شكل تنظيم المعارضة القطرية مؤتمراً في لندن ضربة قاصمة للنظام القطري، بصدور معارضين له ومن رأس الأسرة الحاكمة، وهي الخطوة الأولى التي ستتبعها خطوات أخرى قد تؤثر بشكل قوي في الحكومة القطرية، بعد استقطاب المعارضة لعدد كبير من القطريين في الخارج للمؤتمر. ويرى محللون فلسطينيون أن انعقاد هذا المؤتمر في الوقت بالذات، كان فرصة سانحة لمعارضين قطريين لإظهار صوتهم الحقيقي، في ظل التهميش المسبق لهم من قبل الحكومة القطرية، وهي بمثابة لسعة أولى لأمير قطر من دائرته المغلقة ومن أقاربه، لتصويب مسار قطر. وقال المحلل السياسي د. ناجي شراب، إنه بلا شك أن أحد التحولات في إدارة الأزمة القطرية ظهور المعارضة السياسية للأسرة الحاكمة في قطر، وهي ضمن استراتيجيات وآليات يتم اللجوء إليها لخلق معارضة سياسية من داخل الأسرة ذاتها. مرحلة جديدة وأوضح أن خلق معارضة سياسية من داخل الأسرة يهدف لإحداث تغيير في الحكم من خلال تفعيل دور هذه المعارضة، وبالتالي فإن المؤتمر بداية لمرحلة جديدة من مراحل الأزمة الخليجية، وهي ورقة ضغط كبيرة على نظام الحكم في قطر. وأكد أنه لأول مرة في تاريخ قطر ظهور معارضة سياسية لحاكمها، وتنظيم مؤتمر للمعارضة، وقد تكون في بدايتها ضمن استراتيجيات معينة للعمل على تغيير الحكم من الداخل من خلال المعارضة الداخلية من نفس الأسرة الحاكمة. وأضاف: «وجود المعارضة يشكك في نظام الحكم، وهو ورقة ضغط على النظام، ولن يتوقف الأمر على تفعيل دور هذه المعارضة ووزنها السياسي ومدى استقطابها من الداخل لأنها في مرحلة مبكرة، لأن الهدف هو بلورة معارضة سياسية، ممكن أن يتسع مداها باعتراف الدول العربية بها، وقد تكون الخطوة الأولى باعتراف الدول العربية والتعامل معها، وهي خطوة من الخطوات. وقد يتم توسيع الاعتراف من دول أخرى، وإيجاد مكاتب تمثيلية للمعارضة في هذه الدول أو غيرها، وقد تصبح ورقة ضغط كبيرة أخرى على الحكم». وأشار إلى أنه من السابق الحكم عليها وعلى دورها، لأن دورها متوقف على الدور الإقليمي الخارجي ومدى الاعتراف بها، ومن السابق الحكم على فعالياتها، ولكن لا شك في أنها تشكل ورقة ضغط كبيرة على الحكم القائم. وينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أنها من داخل نفس الأسرة الحاكمة، وليست معارضة سياسية خارجية، ولكن تحتاج إلى وقت لتصل لدرجة كبيرة من الفعالية، وهذا يتوقف على قدرة الحكم القائم في قطر على الاستجابة والتكيف ومواجهة الضغوط عليه. وأفاد بأن أميركا لا يمكن أن تسمح لقطر بتدويل الأزمة الخليجية، وقطر لا تملك إلا استراتيجيات قدرتها على الصمود ضمن الدول الصغرى المحصورة، ولا يمكن أن تصمد كثيراً، وفي النهاية سوف يتم حل الأزمة بالحوار واستجابة قطر لمطالب الدول العربية، لأن السعودية والإمارات دول محورية وكبيرة جداً. من جهته، قال المحلل السياسي أكرم عطا الله، إن تنظيم المعارضة لمؤتمر في لندن يعكس الخلاف والصراع داخل العائلة الحاكمة، وهو صراع قديم ربما وجد أن هناك فرصة للتعبير عن نفسه، والأهم من ذلك من الطبيعي أن هناك قطريين من محبي السلام والاستقرار العالمي، ويغضبون عندما يجدون دولتهم تدعم الإرهاب وتشن هجوماً على الدول العربية. وتابع: «من الصعب أن تنجح المعارضة كثيراً، لأنه ثبت أن المعارضات العربية ضعيفة وتأخذ دورها في الإعلام، ولن تنجح أي معارضة إلا من الداخل، وثبت في الدول العربية أن المعارضات تجد كثيراً من الصعوبات، ولكن في الداخل هناك قمع، والتعبير عن ذلك سيكون صعباً». ولفت إلى أن الحكومة القطرية اعتبرت نفسها مثالية، وأن هناك معارضات لكل العرب وليس لديها أي معارضة، وتحظى باحترام الشعب العربي، والآن تكتشف قطر أن ملفها مفتوح، وأنها أسوأ بكثير من الدول العربية في إهدار الأموال، وإرسالها في غير صالح المواطن القطري. رسالتان قال المحلل السياسي عبدالمجيد سويلم، إن مؤتمر المعارضة في لندن يحمل رسالتين، الأولى أن هناك صوتاً آخر غير صوت السلطة الحاكمة، وهذا الصوت إن بدا ضعيفاً ومهمشاً ومحارباً، لكنه صوت حقيقي وليس مفتعلاً، ولم تبرز هذه المعارضة فقط بسبب الخلاف الخليجي أو بسبب الموقف القطري الأخير ومقاطعة الدول العربية لها. أما الرسالة الثانية فأنه لا يجوز لأحد أن يعتبر أن سطوته على الحكم والسلطة في أي بلد هي سطوة مطلقة، وفي نهاية المطاف هناك آراء ومعارضة، ولا سبيل في نهاية المطاف إلى رقي المجتمع بالتعايش والديمقراطية، وبالتالي احتكار السلطة ومنع المعارضة هي حالة خطرة على مجتمعاتنا ومستقبلنا كله.
مشاركة :