حرم التطور والزمن الرقمي حوال نصف جيل الألفية من استخدام صندوق البريد والتعامل مع المظاريف الورقية حتى أن كثيرين منهم لا يعرفون لماذا وضع ذاك الصندوق الصغير أمام المنازل والمحال، فيما يسأل شخص من جيل سابق صديقاً له: متى آخر مرة كتبت فيها رسالة ورقية؟ هذا الكلام ليس إنشاءً أو حنيناً بل واقع أثبتته دراسة بريطانية حديثة نشرت نتائجها صحيفة «مترو» البريطانية اليوم (الاثنين)، وأظهرت أن 43 في المئة من جيل الألفية لم يستخدموا اطلاقاً صندوق البريد وأنهم يفضلون اتباع الاتصال الرقمي على التقليدي الذي كان يعتمده آباؤهم وأجدادهم، وأن المشمولين بهذه النسبة لم لم يرسلوا أبداً رسالة مكتوبة بخط اليد عبر الصندوق الأحمر القديم، فيما ينشر كل دقيقة أكثر من 208 مليون منشور في «فايسبوك» و65 ألف صورة في تطبيق «انستغرام». وفي استطلاع أجرته شركة «إبوستبارسيلز» المكلفة متابعة الاتصالات الرقمية التي يعتمدها أبناء الجيل، ظهر أن 77 في المئة ممن شملتهم الدراسة يعتقدون أن الأسلوب التقليدي في إرسال الرسالة دار عليه الزمن ويأخذ منحنى مأسوياً، في حين يعتقد ثلاثة أرباع الناس أن اتباع أساليب الاتصال المادي يظهر مزيداً من الاهتمام بالشخص المرسل إليه. واعترف 81 في المئة بأنهم يشعرون بالحماس عندما يتلقون رسالة من شخص يعرفونه سواء أكان نصاً مكتوباً أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك عندما تلقى عليهم طرودٌ في شكل مفاجئ تحمل اسم المرسل والمرسل إليه. وتشير اخصائية علم النفس السلوكي الدكتورة سامية لطيف إلى أن أشكال الاتصال الرقمي غالباً ما تتألف من عبارات قصيرة، محملة برموز تعبيرية. وتقول: «لسوء الحظ، هذا يمكن أن تجعل علاقاتنا وصداقاتنا سطحية، بدلاً من تعزيزها وإعطائها المزيد من المعنى والعمق». وتسعى شركة «إبوستبارسيلز» إلى إعادة هذا الاسلوب في التواصل، إذ توفر حوالى 100 رمز للتسليم في اليوم التالي مجاناً، لتشجيع الناس على استخدام البريد بالطريقة التقليدية. يذكر أن أول من ابتكر فكرة صندوق البريد هو الفرنسي جان جاك دي فيلاي عام 1653، بعدما عانى سكان باريس من مشكلة في التواصل، حيث لم يكن يوجد سوى أربعة مكاتب للبريد. وقرر فيلادي ابتكار صناديق تعلق على الحائط في أركان الشوارع الرئيسة للعاصمة، ليستطيع أي شخص من وضع خطاباته، بشرط أن تحاط بتذكرة مدفوعة الأجر ليتم جمعها من الصناديق بشكل يومي.
مشاركة :