معبر رأس الجدير بين تونس وليبيا يعيش أزمة جديدة بقلم: آمنة جبران

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

معبر رأس الجدير بين تونس وليبيا يعيش أزمة جديدةخلّفت اضطرابات أمنية تشهدها مدن ليبية أزمة عبور جديدة عبر الحدود البرية بين تونس وليبيا. وأغلقت السلطات الليبية منذ الأحد معبر رأس الجدير من جهتها لأسباب أمنية إثر اندلاع مواجهات بمدينة صبراتة غرب ليبيا. كما رفعت القوات الأمنية والعسكرية التونسية درجات تأهبها على الحدود بين البلدين.العرب آمنة جبران [نُشر في 2017/09/19، العدد: 10756، ص(4)]نقطة تواصل تونس- خلفّت الاضطرابات الأمنية التي تشهدها مدن ليبية أزمة عبور جديدة بين الطرفين التونسي والليبي. وأوقفت السلطات الليبية منذ الأحد حركة العبور عبر المعبر الرئيسي رأس الجدير الحدودي بين ليبيا وتونس من الجهتين لأسباب أمنية، على إثر اندلاع مواجهات بمدينة صبراتة غرب ليبيا، فيما رفع الأمن التونسي المتمركز على امتداد الشريط الحدودي الفاصل بين البلدين المجاورين درجة التأهب تحسبا لأي طارئ. وسادت مدينة صبراتة القريبة من الحدود التونسية نزاعات مسلحة بين ميليشيات محلية، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، ما عطل حركة العبور نحو تونس عبر رأس الجدير. وقال العقيد المتقاعد مختار بن نصر، خلال تصريحات لـ”العرب”، إن “إغلاق المعبر من فترة إلى أخرى يعود أساسا إلى الأزمة الليبية وفوضى السلاح الموجودة وعدم قدرة السلطة الليبية على بسط كامل نفوذها على كامل ترابها”. ولفت بن نصر إلى أن “الانفلات الأمني بليبيا له انعكاساته الأمنية على تونس نظرا إلى تخوّف البلاد من دخول عناصر إرهابية للتراب التونسي”. وتشدد تونس الإجراءات الأمنية خاصة على حدودها مع ليبيا بسبب التهديدات الإرهابية، وكذلك بسبب الهزائم المتتالية التي مُنيت بها الجماعات المتطرفة بالجارة الشرقية مما يثير المخاوف من إمكان هروبها إلى تونس. وأضاف بن نصر “نعلم أن أنصار الشريعة التونسي مجموعة إرهابية وحركة محظورة في تونس لكنها تشتغل الآن مع أنصار الشريعة الليبي الذي أعلن حل نفسه في وقت من الأوقات، لكنه باق تحت مسميات أخرى وهي مجموعات مسلحة تنتمي إلى فجر ليبيا”. وتأسس تنظيم أنصار الشريعة في تونس في أبريل عام 2011، بعد حوالي ثلاثة أشهر فقط من الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. ويتبنّى التنظيم فكرا جهاديا تكفيريا ما جعل الحكومة التونسية تصنفه منظمة إرهابية منذ عام 2013. وأكد بن نصر “من شأن هذه العوامل أن تقلق وتزعج السلطات التونسية وتضعها في حالة استنفار دائم نظرا إلى أنّ هذه العناصر تشتغل على تهريب الأسلحة على الحدود وكذلك تخطط لمرور الإرهابيين”.