عقدت «مجموعة أصدقاء سوريا»، التي تضم دولاً عربية وخليجية وغربية، اجتماعاً على هامش اجتماعات الأمم المتحدة. وشددت الدول الأعضاء، خلال الاجتماع، على أهمية التوصل إلى عملية سياسية.وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، في ختام الاجتماع: «نعتقد أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو التوصل إلى عملية سياسية، وتوضيح للنظام الإيراني والروسي ونظام الأسد أننا لن ندعم إعادة إعمار سوريا حتى تكون هناك عملية سياسية، وفقاً للقرار 2254، مع رحيل الأسد».وعلمت «الشرق الأوسط» أن بعض الدول المشاركة في الاجتماع طرحت أفكاراً لإجراء انتخابات يشارك فيها السوريون خارج سوريا، الذين تقدر أعدادهم بـ7 ملايين لاجئ سوري. وأكدت الدول المشاركة على أهمية تشجيع المعارضة السورية للتوصل إلى توافق وموقف موحد.وشارك في المناقشة الوزارية حول سوريا، مساء الاثنين، وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأردن وتركيا وكندا وهولندا والدنمارك والنرويج والسويد، إضافة إلى مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي فريدريكا موغريني، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فلتمان.من جانبه، أكد ديفيد ساترفيلد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى أن الولايات المتحدة والدول الصديقة لسوريا لن تبدأ في عملية إعادة بناء سوريا إلا بعد بدء عملية سياسية «ذات مصداقية»، تعكس إرادة غالبية السوريين، مشيراً إلى أن جميع الدول الأعضاء المشاركة في الاجتماع اتفقت على أنه يجب أن تكون هناك عملية سياسية، وأن المجتمع الدولي والدول المشاركة في الاجتماع لن تسهم في إضفاء الشرعية، أو المصادقة على إعادة إعمار سوريا، إلا بعد التوصل لعملية سياسية ذات مصداقية.وأوضح ساترفيلد، في تصريحات في أعقاب الاجتماع الوزاري مساء الاثنين، أن العملية السياسية لا بد أن ترتكز على مخرجات جنيف، مشيراً إلى أن كثيراً من النقاشات في الاجتماع دارت حول كيفية التركيز على مخرجات جنيف بشكل عملي وواقعي، مشدداً على أن «هذا لا يعني قبول نظام الأسد ومؤيديه. ولا بد من ضرورة التحرك بأسرع ما يمكن للابتعاد عن أي حل عسكري، وخفض مستويات العنف باعتباره مفتاحاً للخطوة التالية، وهي الانخراط في عملية سياسية، وهي خطوة صعبة».وأشار مساعد وزير الخارجية الأميركية إلى «توافق للآراء حول الأولويات، وهي هزيمة (داعش)، وإنهاء العنف، وتحقيق الاستقرار لمواجهة المعاناة الإنسانية في سوريا التي أنتجها العنف، والسماح بعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم، والتوصل في نهاية المطاف إلى سوريا مستقلة غير مقسمة، وليس مسرحاً لصراعات بالوكالة عن أي دولة خارجية، سواء إيران أو أي دولة أخرى».وأشار ساترفيلد إلى أن «موارد كبيرة لدى المجتمع الدولي ستكون متاحة لإعادة إعمار سوريا»، مؤكداً: «ما لم يتحقق استقرار سوريا وإعادة الإعمار، فإن العنف يمكن أن يندلع مرة أخرى تحت اسم مختلف، لن يكون (داعش) أو (النصرة) أو (القاعدة)، والطريق الوحيد للقضاء على العنف هو تحقيق استقرار حقيقي»، وأضاف: «لهذا السبب، كل الدول الأعضاء في الاجتماع ملتزمون التزاماً مطلقاً بضخ استثمارات كبيرة، حيثما تبدأ وتتحرك قدماً عملية سياسية ذات مصداقية».