شكك مسؤول بارز في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، في إمكانية نجاح خريطة الطريق التي اقترحها مؤخرا غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لحل الأزمة السياسية المشتعلة في ليبيا منذ أكثر من عامين. وفى أول موقف معلن يخرج عن البرلمان الموجود في العاصمة طرابلس الذي لا يحظى باعتراف المجتمع الدولي، قال عمر حميدان، الناطق الرسمي باسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطة سلامة تتجاهل للأسف الواقع الحالي المتدهور، وإن هذه الجماعات والأجسام الحالية لا تستطيع أن تنتج مشروعا وطنيا مثل الذي يتحدث عنه سلامة، كما لا تراعي الواقع الحالي»، لافتا إلى «تشظي المؤسسات وهيمنة كل جماعة سياسية ومحلية على بعض المؤسسات، واختطافها من أجل عرض قوتها وإظهار نفسها كجسم وشريك سياسي». وتابع حميدان، الذي كان يتحدث من المغرب، حيث يقوم بزيارة غير معلنة: «أعتقد أن كل ذلك ضرب من العبث... ولعل هذا يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة تماما عن حل الأزمة الليبية، وذلك بسبب التوازنات التي تحكم مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فهو معطل تماما في الملف الليبي، وربما الأفضل هو سحب البعثة الأممية الخاصة من ليبيا، أو أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته فيها». وأضاف حميدان موضحا: «ما نراه هو أن أقرب الطرق الممكنة هو الإعلان عن الاستفتاء على الدستور، وانتخاب البرلمان ورئيس الدولة، وأن يصدر هذا الأمر من السلطة التي اعترف بها مجلس الأمن، وهي المجلس الرئاسي ويعلن موعدا لذلك، ثم يدعم مجلس الأمن هذا الموقف على أن تهيئ بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء، ويتم تعبئة الشارع وإعلاء خطاب وطني بضرورة الاستفتاء والانتخابات... هذا هو الموقف الذي كان سيقبل من الأمم المتحدة... أما ما قدمه السيد سلامة فهو مد لأمد المعاناة، والدخول في نفق مظلم غير مأمون». مع ذلك رأى حميدان، أن «البرلمان السابق لا يزال طرفا في العملية السياسية بحكم وجوده وقوته على الأرض، وهذا واقع ينبغي الاعتراف به، رغم إنكار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج وحزب «العدالة والبناء» (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) لهذا الواقع، كونه يضعف من حجمهم الذي يدعونه، ويقلل من نصيبهم من الكعكة». وحول وجود البرلمان من عدمه حاليا على الساحة السياسية، قال حميدان: «حالنا تماما مثل حال الجماعة الأخرى»، في إشارة إلى حكومة السراج التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة. وتساءل: «هل هناك من جهة أو أحد في هذا الوقت يمارس عمله أو يقدم شيئا؟... الكل متقوقع». وبخصوص المؤتمر الوطني أوضح حميدان أنه «ما زال يعتبر نفسه صاحب الشرعية، وما زال لديه أتباعه؛ ولكنه أبعد عن المشهد ومنع من ممارسة مهامه وصلاحياته من قبل الذين استحوذوا على السلطة، لكنه يملك بما تأتى له من شرعية أن يمنحها أو يفوض بها من شاء». وبخصوص المشروع المثير للجدل، الذي يطرحه عبد الباسط قطيط، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وتقديمه لنفسه كبديل لحكومة السراج وسط دعوات لحث الليبيين على الخروج في مظاهرات مؤيدة له داخل العاصمة طرابلس بعد غد (الاثنين)، قال حميدان: «نحن نراقب الآن، وهذا أمر لا نرى فيه بأسا... ونحن نرى في الآلية التي اعتمدها الآن أكثر ديمقراطية من غيره، فالمجلس الرئاسي لحكومة السراج جمد الدستور... وجند الميليشيات واقتحم المؤسسات والإدارات، وهو يباشر الآن بلا شرعية ولا أداء يمين، بينما قطيط يطرح مشروعه بشكل ديمقراطي». ورأى حميدان أن «الأزمة في ليبيا لن تنتهي»، لافتا إلى أن «مجلس الأمن معطل بخصوص ليبيا... والجماعات الداخلية ليس من بينها من يملك مشروعا وطنيا»، معتبرا أن «كل المشاريع المطروحة والتي ستطرح مشاريع سياسية مفصلة لخدمة أصحابها لوصولهم أو بقائهم في السلطة. وكل هذه الجماعات لها ولاءاتها الخارجية ولا مجموعة تثق في الأخرى». في سياق متصل، عقد وزراء خارجية دول الجوار الليبي (مصر وتونس والجزائر)، اجتماعا ثلاثيا، أول من أمس، للتباحث حول سبل دعم الحل السياسي في ليبيا في إطار آلية التنسيق بين الدول الثلاث بشأن ليبيا، وذلك على هامش مشاركتهم في اجتماعات الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة. واستعرض اللقاء الذي حضره كل من وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، ووزير الشؤون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، وجهات النظر والرؤى بشأن جهود دعم التوافق الوطني الليبي، ودعم الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة في رعاية الحل السياسي للأزمة الليبية. وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن الوزراء ناقشوا الجهود التي تقوم بها كل دولة لمساعدة الليبيين على بناء التوافق الوطني، وتقريب المواقف بشأن المواد الخلافية في الاتفاق السياسي، مضيفا أنه تم الاتفاق على إبقاء قنوات الاتصال والتشاور بين الدول الثلاث، وعقد اجتماعهم المقبل في القاهرة في موعد يتم تحديده قريباً. وتابع موضحا أن «الوزراء تبادلوا التقييم بشأن عدد من المبادرات والجهود التي نفذتها أطراف دولية عدة مؤخرا للمساعدة في حل الأزمة الليبية، بما في ذلك اجتماع لندن الوزاري السداسي سبتمبر (أيلول) الجاري، والاجتماع رفيع المستوى الذي استضافته الأمم المتحدة حول ليبيا». ومن جهته، عرض شكري الجهود التي تؤديها مصر للمساعدة في توحيد الجيش الوطني الليبي.
مشاركة :