التنمية ليست مشاريع إنشائية (1 – 2)

  • 9/20/2017
  • 00:00
  • 71
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه المجلس الأعلى للتخطيط فصلا جديدا من التحدي، خصوصاً للأعضاء الجدد المهنيين وذوي الخبرة ممن فرحنا بعضويتهم في ضوء تحديات اقتصادية ملحة لم تعالج بشكل جذري وبشفافية بسبب طغيان الهيمنة السياسية على عمل المجلس، مما أدى الى تناقض بالأولويات التنموية. يلاحظ طبعا ان ليس ثمة توازن بين الخبرات التي يتمتع بها معظم الاعضاء الجدد مقابل ما أثير اعلاميا ونيابيا حول احد الاعضاء، الذي له تاريخ غير مشجع، ليكون بين من لهم بصمات واضحة في مسيرتهم المهنية، وهو ما يضع آلية الاختيار تحت المجهر! نتمنى للأعضاء الجدد – وان كانت مهمتهم صعبة كما برهنت عليها ظروف المجلس خلال اكثر من خمس سنوات سابقة – التوفيق في إرساء قاعدة ليست جديدة على المستوى الاقتصادي، خصوصا في ما يتعلق بالمشاريع الإنشائية المكلفة والمرهقة لميزانية الدولة اليوم ومستقبلا ايضا. كانت لي ولغيري، خصوصا من اهل الاختصاص، العديد من التحفظات والملاحظات على النهج الذي تسير عليه خطط التنمية، حيث بدا واضحا عدم التناغم والتلاقي بين معظم الاعضاء السابقين مع القائمين على تنفيذ خطط التنمية، لا سيما في ما يتعلق بمشاريع التخطيط الضخمة التي لا علاقة لها بالتنمية الحقيقية و«إحياء دور الثروة البشرية في التنمية»! السبب يعود الى ان ثمة اختلافا كبيرا بين مشاريع إنشائية مكلفة حاليا ولاحقا من حيث تكاليف التشغيل والصيانة ومتطلبات تنموية ملحة كتنمية الثروة البشرية وخلق مشاركة شعبية في تحقيق تحولات يستفيد منها المواطن بالدرجة الاولى بما ينسجم مع متطلبات اليوم وتحديات مستقبلية لم يتم الاعداد المناسب لها بشكل واقعي! المشاريع الإنشائية التي ضمتها مجلدات التنمية ليست من مصادر تنويع الدخل القومي، الذي ما احوجنا اليه، خصوصا اذا ما تم تقييم الوضع أو المأزق الحالي لتراجع اسعار النفط وعجز الميزانية في ظل تنامي نزعة دغدغة المشاعر الشعبية والدفع بالاتكال على الحكومة، وهو للأسف ما غذته سياسات رسمية، ولعل ما يبرهن ذلك تضخم الجهاز الحكومي ككل والتوسع فيه بدلا من تقليصه! الى جانب ذلك، غياب المعالجة الواقعية في شتى مجالات العمل الحكومي، فحل بعض المعوقات المتعلقة بالدورة المستندية واستصدار الرخص لا يعني حلا شاملا لمعاناة سنوات طويلة من روتين حكومي عقيم حال ولا يزال يحول دون تحقيق نمو ملموس وواقعي الاهداف. ثمة تحد كبير امام المجلس في تحديد الاولويات والتوازن في الاهداف التنموية، فالثروة البشرية التي لم يتم التركيز عليها بقدر ما تم على مشاريع إنشائية ضخمة تمشيا مع مطالب شعبوية، وهو ما يعني رضوخ جهاز التخطيط للشارع بدلا من قيادته وهي مشكلة حكومية المنشأ! ولاشك ان التحدي الاخر في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تسببت فيها سياسات حكومية حول الشراكة مع القطاع الخاص اذا ما تم الاعتراف بالواقع ان معظم فضائح الفساد وسرقات المال العام خرجت من ارحام الادارة الحكومية وليس من القطاع الخاص ولا داعي لسرد التفاصيل! لابد من التنويه ان الحديث عن القطاع الخاص لا يعني انه ليس هناك من لم ولن يستغل نوافذ فساد الجهاز الحكومي للتربح من المال العام، وهذا لا يشمل بالتأكيد القطاع الخاص بكامله. نهضة الكويت الاقتصادية والمكتسبات الدستورية تحققت على اياد بيضاء من اهل الكويت ونتيجة تضحيات مخلصة مشهود لها تاريخيا، مما يؤكد ان الشراكة مع القطاع الخاص ليست مشوهة، كما يعتقد البعض، اذا ما تم وضع الضوابط وخضعت للرقابة الصارمة والشفافية وابتعدت بعض الأيادي الحكومية من صناعة القرارات والعقود الملغومة! خالد أحمد الطراح

مشاركة :