جنيفر لورنس لـ«الشرق الأوسط»: لم أمثّل في حياتي فيلماً بهذه القتامة

  • 9/21/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أن يسمّـي المخرج دارن أرونوڤسكي فيلمه الجديد بـ«أم!» (مع علامة تعجب) حمل السيناريو عنواناً مختلفاً هو «اليوم السادس». هذا العنوان إنجيلي يتطابق وما يستند إليه الفيلم من استعارات ومضامين دينية، لكن المخرج اختار تغيير العنوان دون أن يتدخل لتغيير المضمون، واكتفى بالبحث عن اسم يرمز إلى عنصر آخر من عناصر الفيلم المثارة وهو الأرض. فالأم هنا هي الأرض التي نعيش فوقها. المنزل هو الدنيا ونحن (الجمهور لنحو ساعتين محبوسون داخلها مع أربع شخصيات، كل منها تحمل دلالة وشخصية جنيفر لورنس هي تلك التي تمثل «أمنا الأرض»).عندما عرض الفيلم في مهرجان ڤينيسيا الأخير استًقبل بانقسام ملحوظ في الآراء، وهذا تكرر في مهرجان تورونتو وفي الصحافة عموماً. هناك من وصفه بـ«الفيلم الرائع» وهناك من وجد أن لا شيء في الفيلم «يعني شيئا منطقياً».يدور الفيلم حول زوجين (على الأرجح) يعيشان في منزل قديم. ويقدمهما المخرج بلا أسماء. هو شاعر حقق نجاحاً محدوداً، لكنه يعاني الآن إفلاسا فكريا. هي دائماً مشغولة بإصلاح البيت وتجديده. كلاهما مرتبط بالعيش فيه، لكن علاقتهما الفعلية بين بعضهما بعضا محدودة. فجأة يدخل حياتهما رجل وامرأة آخران يشاطرانهما العيش. هو يرحب بالفكرة وهي تخشاها ولا تتأقلم معها. الأزمات تتفاعل وتتصاعد من هذا الوضع. جنيفر لورنس تلعب دور المرأة التي بلا اسم، لكنها المقصودة بكلمة «أم». في الفيلم كل تلك التداعيات التي اشتهرت بها أفلام أرونوڤسكي، الذي كان تطرق للموضوع الديني قبل عامين عندما أخرج «نوح» الذي فشل فنياً وتجارياً. لا يهم كثيراً ما يفكر المخرج به. المهم أكثر أنه ينشغل بتطريزها على نحو يجعل الوقع المنشود حاضراً لذاته وليس موحياً به. بذلك هو فيلم ينحو، في ثلثه الأخير، نحو الرعب، لكنه يفشل منذ البداية في تقديم ما ينتمي إلى المخرج ذاته.رغم أن جنيفر لورنس هي اختيار المخرج لتكون معبراً للصدمات (ما يفسر السبب في تصويرها ملتاعة طوال الوقت)، إلا أنها تبقى بنجاح عنوان الفيلم الفعلي رمزياً وفعلياً. «الشرق الأوسط» التقت جنيفر لورنس التي تحدثت عن رؤيتها لموضوع الفيلم ولماذا قامت بتمثيله، وفيما يلي نص الحوار:> موضوع هذا الفيلم صعب ومشاكس للإيمان. ماذا كانت ردة فعلك الأولى عندما قرأت السيناريو؟ - كرهته. ذعرت. أردت أن أرمي السيناريو خارج المنزل. خطر لي أنه فيلم شيطاني. خفت منه. لكني فكرت أن هذه هي رؤية المخرج، وأن عليّ أن أدافع عن حريته في التفكير. كنت أعلم أنه فيلم داكن ومهين، لكنني وجدت نفسي منجذبة للفكرة الأساسية التي يعبر عنها وأردت العمل مع أرونوڤسكي.> مثل أفلام أخرى للمخرج دارن أرونوڤسكي لم يجد هذا الفيلم استحسانا شاملاً بين النقاد. ومع أن هذا كثير الحدوث في شتى الأفلام، إلا أن حدوثه في فيلم يجمع بينكما لا بد أن له دلالة ما. ما تعتقدين هذه الدلالة؟ - كل أفلام أرونوڤسكي تعرضت إلى ردود فعل مختلفة، بل متناقضة من قبل النقاد؛ لذلك لا أعتقد أن هذه المسألة لها علاقة بمستوى الأفلام نفسها، هي متعلقة أكثر بالنقاد. لا أحاول أن أقول: إنهم مخطئون أو على صواب. أنها مسألة تتعلق بأذواقهم الشخصية. أكثر من ذلك أعتقد أنه من الرائع فعلاً أن يعارض الفيلم البعض ويعجب به بعضهم الآخر. يفعلون ذلك في كل فيلم يقدمه أرونوڤسكي في المهرجانات.> هل جال في بالك مثلاً أن هذا الموقف هو أكثر من اختلاف آراء. ربما أقرب إلى رفض الفيلم؟ - أعتقد أننا، أرونوڤسكي ونحن كممثلين، حققنا فيلماً يصرخ بصوت عال. فيلم عدائي، بل يمكن اعتباره إهانة لمعتقدات اجتماعية سائدة أو مواقف مبنية على خداع مستتر. وما كان يهمنا هو أن نقدم هذه الحكاية للعلن، وأعلم أن (المخرج) أراد التعبير عنها منذ فترة طويلة. كانت الفكرة تعيش في باله منذ زمن. هذا في رأيي الأهمية الكبرى. إنه فيلم صعب للمشاهدة؛ لأنه يجعلك تفكر وتشعر. إذن لا، لا أعتقد أن الفيلم كان مرفوضاً. أنا فخورة به وأعتقد أن الفيلم عبقري، لكنني أوافقك على أنه ليس لكل المشاهدين.> هل كان صعباً عليك كممثلة أن تجدي نفسك أمام الكاميرا في لقطات متابعة وقريبة طوال الوقت؟ - لقد سبق التصوير ثلاثة أشهر من التدريب وبوجود المصورين؛ لذلك أعتقد أنه حين بدأنا التصوير الفعلي كنت مستعدة لذلك.> ذكرت مرّة أنك لا تقدمين على التدريبات بل تقرأين السيناريو ثم تتوجهين إلى التصوير مباشرة. قيامك إذن بالتحضير لثلاثة أشهر كان أمراَ مختلفاً وجديداً... - كان كذلك بالفعل. لقد منحني اقتراباً مثالياً للشخصية التي أمثلها. منحني الوقت لكي أجدها وأعبر عنها بشكل كامل ومختلف عن أي شيء فعلته من قبل. حين تسلمت السيناريو بدأت بتدريب نفسي على الإلقاء، لكن لا شيء مما قمت به كان صحيحاً أو ملائماً. تصارعت أنا والشخصية وتصارعت مع مشاعري. فكرت أن هذا الدور ليس لي. يحتاج إلى ممثلة تستطيع أن تعكس ضعفاً وليس ثقة. هنا كان للتدريب مفعوله الساحر.> تمت التدريبات في مونتريال كما علمت... - والتصوير تم هناك أيضاً. كنا نحن الأربعة ميشيل (فايفر) وإد (هاريس) وخافييه (باردم) نتبادل الآراء حول أدوارنا، ونتحدث حول شخصياتنا طوال الوقت. ثم جاء المخرج وسألني ماذا سأفعل بصوتي؟ قلت له لا أعرف... ألا يكفي تغيير الملابس هل يجب أن أغير صوتي أيضاً (تضحك).> تمثلين معـظم الدور وأنت حافية. تركضين أو تمشين في البيت حافية. هل لذلك سبب آخر غير تعريضك للأذى؟ - (تضحك)... لم أصب بأذى من جراء المشي حافية في البيت. لم نبدأ التصوير كل يوم إلا من بعد تنـظيف الأرض تماماً. لكني في أحد المشاهد الأخيرة أذيت طبلة أذني، وتطلب الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تشفى. لكن السبب في أن المخرج طلب مني تأدية دوري حافية يعود إلى أنني أمثل أمّـنا الأرض. هذه هي الاستعارة المجازية التي يعنيها التمثيل حافية. في الفيلم لا أستطيع مغادرة المنزل لأن المنزل هو هذه الدنيا.> ما رأيك إذن بما يحدث للأرض؟ هل تهتمين بمسائل التلوث البيئي وكيف؟ - هذه واحدة من مضامين الفيلم المهمّـة في رأيي. رسالته المواجهة لما يحدث داخل البيت. كما ذكرت البيت هو المجاز للعالم، وبالطبع أنا مهتمة؛ لأني خائفة مما تتعرض له الأرض من تغيير. ما هو مخيف أن المسؤولين حول العالم لا يكترثون لهذا الأمر، ولا لما سيقع في المستقبل نتيجة ذلك. كل عام نتعرض لمقياس عال من الحرارة. في العام 2014 وصلت الحرارة إلى رقم قياسي. والعام 2015 كان أسوأ منه، ثم العام الماضي كان رقماً قياسيا آخر بالنسبة لسخونة الطقس ونتائج ذلك. العواصف التي اجتاحت تكساس كانت نادرة... الآن هي متكررة والأرض مرشحة للمزيد. إنه أمر مخيف.> إنه فيلم داكن في أحداثه وفي رسالته بالفعل. هل ترك عندك أي أثر نفسي أو صدمة؟ - حتى من قبل أن يبدأ التصوير وجدت نفسي قلقة على نفسي من الاندماج مع هذا الموضوع الداكن. قبل التصوير بيومين استلقيت لكي آخذ غفوة بعد الظهر ووجدت نفسي بعد قليل متوترة جداً. أخذت أفكر كيف سيكون حالي وقت التصوير وبعده. لم أمثل في حياتي فيلما بهذه القتامة.> ما الذي حدث لك بعد أيام التصوير الأولى؟ - السؤال كان إذا ما كنت أستطيع أن أعود إلى طبيعتي بعد التصوير أم لا. أقصد في نهاية يوم من العمل. كان علي أن أجد مكاناً ألجأ إليه داخل ذاتي لكي أشعر بأن ما أمثله، والفيلم بأسره، ليس سوى عمل خيالي أقوم به وينتهي. لكن ذلك كان صعباً. كان صعباً لدرجة أنني وجدت العكس تماماً يحدث معي. في إحدى المرّات أصبت خلال التصوير بالإغماء وفي مرّة ثانية وجدت نفسي أبكي بشدة. هذا (الفيلم) مكان لا أريد أن أعود إليه مطلقاً.> لديك النية، حسبما علمت، لإنتاج وإخراج فيلم عنوانه «زيلدا». هل هذا هو مشروعك المقبل؟ - المشروع ليس جاهزاً بعد كذلك لست جاهزة بعد لإخراجه. لا أعتقد. لقد تحمست للعمل بسبب موضوعه (يدور حول زيلدا فيتزجرالد، زوجة الكاتب الشهير)؛ لذلك سأقوم بإنتاجه، لكني لست واثقة من أنني سأقوم بإخراجه أيضاً.> انتهيت من تمثيل «دوري أحمر» (Red Sparrow) الذي يدور حول فتاة تتعلم استخدام جسدها سلاحاً. ما رأيك في قيام عدد كبير من الممثلات هذه الأيام بالإقبال على أدوار قتال؟ - ... لكن «دوري أحمر» ليس فيلم أكشن، بل هو تشويق؛ وهو لذلك يختلف عن الأفلام التي تقصدها. لكن رأيي أن الأدوار التي تقصدها ليست مختلفة عن تلك التي يؤديها الرجال. أقصد أنه بالإمكان جداً قبول شخصية امرأة في ثياب مقاتل كما نقبل ممثلا رجلا في هذا الدور. الأهم هو ما يريد الفيلم قوله لنا.> هل تجدين أن أدوار القوّة النسائية لا تمنح الممثلة التي تؤديها البرهنة على أنوثتها؟ الشخصية ذاتها متوغلة في ممارسة القتال لدرجة أنه لا يعد مهماً لديها أي شيء آخر. - ربما، لكن ليس في كل الحالات. لو أخذت «ألعاب الجوع» مثالاً لوجدت أن الشخصية التي قمت بها لديها أولويات مهمّـة وهي إنقاذ المجتمع الذي تنتمي إليه وقيادة الثوّار الذين يريدون المساواة والعالم الأفضل.> ما أفضل شيء وأسوأ شيء بالنسبة إليك كممثلة في الوقت الحاضر؟ - أفضل شيء أنني أقوم بالعمل الوحيد الذي أجيده. أسوأ شيء هو الهواتف النقالة؛ لأنها مزوّدة جميعاً بالكاميرات.

مشاركة :