«غازي» ستخبرنا الأرض أن الاستثناء لا يعيش طويلًا

  • 8/14/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

كان هناك واقفًا في إحدى القرى المرمية في أقاصي الجنوب يحاول بيديّه التي تشبه القصائد والحكايات أن ينير البيوت، أن يجعل الأب والأم ينظرون إلى ضحكات أطفالهم حين يجيء الظلام، كان هناك في إحدى المستوصفات الصغيرة في شمال المملكة حيث العدم يلوح بكفيّه أن يقدم لذلك المريض المنهك من السعال والحمى بعضًا من المضادات والمسكنات، وكان هناك أيضًا يدون على طاولته الخشبية في منزله الوديع بعد أن يَغسل من جَسده تعب تفاصيله اليومية أجمل رواياته، يكتب تارةً عن شقة الحرية وحياته الإدارية، عن جيل كامل محقون بالحرية والطموحات، وتارةً أخرى عن أسئلة الوجود الكبرى وما يؤرق هويته العربية ونبوءات التاريخ السيئة!!. شيء صعبٌ أن يكتب أيُّ شخص عن (غازي)، أن يضع أصابعه على مكامن الألم فيه، أن يبتعد في كلامه عن كل المناصب التي نالها، متحدثًا عن الطفل البريء المستيقظ دومًا في قلبه، متحدثًا عن الدراما الإنسانية المعقدة التي حملها معه إلى قبره، ومن السهل جدًا أن يعرف أحدٌ ما غازي بقوله :" هو غازي بن عبد الرحمن القصيبي مواليد 2 مارس 1940 بمنطقة الهفوف، أصبح وزيرًا للعمل السعودي عام (2005 -2010م) وتولى قبلها ثلاث وزارات هي (الصناعة - الصحة - المياه) كما تولى عدداً من المناصب الأخرى"، أو أن يتحدث عن شعره ورواياته وما قيل عنها، ومن الصعب جدًا أن يعرفه أيُّ شخص بأسلوب أكثر وضوحًا من ظواهر هذا الكون، أن يقول بحجم الصمت الذي بداخلنا جميعًا: هو الخبز، رائحة القهوة، الأطفال حين يخرجون صَباحًا إلى مدارسهم، الأم وهي تدعو في آخر الليل، الشهيد حين يلفظ من فمه كلماته الأخيرة، رصاصة الانتصار الأولى، المطر حين يحض الناس على الكتابة، على البكاء، على الفرح، على العناق، المجاز الذي تستشعره دون أن تستطيع أن تقبض عليه، الموسيقى التي تقول لك وبطريقة وديعة جدًا (لا تخف ثمة ما في الحياة ما يستحق أن نحلم لأجله!!)، كل هذا "غازي" وكل غازي أتى بعده لن يكون مثله؛ فالأرض لا تُنبت الزهر لمرتين متتاليتين، ولا ربيع يأتي بعد الربيع!. حتى الذين لم يولدوا بعد خاطبهم غازي؛ نظرًا لما يستشعره من مسؤولية تاريخية تجاه وطنه ونفسه، خاطبهم قائلًا: "لقد حاولت في كل موقع شغلته أن أخدم مواطني بكل طاقتي، أما الأجيال القادمة الذين لن يتاح لي شرف رؤيتهم أو خدمتهم فلا أستطيع أن أقدم لهم شيئاً سوى قصة هذه الخدمة مصحوبة بكثير من المحبة وكثير كثير من الدعاء"، كل الكلمات لا تصنع من ذكرى رحيل(غازي) كلامًا طيبًا، وغدًا وحدهُ من سيخبرنا بأن (الاستثناء) لا يعيش طويلًا!!. بعضًا مما قال وقليلاً مما سنقول: «لا ينتهي البحث عن الحقيقة في العالم المملوء بالمرايا» «معظم الذين يدخلون المصحات النفسية لا ينتحرون ومعظم الذين ينتحرون لم يدخلوا مصحات نفسية !» «لا يجوز لإنسان أن يدعي العفة ما لم يتعرض للفتنة» «ما أسهل الدفاع عن حقوق الإنسان في مقاهي لندن وباريس» «الكرم العربي ظاهرة غذائية» «لا شيء أظرف من المتطرف الذي يطلب اللجوء في أعظم الدول كفراً»

مشاركة :