في «اليوم العالمي للعمل الإنساني» (الذي صادف أمس)، تسلط الأمم المتحدة الضوء على الظروف التي يعمل فيها العاملون في مجال المساعدة الإنسانية في الأمم المتحدة والتي أودت قبل 10 سنوات بـ22 ضحية من موظفي الأمم المتحدة وشركائها في العراق نتيجة الانفجار الإرهابي الذي استهدف مبنى الأمم المتحدة في بغداد، وكان بين الضحايا الممثل الخاص للأمين العام سيرجيو فيرا دي مييو. فالظروف الأمنية بعد 10 سنوات لا تزال نفسها في منطقة الشرق الأوسط بل زادت تعقيداً وفرضت نفسها على أجندة العاملين الدوليين، وبينها ظروف العمل في لبنان. في رسالة الأمين العام بان كي مون للمناسبة سؤال وجهه إلى الناس عن «الشيء الذي يرون أن العالم بات في أمس الحاجة إليه؟»، ويجيب بأنه «العمل الجماعي». أما المنسق المقيم لنشاطات الأمم المتحدة في لبنان روبرت واتكنز فيعتقد أن من بين الأشياء المطلوبة «الصبر». فالظروف التي يعمل فيها موظفو الأمم المتحدة في لبنان والعاملون معها تشهد أيضاً «تصاعداً للتوترات الأمنية» نتيجة أزمة النزوح الكبيرة من سورية وتأثيرها على لبنان بسبب تواصل ارتفاع عدد النازحين»، فهناك، بحسب واتكنز، «نحو 688 ألف نازح سوري و90 ألف نازح فلسطيني من سورية و40 ألف نازح لبناني كانوا في يعيشون في سورية، ما يشكل عبئاً كبيراً على لبنان ويتوقع أن يرتفع العدد إلى مليون نازح في نهاية السنة إذا استمر الوضع الأمني في سورية في التصاعد ولا يبدو أنه سيتوقف قريباً». وإذ يسجل واتكنز في حديث إلى «الحياة» للبنانيين «إبقاء أبوابهم مفتوحة أمام النازحين ما يعكس الروح الإنسانية في هذا البلد»، إلا أنه يعتبر الأمر «تحدياً كبيراً أمام العاملين في مجال الإغاثة في الأمم المتحدة وشركائها، فهم يخاطرون بحياتهم لمساعدة الناس، ما يفرض على المعنيين في الأمم المتحدة إعطاء المزيد من الوقت للقضايا الأمنية قبل عملنا الإنساني ومرات كثيرة كان علينا أن نوقف عمليات المساعدة بسبب الوضع الأمني مثلاً في طرابلس، إذ تسببت التوترات الأمنية في قطع الطريق إلى عكار أكثر من مرة وبالتالي وقف الإمدادات الإغاثية للنازحين والمضيفين لهم، ومن تأثير الأزمة الاضطرار إلى اقتطاع جزء من الموازنات لصرفها على أمور تتعلق بالأمن. وهناك التدريبات التي يخضع لها العاملون لحماية أنفسهم». لا شك في أن التطورات الأمنية الأخيرة ولا سيما انفجار الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية والاتهامات التي تساق في هذا المجال، وضعت علامات استفهام حول سبل حماية النازحين السوريين من أي انتهاكات محتملة ضدهم، لكن واتكنز يعتبر أن «كلما جاء المزيد من النازحين إلى هذا البلد سيتصاعد التوتر بين اللبنانيين وبين السوريين إما بسبب عدم الشعور بالأمان أو بسبب المنافسة على الوظائف وتراجع الوضع الاقتصادي والسياحة والتي تؤثر على الجميع لكن ما هو مميز في لبنان أن الناس لا يحملون الفقراء السوريين مسؤولية الأزمة الحاصلة. وما نحاول عمله أن نخفف من التوتر بين اللبنانيين والسوريين من خلال زيادة المساعدات». وإذ يشير إلى أن التركيز حالياً على «تحسين ظروف اللبنانيين المضيفين بسبب الثمن الذي يدفعونه لمساعدة السوريين من خلال مشاريع نعتقد أنها تساعد على الإبقاء على الوفاق بين اللبنانيين والنازحين»، تحدث عن إجراءات يقوم بها لبنان بالنسبة إلى العاملين الأجانب، ما يجعل «الاستعانة بعاملين لبنانيين لمصلحتنا لأن الأمر أقل كلفة، لكن لا بد من استقدام الخبراء فلا يمكن الاستغناء عنهم». أما التدقيق في دخول العمالة السورية والنازحين. فيرى واتكنز أن «لبنان لديه سياسة ليبيرالية، صحيح أنه يدقق في الأشخاص لأنه لا يريد ان يدخل من له مصلحة أو من مناطق لم تتأثر بالأزمة، إلا أن لبنان يسجل له بقاء أبوابه مفتوحة لمن هو في حاجة إلى النزوح».
مشاركة :