الغنوشي يبحث عن دور في ليبيا على وقع المتغيرات المتسارعةأثار الكشف عن اجتماع سري عُقد في تونس بمشاركة عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بحضور راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، والناشط السياسي الليبي المثير للجدل عبدالباسط إقطيط، جدلا في ليبيا كما في تونس، وسط تتالي التحذيرات من مخططات إخوانية لإرباك المشهد الليبي والدفع به إلى دائرة الإعصار على وقع المتغيرات المتدحرجة في كل الاتجاهات.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2017/09/21، العدد: 10758، ص(4)]في مهمة لحماية إخوان ليبيا تونس - تداولت وسائل إعلام ليبية وتونسية صورا مُسربة لاجتماع قيل إنه عُقد في بداية الأسبوع الجاري في جزيرة جربة التونسية. وأظهرت الصور راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وهو يجلس إلى جانب محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الليبي الذي يُعتبر الجناح السياسي لجماعة الإخوان، وعماد البناني مؤسس فرع جماعة الإخوان في ليبيا، بالإضافة إلى قيادات من الجماعة الليبية المقاتلة المحسوبة على تنظيم القاعدة الإرهابي. وما كان لافتا مشاركة الناشط الليبي المثير للجدل عبدالباسط إقطيط في هذا الاجتماع، إلى جانب الغنوشي، الأمر الذي أثار ضجيجا سياسيا تردد صداه بقوة داخل ليبيا وتونس وسط تساؤلات حول مغزى توقيت هذا الاجتماع، والهدف من عقده. كما أثار تساؤلات حول ارتباطه بالتحركات الميدانية لعبدالباسط إقطيط الذي يُقدم نفسه كبديل لرئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج. ونفت حركة النهضة الإسلامية أن يكون الغنوشي قد اجتمع مع قيادات إخوان ليبيا خلال زيارته لجزيرة جربة يوم الأحد الماضي. وأكدت على لسان الناطق باسمها عماد الخميري أن الغنوشي لم يجتمع بشخصيات ليبية خلال زيارته لجزيرة جربة التي أشرف خلالها على اجتماعات الملتقى الإقليمي لمسؤولي حركة النهضة في خمس محافظات تونسية. ولكنه أبقى على الغموض حول مدى صحة الصورة المُسربة، قائلا لـ”العرب” إنه “لم يطلع عليها”، فيما حاولت بعض المواقع الإلكترونية المحسوبة على حركة النهضة الإيحاء بأن الاجتماع المذكور تم في فترة سابقة. ورأت مصادر ليبية أن الاجتماع مُرتبط بـ”الخطوات التي يحاول من خلالها عبدالباسط إقطيط تحشيد حلفائه من تيار الإسلام السياسي لدعمه في تحركاته السياسية، وخاصة منها تنظيم مظاهرة كبرى في الخامس والعشرين من الشهر الجاري وسط العاصمة طرابلس”. واعتبرت وكالة الأنباء الليبية المحسوبة على الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني التي تحكم من شرق ليبيا، أن الاجتماع يهدف أيضا إلى “تمكين إقطيط من الاستيلاء على رئاسة حكومة جديدة في العاصمة طرابلس كبديل لحكومتي الوفاق برئاسة السراج، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته برئاسة خليفة الغويل”. وحذر الناشط السياسي الليبي محمد عمر الورفلي من تداعيات هذا الاجتماع السري، والتحركات التي يُجريها إقطيط في هذا التوقيت الذي وصفه بالدقيق. وقال لـ”العرب”، إن الزوبعة السياسية التي يفتعلها هذه الأيام عبدالباسط إقطيط ومن يدعمه، تستهدف محاولة إيجاد ديكور جديد لتمكين جماعة الإخوان المسلمين من العودة مرة أخرى إلى المشهد السياسي. واعتبر أن إقطيط يُريد الاستيلاء على السلطة بدعم من جماعة الإخوان في هذه المرحلة مستفيدا في ذلك من قوة المال، ومن تواطؤ غربي مفضوح، خاصة وأنه، أي إقطيط الذي لا يُخفي ارتباطاته الخارجية، “لا يتوقف عن التبجح بأنه يحظى بدعم اليهود وأميركا لرئاسة ليبيا”.محسن النابتي: لقاء الغنوشي وإقطيط يفضح ازدواجية الخطاب الإخواني وكان إقطيط دعا في وقت سابق إلى مظاهرة كبيرة وسط العاصمة طرابلس في الـ25 من الشهر الجاري للمطالبة بـ”رفع المعاناة عن المواطن البسيط وتحقيق التنمية” بحسب ما كتبه في صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك. ووصف محسن النابتي القيادي في حركة التيار الشعبي التونسي، الاجتماع السري المذكور بأنه حلقة جديدة من حلقات الأدوار “المشبوهة” التي يقوم بها راشد الغنوشي على الصعيد الإقليمي في علاقة بتطورات الملف الليبي. وقال لـ”العرب” إن حضور الغنوشي في اجتماع إلى جانب إقطيط يفضح ازدواجية الخطاب الإخواني، لافتا إلى أن والد إقطيط هو الإرهابي حسن إقطيط القيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة الذي توفي في معسكرات القاعدة في أفغانستان، كما أن زوجته تحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية. وأضاف أن توقيت الكشف عن هذا الاجتماع السري الذي تزامن مع زيارة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر لتونس، واجتماعه مع الرئيس الباجي قائد السبسي، يُثير جملة من التساؤلات والتخوفات من أن الغنوشي قد يكون يُريد إعادة تسويق جماعة الإخوان في المشهد الليبي عبر وجوه جديدة. وتُجمع القراءات المصاحبة لهذه التطورات على أن الغنوشي يسعى إلى محاولة استعادة حضوره في المشهد الليبي على وقع المتغيرات المتسارعة بسبب المناخ الإقليمي والدولي الذي “دفع بالإسلام السياسي إلى دائرة العواصف التي باتت تتقاذفه في كل الاتجاهات”. ويبدو أن الغنوشي بدأ يدرك قبل غيره أن حضوره في المشهد الليبي لم يعد ممكنا من خلال الطرق التقليدية، وأن تحركاته أصبحت محكومة بمشهد ضاغط بجوانبه المختلفة. وهو ما دفعه إلى الاستعانة بكل ما هو جديد وبخطاب ينطوي على نقاط ملتبسة، عله بذلك يجد مساحة يتسلل منها بحثا عن دور قد يتشكل على وقع التفاعلات الإقليمية والدولية.
مشاركة :