مختار بن نصر: إغلاق المعبر من فترة إلى أخرى يعود أساسا إلى الأزمة الليبية ورافقت الدوافع الأمنية لإغلاق المعبر الحدودي خلافات ومشاكل فنية بين الإدارات والأجهزة الأمنية الليبية، وتداخل البعض من الصلاحيات واختلاف وجهات النظر بشأن تسيير العمل. وأوضح بن نصر أن “تونس تشرف على المعابر عبر أجهزة نظامية كوحدات الأمن والجيش والجمارك، لكن المشكلة تكمن في الجانب الليبي حيث تتغير أحيانا المجموعات التي تحرس المعابر، وتقع خلافات بينهم فيقع غلق المعابر إلى حين الاتفاق على صيغ معيّنة للعمل”. وأردف “عندما تقع هذه المشكلات تتعطل بذلك حركة المرور بين الجانبين فتونس بالطبع تمنع دخول مثل هذه المجموعات التي تسبب حالة فوضى”. وأضاف “أعتقد أنه سيقع التوصل إلى حل هذه المشكلة كما وقع تجاوزها في مرات سابقة”. ونقلت وسائل إعلام محلية ليبية عن سالم العكعاك، رئيس معبر رأس الجدير من الجانب الليبي، قوله إن “إغلاق المنفذ جاء بعد احتجاج واعتصام العاملين ومطالبتهم بإعادة تنظيم العمل وفك التداخل والعراقيل أمام أداء وظائفهم”. وأضاف العكعاك أن “العمل جار لمعالجة الأمر وتذليل الصعوبات أمام الأجهزة الأمنية البالغ عددها 13 جهازا، والتي يعمل بها أكثر من 1000 موظف”. وأشار إلى أن “المشكلة بدأت بعد حدوث تداخل في الصلاحيات واختلاف في وجهات النظر بين الأجهزة بشأن تسيير عمل المعبر، ولذلك تسعى الإدارة إلى حل هذه المشكلة”. ولفت الخبير في الاقتصاد معز الجودي، في تصريحات لـ”العرب”، إلى أن “معبر رأس الجدير هو معبر استراتيجي لكن في السنوات الأخيرة شهد مشكلات أمنية وتقنية وبات يتعرض إلى مخاطر ناجمة عن معضلتي الإرهاب والتهريب”. ومنذ ثورة 2011، تعاني تونس من ظاهرة التهريب عبر الحدود وتم في عدة مناسبات الكشف عن مخازن أسلحة في مدينة بن قردان المتاخمة للحدود التونسية الليبية. ومؤخرا أطلقت الحكومة حملة إيقافات تستهدف أشخاصا متورطين في أعمال تهريب. وقال الجودي “من الطبيعي لأسباب لها علاقة بأمن البلاد القومي والاقتصادي أن تقوم السلطات التونسية والليبية في وقت من الأوقات بإغلاق المعبر للقيام بالتحريات اللازمة تقليص ضغط على شرطة الحدود”. وكشف الجودي أن “إغلاق المعبر رغم تقليصه من مشاكل التهريب إلا أنه له تبعات سلبية حيث يؤثر على سير المعاملات القانونية، كما يؤثر على تحركات المواطنين الوافدين من الجهتين”. وطلبت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني من السلطات التونسية التدخل “الفوري” من أجل حماية العائلات التي تدخل إلى ليبيا عبر معبر رأس الجدير بعد مضايقات وقعت للبعض منها خلال الفترة الماضية حيث تم منعها من الدخول إلى تونس. ودعا وزير الخارجية محمد سيالة نظيره التونسي خميس الجهيناوي لمعالجة مشكلة غلق المعبر وتفادي أي مضاعفات، خاصة وأن عملية الإيقاف جاءت على خلفية ممارسة ليبيا حقها في مكافحة تهريب المحروقات. ووعد الجهيناوي بمعالجة الأمر “بحكمة في إطار العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين”. ومنعت السلطات الليبية عددا من التجار التونسيين في مدينة بن قردان من تمرير بضائع وبنزين، مما تسبب في حالة من الغضب لدى التجار الذين طالبوا بتسهيل مرورهم باعتبارهم يشتغلون في التجارة الحدودية بسبب محدودية إمكانيات منطقتهم. وتوجد بوابتان حدوديتان بريتان بين تونس وليبيا: الأولى هي معبر رأس الجدير الذي يقع في مدينة بنقردان التابعة لمحافظة مدنين، والثاني هو معبر ذهيبة – وازن ويقع في مدينة ذهيبة من محافظة تطاوين. ويشهد المعبر الثاني تدفقا كبيرا من العابرين من البلدين إلى جانب عبور الشاحنات التجارية.

مشاركة :