تطويق أميركي جديد حول الصين «المحور الأفريقي» - أيمن الحماد

  • 8/12/2014
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

راقبتْ الصين عن كثب الاحتفالية الأميركية – الأفريقية في البيت الأبيض، فالقادة الأفارقة الذين اجتمعوا في واشنطن خلال الأيام الماضية، لم يدر بخلدهم أن الرئيس أوباما الذي ينتمي لأب ينحدر من القارة الأفريقية، سيسمعهم ذات المُثل التي تتغنى بها الولايات المتحدة ولا تجيد الدفاع عنها، الديموقراطية، التنمية، حرية التعبير، بالنسبة لسكان قارة يشكل الفقر والمرض والعنف تحديات وجودية، بينما تمثل تلك القيم الأميركية رفاهية لم يحن وقتها بعد. ورغم أن القمة لا تعتبر عادية إذ إنها شكلت أرضية جيدة لإطلاق بعض المشاريع الاستثمارية في القارة التي أُهملت كثيراً ولم يلتفت لها بسبب الصعوبات التي يواجهها الغربيون بالمجمل نظراً للإرث الاستعماري البغيض الذي خلف وراءه بلداناً تعاني التخلف. بالنسبة لبكين التي استدارت لها وحولها واشنطن بإعلان "المحور الآسيوي" قبل عدة سنوات والذي يعطي الإذن للبحرية الأميركية بإعادة التموضع في المحيط الهادئ، واتخاذ مواقع جديدة، ويوصي بدبلوماسية نشطة في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تراها واشنطن مستقبل الاقتصاد العالمي. في ذات الوقت يغري النمو المطرد للقارة الأفريقية واشنطن لاتخاذ خطوات تعزز من تواجدها في هذه القارة، التي أولتها الصين اهتماماً منذ وقت مبكر، بالرغم من الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الحكومية والخاصة هناك، ويكفي أن الرئيس الصيني تشي جينبينغ جعل أولى جولاته الخارجية بعد توليه الرئاسة إلى أفريقيا في رسالة سياسية توحي بالأهمية الاستراتيجية للقارة السمراء في أجندة القيادة الصينية الجديدة. إذن واشنطن التي بدأت تتحسس موقع الريادة الاقتصادية حول العالم تخشى في المدى الاستراتيجي أن يؤدي الاكتساح الصيني التجاري إلى فقدانها هذا الموقع، لذا كانت مخرجات القمة ضخ استثمارات أميركية في أفريقيا لإيقاف "الاستعمار" الأصفر وهو ما دأبت على تسميته وسائل الإعلام والمراكز البحثية الأميركية، في وصفها للحضور الصيني في القارة السمراء. التوجه الأميركي نحو أفريقيا سينقل بلا شك بعضاً من أعراض التنافس حول النفوذ. يمكن أن نشهد خلال السنوات المقبلة حالة من الاستقطاب السياسي داخل أفريقيا من شأنه أن يلقي بظلاله سلبياً على حالة النمو التي تعيشها بعض بلدان القارة، التي تنازعتها طويلاً الحروب والصراعات. الوعود التي قطتعها الإدارة الاميركية لن تسهم سريعاً في ردم الفجوة بين واشنطن وبكين إذ يكفي أن نعلم بأن حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا 200 مليار دولار في العام، بينما بلغ 85 مليار دولار بين أميركا وأفريقيا، لكن من خطط البيت الأبيض خلال العقد المقبل أن يثير حنق الصين التي أرست برامج اقتصادية في القارة السمراء الغنية بالموارد الطبيعية، ولن تتورع أن تدخل في نزاع داخل الأدغال الأفريقية.

مشاركة :