جرس الإنذار الذي قرعته كلمات خادم الحرمين الشريفين القوية والصريحة تردد صداه في أنحاء العالم، فقد تحدث الملك عبدالله باسم الضمير الإسلامي والعربي والإنساني محذراً من خطر الإرهاب الداهم.. والتوصيف الدقيق للخطر الماثل الذي أوضح خادم الحرمين الشريفين أبعاده بجلاء أصاب كبد الحقيقة، فنحن نشهد اليوم تصعيداً خطيراً في الأنشطة الإرهابية وبعد أن كانت المنظمات الإرهابية تعمل كخلايا في العديد من دول المنطقة، أصبحنا نرى اليوم «جيوشاً إرهابية» عابرة للحدود تلغي الجغرافيا السياسية وتقيم إمارات ودويلات وتطرد مواطنين من موطنهم بسبب هويتهم الدينية أو الطائفية وتحتل حقول النفط ومصافيه وتبيعه في السوق السوداء لتحصد ملايين الدولارات لتمويل أنشطتها الإجرامية، وفوق كل ذلك يمارس الإرهابيون هوايتهم في قتل الأبرياء وسفك دمائهم باسم الإسلام وإمعاناً في الاستهتار بالقيم الإسلامية والإنسانية. ينشر الإرهابيون جرائمهم الوحشية عبر وسائط الإعلام الإسفيري صوراً ومقاطع فيديو تقشعر منها الأبدان. هذا هو المشهد الذي حذر خادم الحرمين الشريفين الأمة والمجتمع الدولي من عواقبه الوخيمة، ووجه نداء مخلصاً للقادة والعلماء والمفكرين والمثقفين والمنظمات الإقليمية والدولية بضرورة التعاون وحشد الطاقات لحماية الإنسانية من مخاطره الآنية والبعيدة المدى. وبصراحته وشجاعته المعهودة ندد خادم الحرمين الشريفين بتخاذل المجتمع الدولي وتجاهله للفوضى المدمرة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، محذراً من الإرهاب بكل أشكاله بما في ذلك إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، مطالباً علماء الأمة الإسلامية بأداء واجبهم تجاه دينهم وأن يقفوا في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام وتشويه صورته وقيمه وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب. هذا النداء القوي الذي ترددت أصداؤه فى الأوساط السياسية والإعلامية في كل أنحاء العالم يكتسب أهميته من كونه يصدر من خادم الحرمين الشريفين بكل ما يمثله من ثقل إسلامي وعربي في ميزان القيادة السياسية العالمية، وعندما يعلن إمام المسلمين في بلد الحرمين الشريفين، حيث مهبط الوحي ومهد الرسالة الإسلامية براءة الإسلام من الفكر الإرهابي الإجرامي المتطرف الذي تتبناه منظمات وجماعات الخوارج الجدد الذين خرجوا عن الجماعة المسلمة وانتهكوا الحرمات، فإن هذا الموقف الحازم الواضح يصبح هو المعبّر عن ضمير الأمة الإسلامية؛ وهو صوت الإسلام الحقيقي بكل ما يمثله من قيم إنسانية حافلة تدعو للسلام والمحبة والخير. إن الإسلام هو دين التسامح والاعتدال الذي ملأ الأرض عدلاً وسلاماً ومحبة، وعقيدة الإسلام الوسطية الصحيحة تفتح آفاقاً واسعة للتعايش والتعاون حتى مع من لا يدينون بدين الإسلام، والمملكة من منطلق مسؤوليتها في خدمة الإسلام والمسلمين لم تألُ جهداً في تقديم الإسلام في هذه الصورة الزاهية للعالم، ومبادرات خادم الحرمين الشريفين التاريخية للحوار بين أصحاب الديانات السماوية وجهوده المثابرة لتعزيز وتكريس ثقافة الحوار الحضاري والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات انطلاقاً من القيم الإنسانية المشتركة تمثل الأسس العقلانية والحكيمة لإرساء دعائم تعاون عالمي يحمي الحضارة الإنسانية من خطر الفوضى المدمرة والحروب الدينية والطائفية التي يريد الإرهابيون إشعالها في كل مكان. لقد أبرأ خادم الحرمين الشريفين ذمته وقال كلمة الحق وحدد معالم طريق الخروج من مزالق هذه الفتن المدلهمة ووضع علماء المسلمين أمام مسؤوليتهم وواجبهم الديني، محذراً من الكسل والتقصير في الدفاع عن عقيدة الإسلام الصحيحة والذود عن حياضها، وبقي أن تتضافر جهود القادة والعلماء من العالم الإسلامي خاصة والمجتمع الدولي بقياداته ومنظماته عامة للتصدي لخطر الإرهاب والفوضى في عمل منهجي ومنظم يأخذ في الحسبان الظاهرة الإرهابية بكل أبعادها الفكرية والسياسية والاجتماعية.
مشاركة :