العلاج بالخلايا المناعية تجربة طموحة لقهر السرطان

  • 9/21/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تقنية العلاج باستخدام الخلايا المضادة للسرطان أو (الخلايا التائية) معروفة على نطاق واسع منذ أكثر من عقدين، ومع ذلك لا يزال من الصعوبة بمكان تعميق الأبحاث الدائرة حولها أو تطوير علاج فعّال باستخدامها، حيث لا يوجد سوى 200 دراسة حالة مرضية فقط، غالبيتها في الولايات المتحدة، ولا يزال الكثير منها في مرحلة تطور. في الوقت نفسه يؤكد الأطباء أنه بالرغم من الأعراض الجانبية القوية، فإن هذه التقنية سوف تكون فعّالة في علاج البعض من حالات اللوكيميا. “أحدثت هذه التقنية نقلة نوعية هامة في علاج أنواع معيّنة من اللوكيميا”، أوضح في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، مدير برنامج علاج الجهاز المناعي لمكافحة السرطان بمستشفى فيلادلفيا للأطفال، البروفيسور شتيفان غروب، وصاحب العديد من الدراسات المهمة في هذا المجال. وأضاف “في حالة تطبقيها على أورام الغدد الصماء، من المرتقب أن تحدث نقلة نوعية أيضا في علاج أنواع مختلفة منها”. بدوره أكد البروفيسور كلاوس سيشوتيك، رئيس معهد بول إيرليخ بمقاطعة لانغن الألمانية أنه “من الممكن الآن انطلاق عهد جديد في ما يتعلق بعلاج اللوكيميا”. أُخضعت إيملي وايتهيد (12 عاما)، منذ خمسة أعوام لهذه التقنية العلاجية التجريبية القائمة على تعديل الجينات، للعلاج من سرطان الدم الليمفاوي الحاد. الآثار الجانبية كادت تؤدي لمصرعها: ظلت لأسابيع في غيبوبة مصحوبة بحمى مرتفعة، بينما تتضاعف في جسدها الخلايا المضادة للسرطان المعدّلة جينيا المنقولة إليها، حين أكملت عامها استيقظت من الغيبوبة، ومنذ ذلك الحين أصبح جسدها خاليا من السرطان نهائيا. العقل الكامن وراء هذه التجربة كان كارل جون، من جامعة بنسلفانيا، والذي أشرف بنفسه على مراحل علاج إيملي. وقد حاول جون منذ عقود استخدام تقنية تعديل الخلايا المضادة في علاج مرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز” .الخلايا التائية المعدلة تتعرف على الخلايا المسرطنة وتتضاعف عدديا لتحاصرها، فخلية واحدة تدمر ألف خلية مسرطنة وتكمن التقنية التي نجحت في القضاء على الخلايا المسرطنة في الجسم في الآتي: الخلايا المضادة للسرطان المستخرجة من دم المريض، يجري تعديلها جينيا أو وراثيا عن طريق فيروس حامل معدل، ثم تجري مضاعفتها، ليعاد نقلها مرة أخرى إلى جسم المريض. يتيح التعديل الوراثي للخلايا التائية أن تكون على سطحها مستقبلات حيوية (نوع من البروتينات الوظيفية) لمركّب هرمون الأندروجين المستخلص من هرمون التستوستيرون، الذي يرصد بدوره نوعا معيّنا من المضادات المناعية الموجودة في الخلايا المسرطنة. وفي حال تمكّن الخلايا التائية من التعرف على الخلايا المسرطنة المرصودة، تقوم بمهاجمتها وتبدأ في التضاعف عدديا لتتغلب عليها نهائيا. جدير بالذكر أن خلية تائية واحدة لديها القدرة على تدمير أكثر من ألف خلية مسرطنة. ولكن ليس من السهل إنتاج أو التحكم بأمان تام في هذا النوع من الطب الحيوي. فضلا عن أنه ليس كل المصابين بأنواع خطيرة من السرطان الذين أخضعوا لهذه التقنية، نجوا من آثارها الجانبية، ولهذا لا يزال تطبيق العلاج بالخلايا المناعية يطبّق على نطاق محدود للغاية في الولايات المتحدة في مراكز متخصصة للغاية. “تستخدم تقنية قوية للغاية، يمكن أن تؤدي إلى انهيار جهاز المناعة، أو في أسوأ الحالات قد تسبب الوفاة”، يوضح أغبرت فلوري الاستشاري بمعهد بي إي آي الألماني. فيما يحذر البروفيسور كلاوس سيشوتيك من أن “أوروبا تحتاج أيضا إلى تطوير بنية التعاون بين مؤسساتها العلاجية وبين الشركات المصنّعة للمستحضرات الطبية لكي تتمكّن من مواصلة تطوير والتحكم في هذه التقنية العلاجية وآثارها الجانبية”. في الولايات المتحدة تنتظر شركة نوفارتس للمستحضرات الدوائية، إقرار العلاج بواسطة الخلايا التائية للبروتين ذي التركيبة العنقودية القاعدية (سي دي 19) المتوافر في الخلايا الليمفاوية البيضاء، من أجل علاج مرض ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد (نوع من سرطان الدم)، ليكون بذلك أول ترخيص لعلاج سرطان الدم بواسطة تعديل الخلايا الوراثية. هناك أيضا قائمة طويلة من الطلبات التي لا تزال تنتظر، حيث ترغب شركة كايت فارما في الترويج تجاريا لعلاج بنفس التقنية لأنواع أخرى من الأورام اللمفاوية غير الهودجكيِنية (التي توجد عقدها تحت الإبط أو في العنق أو الثدي)، وهناك طلبات لتطبيق نفس التقنية أيضا على أنواع من سرطان النخاع المتعددة، بالإضافة إلى أنواع من سرطان الدم. ويعتبر الوضع مماثلا في أوروبا. فقد تلقت الوكالة الأوروبية للدواء إي أم آي ثلاثة طلبات، ومن المرتقب أن تعطي اللجنة الأوروبية المعنية الضوء الأخضر، خلال العام الجاري، للتصريح بالعلاج بواسطة الخلايا التائية، على أن تُعطى الأولوية للمرضى في حالات متأخرة وميئوس منها، وليس لديهم أيّ خيارات أخرى. بالرغم من أن الباحثين يعتقدون أن تطبيق العلاج في المراحل المبكرة من شأنه زيادة نسبة النجاح. في دول مثل ألمانيا، قد تصل تكلفة علاج الحالة الواحدة إلى المئات من الآلاف من اليوروهات، ولكن قد تفيد التقنية في إنقاذ بضعة آلاف من الحالات الحرجة في أوروبا سنويا. “قد تكون التكلفة مرتفعة للغاية، ولكن تقنية علاج كهذه تعدّ أكثر من كافية لعدة سنوات”، يوضح البروفيسور كلاوس سيشوتيك. تُجرى حاليا محاولات لتطبيق هذه التقنية بنجاح على أورام الغدد الصماء. “الخلايا التائية تمثل أملا كبيرا”، تؤكد الباحثة جيسيكا هارتمان بالمعهد الألماني، مع اعترافها بأن سرطانات الغدد الصماء أكثر صعوبة في حال الاعتماد على استراتيجية مهاجمة خلايا مضادة للسرطان للخلايا المصابة، حيث يتعيّن في البداية الوصول إلى الورم، ثم بعد ذلك الكمون في حالة استنفار عدائي تحسّبا لتضاعفها. تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الراهن تجري تجارب معملية باستخدام 20 منتجا من الخلايا التائية.

مشاركة :