أصدرت أعلى سلطة قضائية في العراق اليوم (الإثنين) أمراً بوقف الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان المقرر في 25 أيلول (سبتمبر) الجاري، بعدما أعلن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي طلبه رسمياً من المحكمة الاتحادية العليا تعليق خطط الاستفتاء. وقال مدير المكتب الإعلامي للمحكمة اياس الساموك في بيان، «بعد المداولة ولتوافر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت أمراً ولائياً بوقف إجراءات الاستفتاء المنوي إجراؤه في 25 أيلول، لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور». وذكر مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان ان المحكمة الاتحادية العليا وافقت على طلبه «في شأن عدم دستورية إجراء انفصال أي إقليم أو محافظة عن العراق». وقدم عدد من النواب والسياسيين العراقيين طلبات لدى المحكمة للبت بعدم دستورية قرار رئيس إقليم كردستان إجراء استفتاء لإعلان استقلال الإقليم. والمحكمة الاتحادية العليا معنية بحسم النزاعات بين الحكومة المركزية والأقاليم ومن بينها كردستان، لكنها لا تملك سبيلاً لفرض قراراتها على الإقليم. وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أعلن في حزيران (يونيو) الماضي الـ 25 من أيلول موعداً لإجراء الاستفتاء. لكنه مع ذلك، أوضح في مناسبات عدة أن فوز معسكر الـ «نعم» لا يعني إعلان الاستقلال على الفور، بل بداية لمفاوضات جدية وشاملة مع الحكومة المركزية في بغداد. وصادق برلمان الإقليم الجمعة على إجراء الاستفتاء في موعده. وكانت الأمم المتحدة قدمت اقتراحاً لبارزاني يقضي بالعدول عن الاستفتاء في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق شامل حول مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات. وعلى رغم أن الزعيم الكردي أعاد التأكيد السبت أن «لا إلغاء ولا تأجيل» للاستفتاء، إلا انه ترك الباب موارباً أمام المفاوضات، قائلاً «إذا كان هناك بديل أفضل، فأهلاً وسهلاً». وأعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون انه سيتوجه بعد ظهر اليوم إلى إقليم كردستان في محاولة لإقناع رئيس الإقليم بالتخلي عن الاستفتاء. وقال فالون خلال مؤتمر صحافي عقد في بغداد «سأكون بعد الظهر في أربيل لأقول لبارزاني اننا لا نؤيد استفتاء الأكراد. نحن ملتزمون سلامة العراق والعمل مع الأمم المتحدة من اجل بدائل عن الاستفتاء». وأعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ان الاستفتاء المرتقب حول استقلال اقليم كردستان «مبادرة غير مناسبة»، داعياً إلى حوار بين بغداد واقليم كردستان. وتابع: «يشتمل الدستور العراقي على عناصر شديدة الأهمية في شأن الحكم الذاتي، يجب احترامها وتثبيتها وتأمينها في إطار حوار بين بغداد وكردستان. ويبدو لنا أن أي مبادرة أخرى ستكون غير مناسبة». وأضاف: «نحن في العراق للاعداد لمرحلة ما بعد داعش، وبالنسبة لنا فإن ما بعد داعش يفترض نظام حكم يشمل الجميع ويحترم الدستور العراقي وبعده الفيديرالي والمجموعات التي تشكله ووحدة أراضي العراق». إلى ذلك، قال الجيش التركي إن دباباته أجرت تدريبات على الحدود مع العراق اليوم (الإثنين)، قبل أسبوع من إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي وصفته أنقرة بأنه «تهديد» لأمنها القومي. وتزامنت التدريبات مع تصاعد الاحتجاجات والتحذيرات من جانب تركيا والحكومة المركزية في بغداد وجارتهما إيران ضد الاستفتاء الوشيك في إقليم كردستان. وحذرت إيران، التي تخشى مثل تركيا من أن يشجع الانفصال مواطنيها الأكراد على السعي لطلبه، من عواقب لم تحددها إذا مضى الأكراد قدما في مسعاهم. وقال رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم إن أي تهديدات داخلية أو خارجية ستواجه برد فوري. ونشرت قيادة الجيش التركي صوراً لدبابات مسرعة على طرق عدة مثيرة غباراً خلال التدريبات. وفي تركيا، ذكرت وكالة «دوجان» للأنباء أن حوالى 100 قطعة عسكرية تركية، غالبيتها دبابات، شاركت في المناورة على مقربة من معبر الخابور الحدودي مع العراق. وشاركت مركبات تحمل صواريخ ومدافع «هاوتزر». وقالت مصادر في الجيش التركي إن التدريبات ستستمر حتى يوم 26 أيلول (سبتمبر) الجاري، أي تنتهي بعد يوم واحد من موعد إجراء الاستفتاء. ولم تذكر تركيا تحديداً كيف سيكون رد فعلها في حال مواصلة السعي نحو إجراء الاستفتاء. وقدمت أنقرة موعد اجتماعات حكومتها ومجلس أمنها القومي إلى يوم الجمعة، أي قبل ثلاثة أيام من إجراء الاستفتاء، بهدف مناقشة الوضع. وقال يلدريم في خطاب في مدينة شانلي أورفة بجنوب تركيا «على هؤلاء الذين يطاردون أحلامهم في سورية والعراق أن يعلموا جيداً للغاية أن أي محاولة تهدد أمننا القومي، سواءً من الداخل أو من خارج حدودنا، سيكون الرد عليها فورياً وبالمثل». وأصدرت إيران أيضاً تحذيراً غير مباشر إلى الأكراد، إذ قالت إن أمنهم سيتأثر إذا جرى تهديد وحدة العراق. ونقلت قناة «برس تي.في» التلفزيونية الحكومية عن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قوله: «أي ضرر بهذا المبدأ الاستراتيجي (وحدة العراق) سيؤدي إلى مراجعة وتغيير التعاون القائم بين إيران وإقليم كردستان العراق».
مشاركة :