آخر استطلاعات الرأي تضع حزبها "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" في المقدمة حيث يتوقع أن يفوز بنسبة 35.1 بالمائة من أصوات الناخبين. وفي الوقت نفسه تتراجع حظوظ غريمها الرئيسي مارتين شولز، فالحزب الاشتراكي الديموقراطي، وهو الأعرق في تاريخ ألمانيا والشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي، يتوقع أن يحصل على نسبة 22 فقط من الأصوات في انتخابات يوم الأحد. ومنذ أقل من سنتين، بدت حظوظ المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بالفوز في انتخابات رابعة على التوالي ضعيفة جدا. بل كانت هناك علامات استفهام حول ما إذا كانت ستترشح، ففتحها الأبواب أمام حوالي مليون لاجئ عام ألفين وخمسة عشر عرضها لوابل من الانتقادات ليس فقط وسط قطاع كبير من الشعب الألماني بل في صفوف حزبها نفسه، ولكنها عادت لتقف بثبات على قدميها ويرجع الفضل في ذلك بشكل رئيسي لرضا الألمان عن أدائها خاصة في المجال الاقتصادي. فبينما كانت الكثير من دول العالم تتخبط في أزمات مالية، نجحت ميركل في خفض معدلات البطالة إلى مستويات قياسية وخفض عجز الميزانية إلى الصفر وسجلت فائضاً تجارياً قياسياً. أما على الصعيد الدولي، وبعد انتهاء الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وانتخاب دونالد ترامب، فقد أصبح دورها بارزاً بشكل أكبر على الساحة الدولية حتى أطلق عليها البعض لقب "قائدة العالم الحر". وقد جاءت هذه التطورات تزامناً مع دخول وجه قديم-جديد إلى الساحة السياسية الألمانية، وهو مارتين شولز الذي بدأ حياته العملية كبائع للكتب، قبل أن يبدأ مسيرة جديدة كنائب في الاتحاد الأوربي، إلى أن شغل منصب رئيس البرلمان الأوربي. وقرر شولز الذي كان منذ سنوات شبابه الأولى عضواً نشطاً في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، ترك الساحة السياسية الأوربية ليخوض غمار العمل السياسي في بلده. وما لبث أن انتخب زعيماً للحزب الاشتراكي الديموقراطي في بداية عام 2017 حيث كانت بدايته قوية. فقد نجح في استقطاب وجوه جديدة للحزب خاصة بين الشباب، بل إنه تفوق في فترة من الفترات على ميركل في استطلاعات الرأي. ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات بدأ نجمه يأفل حيث لا يتوقع أن يتفوق على غريمته ميركل وإن كان يتوقع أن يحتل حزبه المركز الثاني. لكن هذه المعطيات لا تعني أن المهمة ستكون سهلة أمام ميركل، فرغم أنها تخطت أزمة اللاجئين بنجاح، إلا أن شبح هذه الأزمة ما زال يطاردها على هيئة حزب البديل من أجل ألمانيا. مصدر الصورةReutersImage caption أليس فيدل ، شريكة غاولاند في زعامة حزب البديل من أجل ألمانيا، طرحت إحصاءات عن ارتفاع معدل جرائم العنف بين المهاجرين المسلمين وهو حزب يميني متشدد لا يزيد عمره عن أربع سنوات، نجح في استخدام أزمة اللاجئين لصالحه، فاستقطب الكثير من الأصوات المعارضة لوجود اللاجئين الذين رحبت بهم ميركل في ألمانيا، وكانت رسالته واضحة بأنه لا مكان للإسلام في ألمانيا. ومنذ الحرب العالمية الثانية، لم يدخل حزب يميني متطرف إلى البرلمان الألماني، لكن انتخابات يوم الأحد قد تسجل سابقة جديدة. فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا قد يحصل على حوالي 10 بالمائة من أصوات الناخبين، علما أنه يحتاج إلى خمسة بالمائة فقط من هذه النسبة لتطأ قدمه البرلمان. وما يقض مضجع ميركل والكثير من الساسة الألمان هو احتمال أن يكون حزب البديل من أجل ألمانيا كتلة المعارضة الرئيسيّة في البرلمان. وتتمثل الأحزاب البارزة الأخرى المشاركة في هذه الانتخابات، في حزب اليسار الذي يضم شيوعيين سابقين وأعضاء منشقين عن الحزب الاشتراكي وحزب الديموقراطيين الأحرار وهو حزب ليبرالي وحزب الخضر. وستكون نسبة التصويت التي تحصل عليها هذه الأحزاب، محط الأنظار لأن أيا منها قد يساهم في تشكيل الائتلاف القادم في البرلمان. ولا يستبعد في ظل هذا المشهد السياسي المعقد أن تضطر ميركل للتحالف مجدداً مع غريمها شولز في ائتلاف جديد.
مشاركة :