لعب على المحاور: أعداء الأمس حلفاء اليوم

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لعب على المحاور: أعداء الأمس حلفاء اليومأعلنت حركة حماس حل اللجنة الإدارية التي شكلتها لإدارة القطاع، ورغبتها في التفاوض لتشكيل حكومة مع حركة فتح وتمهيد الطريق للمصالحة الفلسطينية، كما أعادت الحركة علاقاتها الوثيقة مع القاهرة، وهي كلها خطوات تساهم في زيادة تقويض النفوذ القطري، وتقلص من تصورات الحركة للاستفادة من التناقضات.العرب محمود زكي [نُشر في 2017/09/19، العدد: 10756، ص(6)]يجب تحديد هدف الرؤية القاهرة- شهدت العلاقات بين الحكومة المصرية وحركة حماس تحسنا ملحوظا منذ يوليو الماضي، بدأت بسلسة لقاءات بين مسؤولين مصريين وأعضاء بالحركة وانتهت بزيارة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية هي الأولى لمصر منذ توليه المنصب. وصاحبت الزيارة سلسلة من القرارات والمواقف ذات الدلالات السياسية، بينها الحديث عن فتح مكتب حماس بالقاهرة كمقر رئيسي بدلا من الدوحة. وبحث هنية مع مسؤولين في المخابرات المصرية عددا من القضايا أبرزها المساهمة في تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة وتحقيق المصالحة الوطنية بفتح باب الانتخابات التشريعية والرئاسية في غزة وتشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية. وتأمل القاهرة في تكوين جبهة مشتركة مع حركة حماس لمحاصرة الإرهاب في شمال سيناء وتخفيف النفوذ القطري في القطاع. ويقول سمير غطاس، نائب في البرلمان المصري والخبير في الشؤون الفلسطينية، إن “التطورات في ملف حماس أمر يخص الأمن القومي المصري على مستوى سيناء أو القطاع، لأن غزة تمثل تهديدا مباشرا لأمن مصر، في ظل الأعمال الإرهابية المستمرة في شمال سيناء”.ملف حماس والإرهاب وقطر متشابك إلى حد كبير، وإيجاد حل لوقف العمليات الإرهابية في سيناء يحتاج إلى التقارب مع حماس والتغاضي عن تجاوزاتها السابقة وأضاف غطاس لـ”العرب” أنه منذ بدء التفاهم بين مصر وحماس والإرهاب يتراجع، ولعل أبزر الدلائل مقتل القيادي البارز لتنظيم داعش في سيناء محمد أبودلال، لافتا إلى أن “المصالحة الفلسطينية تصب بالأساس في صالح مصر ولذلك سمحت الحكومة المصرية لأول مرة أن يلتئم المكتب السياسي لحماس في القاهرة، في المقابل شرعت حماس في غلق منافذ التهريب إلى سيناء”. لكن مصادر مصرية، أكدت لـ”العرب” أن ما تقوم به حماس على المستوى الأمني غير كاف حتى الآن، وأمامها المزيد من الخطوات لسد المنافذ تماما، وتتم مساعداتها تقنيا ومعلوماتيا، وعليها أن تتخلى عمّا يمكن وصفه بالتلكؤ، والفترة المقبلة مرجح أن تشهد المزيد من التعاون، خاصة في ظل المسؤوليات التي سوف يقوم بها التيار الإصلاحي بقيادة من محمد دحلان، وإذا نجحت المصالحة الفلسطينية ووصلت إلى هدفها يمكن أن يتزايد الاستقرار في غزة ما ينعكس إيجابا على سيناء. وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة، أفشلت حماس اتفاقات عدة بسبب تغير مصالحها، بداية من اتفاق مكة في فبراير 2007، مرورا بالقاهرة 2009، و2011، وصولا إلى الدوحة 2012 واتفاق الشاطئ 2014، والتي نقضتها الحركة في كل مرة، وهو ما يجعل نوايا قيادات حماس مشكوكا فيها ومتغيرة حسب الظروف والمصالح. ومازالت حماس تتمتع بعلاقات وثيقة مع كل من قطر وتركيا وإيران، التي لعبت أداورا بارزة في غزة، من حيث الإمدادات والمساعدات وبالتالي لا يجب إعطاء الحركة الأمان الكامل، لأنها لا تعتد كثيرا بالاتفاقات التي تعقد معها. وكشفت مصادر لـ“العرب” أن الاتفاق غير المعلن بين القاهرة وحماس يقوم على فتح معبر رفح لمدة أطول وزيادة إمدادات وواردات الطاقة، مقابل تقديم حماس معلومات حول عمليات تهريب السلاح والأفراد والمؤن للمتشددين في سيناء. وتسعى مصر إلى فرض تعاون يسمح بسيطرة جيدة على الحدود والأنفاق وتسليم منفذي الهجمات المسلحة، وهو ما ظهر بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، بعدما عززت حماس الأمن على طول حدودها مع سيناء ونشرت المئات من قوات الشرطة وأنشأت المزيد من أبراج المراقبة. لكن لا تعني هذه التنازلات التي أعلنت حماس عن تقديمها أنها تجازف بعلاقاتها مع قطر والتي تمثل مصدر دخل رئيسي للحركة، وما تقوم به قد يندرج تحت رغبتها الشديدة في الانحناء للعواصف السياسية. ويقول عصام حسين، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إن قطر خلال السنوات الخمس الماضية، استغلت انشغال القاهرة في سياساتها الداخلية وحالة عدم الاستقرار الأمني وأخذت على عاتقها دور المصالحة الفلسطينية عبر دعوة الأطراف الفلسطينية للدوحة عشرات المرات وتقديم المساعدات بشكل مستمر لتفرض نفسها كدولة ذات نفوذ على فلسطين. وأضاف لـ”العرب” أن “ملف حماس والإرهاب وقطر متشابك إلى حد كبير، وإيجاد حل لوقف العمليات الإرهابية في سيناء يحتاج إلى التقارب مع حماس والتغاضي عن تجاوزاتها السابقة وإضعاف تواجد قطر في المنطقة”. وإذا سارت الأمور، كما تريد مصر وحلفاؤها في دول الخليج، سوف تبتعد حماس خطوات كبيرة عن كل من قطر وتركيا وإيران، وسط حالة من الارتباك تسود عواصم هذه الدول، بسبب كثافة التحديات التي تواجهها، والتي تجعل من الإصرار على مواصلتها دعم حماس عملية محفوفة بالمخاطر، فكل منها تواجه أزمات داخلية وعواصف إقليمية، وهو ما يضاعف من الثقة في سحب الحركة بعيدا عنها، لا سيما أن حماس تجيد القفز من السفن قبل غرقها، وهي فرصة ثمينة لها إذا فرطت فيها ربما تغرق معها.

مشاركة :