بالجانب الإداري، ومنها ما يتعلق بالجانب القانوني، ومنها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي أو الاجتماعي، وإن خلق هذه الروابط وإيجادها يجب أن يستند إلى نقاط الالتقاء بين أطراف هذه الشراكة، وهذه النقاط يجب أن تنبثق من بيئة مثالية تقوم على مبادئ الشفافية والثقة المتبادلة والحقوق والمسؤوليات المتوازنة، وحسن استخدام الموارد، ورفع كفاءتها، وتعزيز القدرة التنافسية، وجذب مصادر التمويل، والتوسع في المشاريع لخلق فرص عمل جديدة، ودعم الاستقرار الاقتصادي، ضمن إطار مستدام. خبرات وأضافت: إن القطاع الخاص يمتلك في وقتنا المعاصر الكثير من الخبرات والكفاءات في المجالات الفنية والمالية والإدارية والتكنولوجية، ولديه طاقة بشرية متميزة، والقدرة على تنفيذ المشاريع بأعلى جودة وبأقل تكلفة، ولغايات الاستفادة من هذه الإمكانيات ونقل المعرفة والخبرة من القطاع الخاص إلى القطاع العام، بات من الضروري أن تكون هناك شراكة حقيقية وفاعلة بين هذين القطاعين، من خلال إنشاء علاقة قانونية واضحة ومتينة، في صورة علاقة تعاقدية تتم بين جهة الإدارة التي تمثل القطاع العام وبين تنظيمات القطاع الخاص ممثلة بالمؤسسات الفردية والشركات، وذلك لتنفيذ المشروع محل الشراكة بينهما، بغية توفير الخدمات العامة للمجتمع، بأسرع وقت وبأعلى جودة وبأقل تكلفة بالنسبة للقطاع العام، ومقابل مادي يحقق للقطاع الخاص العوائد المالية التي تشجعه على الاستثمار في مثل هذه المشاريع. مراحل وأوضحت نجاة العامري أنه انطلاقاً من ذلك، حرص المشرع الدبوي على تنظيم العلاقة التشاركية بين القطاعين العام والخاص، من خلال مراحل مارستها جهة الإدارة طيلة الأعوام السابقة، حيث بدأت أولى هذه المراحل بإصدار القانون رقم «6» لسنة 1997 بشأن عقود الدوائر الحكومية في إمارة دبي، الذي جاء لينظم العقود التي تبرمها الجهات الحكومية مع القطاع الخاص لتلبية احتياجاتها من الأشغال كإنشاء المباني والطرق والجسور والأنفاق والحدائق وشبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار وتوليد الكهرباء وتحلية المياه، وكذلك لتأمين احتياجاتها من المواد كالآليات والمركبات والأجهزة والمعدات، وكذلك لتأمين احتياجاتها من الخدمات الاستشارية والفنيّة والتقنية، كل ذلك بهدف تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها بموجب التشريعات السارية، وتجلت المرحلة الثانية في إصدار أول قانون لتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع الكهرباء والمياه، وذلك بموجب القانون رقم «6» لسنة 2011 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء والمياه في إمارة دبي. حيث يعتبر هذا القانون أول التشريعات الخاصة التي نظمت بشكل واضح وصريح العلاقة التشاركية بين هذين القطاعين، وكان هذا القانون بحق وفي ضوء ما تناولته أحكامه بمثابة الشرارة لبدء تطبيق فكرة مشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية والهامة في الإمارة، ومن خلال هذا القانون استطاعت الحكومة أن تستفيد من الخبرات الفنية العالية والكفاءة المهنية التي يمتلكها القطاع الخاص في هذا المجال، وتوّج المشرع الدبوي تنظيمه لهذه المشاركة بين القطاعين بإصداره القانون رقم «22» لسنة 2015 بشأن تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إمارة دبي، فجاء هذا التشريع ليفتح المجال أمام بناء هذه العلاقة التشاركية في كافة المشاريع والخدمات. ، حيث تضمن هذا القانون تنظيم هذه العلاقة بشكل كامل وشامل، ويمكننا القول بأن هذا القانون قد أحدث نقلة نوعية من الشراكة الحقيقية والفاعلة بين القطاعين، وعكس اهتمام الحكومة في الاستفادة من الموارد المالية والمادية والتقنية والبشرية التي يمتلكها القطاع الخاص، وانتقل بالعمل الحكومي إلى مرحلة جديدة، تركز على تحسين الخدمات وتطويرها، من خلال رسم السياسات الخاصة بالبنية الأساسية ووضع الأهداف والبرامج وإدخال الابتكارات والخدمات والقنوات الذكية في الحصول على هذه الخدمات، والابتعاد عن الأسلوب التشغيلي الذي كان يستنزف موارد الحكومة وجهودها في البحث عن الوسائل الحديثة في إدارة مشاريعها وتقديم خدماتها، ليترك هذا العمل للقطاع الخاص الذي يمتلك من الموارد والأدوات ما يمكّنه من القيام بهذه الأعمال، تحت إشراف الجهة الحكومية ورقابتها للتأكد من سلامة سير المرفق العام وتحقيقه للغايات المرجوة منه، وإن هذا التوجه في إبرام عقد الشراكة من شأنه جلب العديد من المنافع كتحسين مستوى الخدمات وتقديم أفضلها، وتحقيق الكفاءة العالية عند تنفيذ المشاريع التنموية، واقتسام مخاطر تنفيذ المشروع بين الأطراف التي قد تنتج عنه زيادة التكاليف المالية أو عدم تنفيذ المشروع في المدة المحددة، بالإضافة إلى توفير فرص العمل وتدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية على إدارة هذه النوعية من المشاريع. شروط حدد القانون رقم «22» لسنة 2015 بشأن تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إمارة دبي، شروط الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن أهمها أن يكون مشروع الشراكة ذا جدوى اقتصادية ومالية وفنية واجتماعية، وأن لا يترتب على الشراكة مع القطاع الخاص أي مخاطر مالية أو قانونية أو اجتماعية أو بيئية، كما حدد القانون السلطات المختصة باعتماد مشاريع الشراكة سواء على المستوى المؤسسي أو على مستوى الحكومة، كما حدد أدوار الجهات المختصة بتطبيق أحكامه.

مشاركة :