في الوقت الذي هنأ فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الرئيس العراقي محمد فؤاد معصوم، ورئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي، بمناسبة تولي الأول الرئاسة، والأخير الحكومة، هاجم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال الاجتماع الثاني الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد في جدة أمس، حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي التي أشار إلى أنها رسخت لـ"الطائفية" وساعدت "داعش" على الظهور، مضيفا خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع "داعش مجموعة إرهابية مدمرة للعراق، ولا نرى أن ما يجري في العراق يأتي في إطار ثورة شعبية، لكن تلك المجموعة وجدت مكانا في العراق بسبب أعمال الحكومة العراقية التي رسخت الطائفية ومعاملة الشعب معاملة غير متساوية". من جهته، حذر وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، خلال جولة تفقدية له أمس لقطاعي حرس الحدود والحرس الوطني في منطقة الحدود الشمالية، "داعش" من مغبة الاقتراب من الحدود السعودية، قائلا: "من الأفضل ألا يقتربوا، فلن يجدوا خيرا". وحول ما جرى ويجري في "غزة" من عدوان إسرائيلي، قال وزير الخارجية الفيصل: "إسرائيل تجاوزت الحدود بعدوانها، فهي تمارس قتل الفلسطينيين بشكل جماعي، وتستهدف المدنيين، وعلى نحو خاص الأطفال والنساء الذين يشكلون أكثر من نصف الضحايا". أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بشكل قاطع لا مواربة فيه، أن "إسرائيل تجاوزت الحدود بعدوانها الغاشم على قطاع غزة، وأنها تمارس قتل الفلسطينيين بشكل جماعي، مستهدفين المدنيين وعلى نحو خاص الأطفال والنساء الذين يشكلون أكثر من نصف الضحايا". واستمر عميد الدبلوماسيين العرب في التطرق إلى "الإجرام الإسرائيلي" بطريقة أكثر مباشرة حينما هاجم القيادة السياسية في تل أبيب، بأنهم لن يتورعوا عن الذهاب إلى أي مدى، ودون حساب لنظام أو قانون أو شرعية أو إنسانية، لتحقيق أغراضها وأهدافها، وليس لها من هدف سوى استئصال الوجود الفلسطيني من حيث هو، حتى في تعبيراته المعيشية والثقافية، والانقضاض على الأرض، وتهديد فلسطين برمتها، وانتهاك مساجدها وكنائسها ومقدساتها، ووصل الفيصل في كلمته إلى حد وصف ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من عمليات عسكرية في القطاع بأنه يهدف إلى "فرض هيمنته على المنطقة كقوة إقليمية مسيطرة طاغية". وعقدت اللجنة التنفيذية في منظمة التعاون الإسلامي أمس اجتماعا طارئا ثانيا موسعا على مستوى وزراء الخارجية حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة برئاسة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل رئيس الدورة الـ41 لمجلس وزراء خارجية المنظمة، بمقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة. وأضاف الفيصل "لقد تابع العالم أجمع بشاعة ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يستخدم أعتى أنواع السلاح لقتل الأبرياء المدنيين داخل بيوتهم وهدم الأسقف على رؤوسهم، حيث رأى العالم أطفالاً ورضعاً يقتلون وهم في أحضان أمهاتهم، إن ما شاهده العالم في الحرب على غزة من صور مأساوية ووقائع غير مسبوقة من الوحشية والدمار الشامل تتجاوز كل الحدود الإنسانية". ووجه سعود الفيصل سؤالاً سياسياً واسعاً للمجتمعين أمس، يحمل في طياته الكثير من الدلالات السياسية، التي تمثل في إطارها العام تشخيصاً لواقع المنطقتين العربية والإسلامية، قائلا "هل كان في مقدور إسرائيل القيام بالعدوان تلو العدوان لو كانت الأمة الإسلامية على قلب رجل واحد، ألم يُغرِ إسرائيل على ارتكاب جرائمها المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني والمسلمين ما تراه من ضعف في الأمة بسبب تفككها وانقساماتها وانتشار الفتن فيها، حيث بات المسلم يستبيح دم وعرض أخيه المسلم باسم الدين، ألم يشجع انقسام الأمة إلى شيع وطوائف القوى الخارجية للتدخل في شؤونها وتتلاعب بأقدارها وأمنها". وبين وزير الخارجية أن ما يحيط بفلسطين من موج متلاطم من الصراع والاقتتال والخلافات ويمتد ليصل لمناطق إسلامية، على امتداد العالم هو واحد من مصادر تراجعنا، فطريقنا يبدأ بخطوة أولى لمواجهة هذه الأزمات من داخل مجموعته، نبحث عن مقاربات جديدة تجمع ولا تفرق، تتأسس على الاحترام المتبادل والحفاظ على حقوق الجميع ومصلحتهم، وتكف عن محاولة النيل من بعضنا البعض أو التوسع على حساب بعضنا البعض. كما طالب الفيصل في أجزاء من كلمته الفرقاء السياسيين في فلسطين بضمانة الوحدة الوطنية بينهم، بعيداً عن الأجندات السياسية، ودعم المبادرة المصرية لإنهاء هذه الأزمة ووقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق التهدئة. وأشار إلى أن المملكة أولت دعم القضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية، بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى وعنصراً رئيسياً في سياستها الخارجية ولم تتخاذل أو تتقاعس يوماً عن نصرتها بل نذرت نفسها لخدمتها. وألمح الأمير سعود الفيصل إلى أنه قد صدرت مؤخراً توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ 300 مليون ريال سعودي لوزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني، وذلك لمواجهة أعباء الخدمات الإسعافية ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وهي الآن في مرحلة الإنجاز، حيث تم إيصال ما يمكن إيصاله من أدوية ومستلزمات طبية وجار العمل على استكمال ما تبقى. وتابع يقول "أما بالنسبة لبرنامج إعادة الأعمار في قطاع غزة فإن الصندوق السعودي للتنمية مستمر في تخصيص التزام المملكة في هذا الإطار، وسيتم العمل بالتنسيق مع المانحين الآخرين لتمويل إعادة إعمار المنشآت والمساكن المتضررة من جراء العدوان الغاشم بمبلغ 500 مليون دولار". ولفت الانتباه إلى أن ظروف إعادة الإعمار تمر بصعوبات كثيرة نتيجة للحصار المستمر والمفروض من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة مما يعيق دخول المواد اللازمة للبناء والإعمار، وأن هذا الأمر يتطلب أن تقوم الأمم المتحدة والجهات المانحة الأخرى بالعمل على تسهيل إدخال المواد. وأضاف أن الوقوف صفاً واحداً خلف حقوق الشعب الفلسطيني سيجعل العالم يدرك تماماً أنه ليس بوسع إسرائيل أن تستمر في عدوانها على الفلسطينيين دون أن تدفع الثمن، وأن على إسرائيل أن تدرك أن السلام هو الخيار الأوحد لبقائها، كما وجه انتقاداً إلى دول أعضاء "التعاون الإسلامي" التي ترددت في الوقوف والتصويت مع مصلحة القضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس حقوق الإنسان أن تراجع مواقفها بأن تلتزم التزاماً صادقاً بمبادئ ومقاصد ميثاق المنظمة التي أنشئت أصلاً من أجل نصرة القدس والقضية الفلسطينية. وبعد انتهاء جلسة وزراء خارجية الدول الإسلامية عقد الفيصل مؤتمرا صحفيا مقتضبا، قال فيه إن "الأمور في دول الخليج مستمرة في التعاون والتنسيق". مطالبا مجلس الأمن بالاستمرار "في ممارسة فرض القانون المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن يعود المجلس لهذا الميثاق في القضية الفلسطينية كبقية القضايا العالمية"، مؤكدا أن المساعدة التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني تنطلق من أن الأمن والجيش اللبنانيين يحتاجان للتقوية ليتمكنا من القيام بمهامهما الأمنية في استقرار الشعب اللبناني.
مشاركة :