وحث مساعد وزير الخارجية الأميركي قوى المعارضة السورية على أن تكون ذات مصداقية في مواقفها، وأن تعمل معاً، وتأتي إلى جنيف بآراء توافقية، بحيث تكون قادرة على لعب دور بشكل متماسك، وتحقيق أهدافها السياسية. وقال: «إذا استطاعت القيام بذلك، نعتقد أنها يمكن أن تكون أكثر تأثيراً في تحقيق النتائج التي تريدها المعارضة السورية، ويريدها الشعب السوري كله».وأبدى ساترفيلد تفاؤلاً كبيراً بتغير الظروف بين الاجتماع الوزاري العام الماضي وهذا العام، مشيراً إلى أن سوريا في العام الماضي عانت من كوارث إنسانية وحالة فوضي، وقال: «الحاجة إلى حل سياسي كانت واضحة قبل عام، لكن الطريق إلى حل سياسي كان لا يمكن أن يتقدم بينما كان العنف مستشرياً، كما كان الحال آنذاك. والآن، وبسبب الدور الذي تؤديه مناطق تخفيف حدة التصعيد، وعمل الدول أصدقاء سوريا، انخفض العنف بشكل كبير، وتقلص عدد النازحين».وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركي أن «هزيمة (داعش)، واستعادة الأراضي في سوريا والعراق، تتقدم بشكل كبير وأسرع من المتوقع»، وقال: «بإمكاننا أن نرى الطريق لإنهاء (داعش)، وهذا هو الجزء السهل، والجزء الصعب هو إجراء العملية السياسية، وكل الدول في الاجتماع تؤمن إيماناً راسخاً بضرورتها، وهذه العملية السياسية حاسمة، ليس فقط لنا بل يجب أن تكون للنظام السوري ومؤيديه، مثل روسيا. ومن دون العملية السياسية، لن تحصل مشاركة دولية في إعادة إعمار سوريا».من جهة أخرى، حذرت فرنسا من أن يؤدي الوضع الحالي في سوريا إلى تفكك البلاد بصورة دائمة، وفتح الأبواب أمام جماعات متشددة، إذا لم تتخذ الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن موقفاً موحداً للتوصل لحل سلمي، داعية إلى تشكيل مجموعة اتصال تساهم في إنهاء الصراع السوري. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: «الخطر الأكبر هو أن تحدد المواقف العسكرية مستقبل سوريا، وهو ما ستكون له عاقبتان: أولاهما انقسام الدولة، والثانية إعطاء فرصة لأشكال جديدة من التطرف لتحل محل تنظيم داعش».وأضاف لودريان أن «الواقعية تحتم عدم بقاء الأسد في السلطة بعد فرار ملايين السوريين من البلاد بسبب الحرب، وأن من الضروري أن تعمل القوى الرئيسية معاً للمساعدة في إحياء محادثات السلام في جنيف».إلى ذلك، التقى المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية»، رياض حجاب، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الاثنين، في نيويورك، وأكد أن «الدعوة لبقاء الأسد تفاقم الأزمة القائمة، وتطيل عمر نظام فاقد للشرعية».واستعرض الجانبان، بحسب بيان لـ«الهيئة»، «المستجدات المتعلقة بالملف السوري على الصعد السياسية والميدانية، والجهود الدولية الداعمة للحل السياسي في سوريا». ونوه حجاب بـ«مبادرة الرئيس الفرنسي الأخيرة لتشكيل لجنة اتصال من الدول الخمس دائمة العضوية، زائداً الأطراف المؤثرة في المنطقة. ذلك أن المبادرة تكسر محاولات القوى الحليفة للنظام احتكار صياغة الحل السياسي، وفق أطماعهم التوسعية وأجندات مد نفوذهم عبر الحدود».وأكد حجاب أن «تحقيق عملية الانتقال السياسي في سوريا يمكن عبر محاسبة بشار الأسد، الذي قتل أكثر من نصف مليون سوري، وهجر الملايين، ودمر البينة التحتية، ومزق النسيج الاجتماعي السوري، وولد الإرهاب»، وقال: «لا نملك تخويلاً من الشعب بذلك، خصوصاً أنه فقد تأييد غالبية مكونات المجتمع السوري».كما التقى حجاب وزير الدولة لشؤون التنمية الدولية، ووزير الدولة للشرق الأوسط، البريطاني أليستر بورت.
مشاركة :