أكراد سوريا يبعثون برسائل قوية إلى العالم مفادها أن اجراء هذه الانتخابات ممكن لأن المناطق التي يسيطرون عليها مع حلفائهم آمنة ومستقرة.العرب [نُشر في 2017/09/21]صوتك امنحه لمن يستحق القامشلي (سوريا) - يستعد أكراد سوريا لاجراء اول انتخابات في نظامهم الفدرالي في شمال البلاد الجمعة، في خطوة من شأنها أن تثير استياء تركيا ودمشق، وتأتي قبل ايام من استفتاء مثير للجدل على الاستقلال في كردستان العراق المجاورة. ومن المقرر أن يجري الأكراد انتخابات على ثلاث مراحل تبدأ باختيار لجان محلية في 22 سبتمبر وتنتهي في يناير العام 2018 بانتخاب مجلس تشريعي لروج افا، أي غرب كردستان. ويقول صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر الأحزاب الكردية في سوريا واكثرها نفوذا، "الانتخابات هي الخطوة الاولى لترسيخ النظام الفدرالي والديمقراطية الفدرالية". ويضيف في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في بيروت "هناك نظام جديد يتأسس في روج افا... نحن جزء من سوريا ومطلبنا الفدرالية". وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، عانى الأكراد الذين يشكلون أكثر من 15 في المئة من سكان سوريا، من التهميش على مدى عقود. وبدأوا بتعزيز موقعهم بعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من مناطقهم ما سمح لهم بالسيطرة على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد. وبرزوا في وقت لاحق كالقوة الاكثر فعالية في قتال تنظيم داعش. في مارس 2016، أعلن الأكراد النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال البلاد التي قسموها إلى ثلاثة اقاليم هي الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب واخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب). وفي اطار الإعداد للانتخابات، انتشرت في مدينتي القامشلي وعامودا في محافظة الحسكة لافتات بثلاث لغات، العربية والكردية والسريانية، تدعو المواطنين للمشاركة في الانتخابات. وكتب على بعضها "مستقبل روج آفا بين يديك، لا تبخل بصوتك" و"صوتك أمانة امنحه لمن يستحق". ويقول عمر عبدي (50 عاما) في القامشلي لوكالة فرانس برس "انها المرة الأولى التي نشهد فيها انتخابات كردية (...) لم نكن نصدق اننا سنرى هذا اليوم أبدا". مثل بلجيكا ويقول الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير اوغلو لفرانس برس "توفر هذه الانتخابات فرصة للاكراد لبدء بناء مؤسساتهم من أجل المستقبل". ويضيف "من المهم بالنسبة للأكراد اليوم ان يظهروا للنظام ان الأمور تغيرت في شمال سوريا، وهم من يديرون الأمور وليس النظام في دمشق"، كما انهم "يبعثون برسائل قوية إلى العالم مفادها ان اجراء هذه الانتخابات ممكن لان المناطق التي يسيطرون عليها مع حلفائهم آمنة ومستقرة". وفي المرحلة الاولى من الانتخابات الجمعة، سيتم انتخاب الرئاسات المشتركة (كل رئاسة تضم رجل وامرأة) لما يطلق عليه "الكومونات"، اي اللجان المحلية للاحياء والحارات. وفي المرحلة الثانية في الثالث من نوفمبر، سيتم انتخاب مجالس محلية للنواحي والمقاطعات التي يتألف منها كل اقليم. ويصار في المرحلة الثالثة والنهائية في 19 يناير إلى انتخاب "مجلس الشعوب الديمقراطية" لكل اقليم من الاقاليم الثلاثة التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية محلية. كما سيتم في اليوم نفسه انتخاب "مؤتمر الشعوب الديموقراطية" العام الذي سيكون بمثابة برلمان عام على رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفدرالي. ويشرح مسلم ان "الكومونات هي شكل من أشكال تنظيم المجتمع في كل حي او حارة او قرية (...) هو نظام يعمل به في اوروبا، في بلجيكا مثلا"، بحيث تكون هناك "لجان ورئاسة مشتركة، وهذه اللجان تكون اقتصادية او صحية او تموينية" تتيح للمجتمع تنظيم شؤونه بنفسه. وعمدت مفوضية الانتخابات إلى تدريب مدرسين للاشراف على صناديق الاقتراع، كما تعمل لجان في الاحياء على توزيع البطاقات الانتخابية وشرح آلية الاقتراع. ويؤكد الاكراد ان هذه الانتخابات لا تخصهم وحدهم بل تشمل مكونات المجتمع كافة من عرب وسريان وارمن وتركمان. ولا يتوقع محللون ان تشارك احزاب كردية معارضة للنظام الفدرالي فيها، بل ان تقتصر على احزاب تشكل الادارة الذاتية. ويقول الخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش "ستكون هذه الانتخابات ديموقراطية في الظاهر لعدم وجود تعددية حزبية". مطلبنا الفدرالية ورفضت دمشق اعلان الفدرالية الكردي، ووصفت الانتخابات بـ"المزحة"، ويقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" المقربة من دمشق وضاح عبد ربه لفرانس برس "انها انتخابات غير شرعية، موضوع الفدرالية غير مطروح ابدا"، مضيفا "اي تغيير للنظام في سوريا يجب ان يحصل من خلال تغيير الدستور السوري الذي لا يمكن تغييره الا باستفتاء عام لكل السوريين". وتجري المرحلة الاولى من الانتخابات الكردية في سوريا قبل ثلاثة ايام من استفتاء على استقلال اقليم كردستان في العراق المجاور. ويتعرض رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني لضغوط مكثفة، لا سيما من الغرب وتركيا، لارجاء الاستفتاء او الغائه. ويرى جيفير اوغلو ان انقرة ودمشق، ورغم الخلاف الكبير بينهما منذ بدء النزاع، يتفقان على امر واحد وهو رفض الحكم الذاتي للاكراد. وتخشى انقرة التي تحارب حركة تمرد كردية على ارضها من تمدد عدوى الاستقلال اليها. ويرى اكراد سوريا، وفق أوغلو، في استفتاء العراق "آلية شرعية ليكتسب نظراؤهم الاكراد حقوقهم، وبالتالي ينظرون اليه ايضا كوسيلة قد يلجأون اليها يوما ما". ويعتبر ان "الانتخابات والنظام الفدرالي يطرحان لسوريا نظاماً بديلا يتمثل باللامركزية". ويؤكد صالح مسلم احترام قرار اكراد العراق، موضحا في الوقت ذاته "مطلبنا في سوريا ليس الانفصال.. مطلبنا الفدرالية". ويقول بالانش "في سوريا انها خطوة اولى، في العراق يبدو انها خطوة أخيرة. ويتعلق الامر في الحالتين بالحصول على شرعية محلية ودولية".
مشاركة :