دعني أسألك بصراحة: كم ريجيماً فعلت في حياتك؟ إن كنت من ال35% من السعوديين الذين يعانون من البدانة فمن المرجح أنك لم تعد تعرف العدد.. وكنت قد قرأت ذات يوم أن 42% من الأمريكان (أي أكثر من 150 مليون إنسان) يحاولون عمل حمية مرة واحدة على الأقل في العام.. وأعرف صديقاً يئس من كل المحاولات فقرر الخضوع لعملية "تحويل المعي" ولكن الجراح طللب منه تخفيض وزنه قليلاً للتخفيف من النتائج السلبية للعملية فكتب في تويتر: أبشركم سأبدأ اليوم رجيمي رقم 120. أيضا أعرف أخصائياً في التغذية أخبرني بفكرة مشروع ادعى أنه سيجلب له ثروة كبيرة .. قرر تأليف كتاب بعنوان "25 ريجيماً عالمياً" سيحقق مبيعات عالية بين الأوزان الثقيلة.. ورغم أنني لا أحب المثبطين إلا أن الرجل استشارني بحكم خبرتي في النشر والتأليف فنصحته أن يبحث عن طريقة أفضل لتحقيق الثراء، فسألني "لماذا؟" فقلت: لأن الناس لم تعد تشتري الكتب.. وثانياً لأن حكاية "الريجيمات" ماهي إلا غش وضحك على الدقون وحلول موقته في أفضل الأحوال!! وكما توقعت أثار الرأي الأخير حفيظته باعتباره اخصائي تغذية فأسهب في كلام علمي طويل عن أنواع الأغذية ودورها في السمنة والنحافة .. فقاطعته قائلاً: عفواً أنا لم أنكر دور الأطعمة في مسألة البدانة إنما قصدت أن الحمية أو الريجيم (تعتمد قبل كل شيء) على توفر الإرادة والعزيمة وعندها فقط ينفع معها (أي أسلوب).. بمعنى إن توفرت الإرادة والعزيمة الصادقة ستنجح معظم الحميات السليمة ولن يحتاج ثقيل ل 25 نوعاً من الريجيم! أما الحقيقة التي تغيب عن معظم من يخضغون للريجيم أو الحمية؛ فهي أنها بطبيعتها (موقتة) إن نجحت في خفض الوزن لمدة شهر أو شهرين، تعجز عن الاحتفاظ به طوال السنوات القادمة.. والمشكلة الأكبر أن الجسم سرعان ما يشهد (ردة فعل) تتمثل في حدوث ارتفاع سريع في الوزن يتجاوز ماكان عليه سابقاً... وكانت مجلة فوكس الألمانية قد نشرت تقريراً يفيد بفشل فكرة الحمية من أساسها.. وهذا الفشل لا يتعلق بنتائج الحمية ذاتها حيث ينجح البعض في خفض وزنه فعلاً بل في العجز عن الاحتفاظ بالوزن الجديد لفترة طويلة ومستمرة حيث سرعان ما يعود البدين لوزنه السابق ومعه عدد من الأرطال الإضافية.. وهذا "التقرير" اعتمد على 31 دراسة سابقة أكدت جميعها عودة الأوزان الثقيلة لسابق عهدها بعد محاولة ريجيم ناجحة. وفي المحصلة اتضح أنه من بين 100 بدين يتمكن 15 فقط من تخفيض أوزانهم (وواحد من هؤلاء فقط) ينجح في الحفاظ على وزنه الجديد لخمس سنوات قادمة!! أعزائي.. أنا لست أخصائياً في التغذية ولكنني أعتقد أنه بدل عمل ريجيم موقت بطبيعته، يجب التخلص من عاداتك الغذائية السيئة (التي أخفيتها موقتاً خلال فترة الريجيم) وتتبنى بدلاً منها أسلوباً غذائياً صحياً يستمر معك طوال العمر.. بكلام آخر؛ انسَ الريجيم تماماً (بل ولا تصل أبداً لمرحلة الجوع) وأشبع نهمك بتناول ماتشاء من الأطعمة البروتينية والصحية متجاوزاً السكريات والكربوهيدارت التي تساهم في تخزين الدهون ورفع مستوى السكر في الدم.. حين تفعل ذلك؛ لا يبدأ وزنك بالانخفاض فقط، بل وتتحاشي (ردة الفعل السلبية) التي تحصل دائماً بعد انتهائك من كل ريجيم تعود بعده أسوأ من الماضي.