يتشاور وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، سعياً لإيجاد وسيلة لتشديد القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، قبل شهر من انتهاء المهلة، التي يقرر خلالها الرئيس دونالد ترامب ما إذا كانت إيران تلتزم بالصفقة التي يطلق عليها «أسوأ صفقة من أي وقت مضى» أم لا. إيران.. الحاضر الغائب أوضحت كل من الصين وروسيا أنهما يعارضان بشدة أي خطوة لإعادة النظر في صفقة إيران، على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين يراهنون على أنهما ستوافقان إذا انضم الحلفاء الأوروبيون لممارسة الضغط من أجل العمل. ثم هناك إيران التي ساءت علاقتها مع الولايات المتحدة، منذ أن تولى ترامب رئاسة البلاد، وفرضت إدارته عقوبات على طهران، أكثر من المفروضة أصلاً، لردعها عن التدخل في سورية، ومعاقبتها على مواصلة برنامج الصواريخ الباليستية. وقبل أيام قال متحدث باسم الحكومة الإيرانية إن بلاده تتوقع أن يكون الموقعون الآخرون على الاتفاقية أشد حرصاً عليها في مواجهة معارضة ترامب، ومن المحتمل أن تتمسك إيران بالاتفاق، ولو خرجت الولايات المتحدة منه. ليس تيلرسون هو المسؤول الوحيد في الإدارة الذي يستكشف سبل إقرار تماسك الاتفاق النووي، ففي الأسبوع الماضي استعرضت سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، سيناريو يظل بموجبه ترامب ملتزماً بالاتفاق، لكنها رفضت أن تربط معه التزام إيران به، واستعرضت نقل المشكلة إلى «الكونغرس»، وإجباره على اتخاذ قرار إن كان من المجدي إعادة فرض عقوبات على إيران، تم رفعها في السابق بموجب الاتفاق. ويقول أشخاص على اطلاع بمجريات المناقشات الداخلية إن فريق هالي لم يناقش مع تيلرسون ما ورد في سيناريو هالي. وردت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في بيان لها بأنها «بالطبع، ناقشت هي وفريقها المحتوى مع البيت الأبيض». وسيكون رفع القرار إلى «الكونغرس» بالطريقة نفسها التي اتبعها ترامب بشأن السياسات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك الهجرة والرعاية الصحية والإصلاح الضريبي. وصرّحت هالي لمعهد «أميركان انتربرايز» في واشنطن العاصمة، أنه «بموجب القانون، سيكون أمام (الكونغرس) 60 يوماً للنظر في ما إذا كان ستتم إعادة فرض عقوبات على إيران أم لا»، وتمضي قائلة «خلال هذا الوقت قد ينتهز (الكونغرس) الفرصة لمناقشة دعم إيران للإرهاب، ونشاطها النووي السابق، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان». نيكي هالي: لابد من توسعة نطاق الاتفاق. أرشيفية واتصل دبلوماسيون أميركيون بمسؤولين أوروبيين، ليتأكدوا مما إذا كان الوضع يتطلب جهوداً مشتركة لتمديد القيود المفروضة بشأن مستويات تخصيب اليورانيوم الإيراني، الذي من المقرر أن ينقضي في 2025 و2030 بموجب الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في عام 2015، وفقاً لمطلعين على المناقشات. ويعتقد المنتقدون للاتفاق النووي أن إيران قد تتمكن من وضع أجهزة الطرد المركزي النووية لتعمل مرة أخرى بقيود أخف مما كانت عليه الحال قبل أقل من عقد من الزمان، ما يعتبر أحد الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها الاتفاق. تيلرسون، الذي تحمل العبء الأكبر من سخط ترامب خلال تصديقه على الصفقة مرتين هذا العام حتى الآن، سيقدم توصيته إلى الرئيس قبل 15 أكتوبر، وهو الوقت الذي ينبغي أن يخطر فيه ترامب «الكونغرس» مرة أخرى ما إذا كانت إيران تمتثل للاتفاق أم لا. ويعتقد وزير الخارجية وغيره من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية أن البقاء في الاتفاق، أفضل من التخلي عنه، لأن من المعتقد أن إيران تمتثل إلى حد كبير لحرفية الاتفاق الذي توصلت إليه مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى، وفقاً لأشخاص يناقشون الجهود الدبلوماسية، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، لكنهم يرون أن من المهم إقناع ترامب بذلك. وكان ترامب قد تحدث لصحيفة «وول ستريت غورنال» في يوليو الماضي، قائلاً: «لو كان الأمر متروكاً لي لجعلتهم يتنصلون من الاتفاقية قبل 180 يوماً مضت». ويتطلب ذلك البحث عن خيارات جديدة قبل حلول الموعد النهائي في 15 أكتوبر، حيث يقتضي الأمر من الرئيس أن يؤكد كل 90 يوماً أن إيران تمتثل للاتفاق. والآن، يدرس تيلرسون ما إذا كان من الممكن إقناع الحلفاء الأوروبيين - بغض النظر عن الصين وروسيا وإيران ــ بضرورة التوسع في الاتفاق، الذي استغرق شهراً من المفاوضات لاستكماله خلال إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما. وفي الوقت الذي يجري فيه البيت الأبيض مراجعة أوسع لسياسة إيران، يرى تيلرسون وغيره من المسؤولين أن من الأفضل معالجة الاتفاق النووي كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة نشاطات إيران التوسعية، الرامية إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية، ورعايتها الجماعات الإرهابية، ودعمها نظام بشار الأسد في سورية. اتفاقات منفصلة بدلاً من إعادة صياغة الصفقة النووية، وهو احتمال رفضته الدول بالفعل، فإن هذه الأطراف ستسعى للتوصل إلى مجموعة منفصلة من الاتفاقيات، للحد من حصول إيران على تقنية الصواريخ الباليستية وتخصيب اليورانيوم، بعد «غروب شمس» آخر يوم للفترة الزمنية للاتفاق في عام 2025. ويتواصل مسؤولون من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع مع نظرائهم من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في هذا الشأن، كما توازن الإدارة الأميركية إن كان من الأجدى الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل فرض شروط أكثر صرامة على إيران للوصول إلى مواقع عسكرية. ويقول الخبير الذي ساعد في صياغة الاتفاق الأصلي، ريتشارد نيفيو، الذي يعمل الآن كبيراً للباحثين في سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا «كلنا يعلم أن وقت انقضاء الاتفاقية يمثل إشكالية كبيرة»، ويضيف «لا يفاجئني أبداً سماعي للبعض وهم يؤكدون ذلك». ماكرون.. وميركل ذكر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الشهر الماضي، أن اتفاق إيران يمكن «استكماله» ببعض الملاحق، لمعالجة ما سيحدث بعد عام 2025، والتعامل مع برنامج إيران للصواريخ الباليستية. إلا أن هذه الفكرة وجدت الكثير من التشكك من قبل المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، التي ترى «نهاية جيدة» للاتفاق الإيراني، في مقابلة صحافية نشرت لها هذا الأسبوع، والتي تعتقد أن هذا النهج يمكن اتباعه في المحادثات بشأن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. أحد المسؤولين الأوروبيين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أكد أن زيارة الأميركيين تأتي كجزء من مهمة استماع فقط بشأن سياسة إيران، وأكد أنه لا يوجد أي اتفاق في هذا الصدد. واعترف المسؤول بأنه قد تكون هناك طرق أخرى لجعل اتفاق إيران أكثر صرامة، ويعتقد أن الاتفاق جيد، لأنه يحظر على إيران امتلاك سلاح نووي، بينما يسمح للمجتمع الدولي بالتركيز على قضايا أخرى. ويقول المدير الإداري لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، «شعوري هو أن العواصم الأوروبية تفهم جيداً الحاجة إلى تقوية الاتفاق، إذا أريد له البقاء على قيد الحياة»، ويضيف «أعتقد أن هناك بالفعل مجالاً للعمل على صياغة سياسة متفق عليها في المستقبل، بغض النظر عن الخلافات التعبوية بين الولايات المتحدة وأوروبا، وسيظل هناك إجماع حول استراتيجية بشأن إيران بين الحلفاء».
مشاركة :