تسود أجواء من الترقب والحماس والقلق في المناطق التي ستصوت في الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق. بين متحمس للاستفتاء ولاستقلال الإقليم، وبين قلق من نتائج الاستفتاء الذي ترفضه بغداد وأنقرة وطهران، خصوصا في ظل التهديدات الإقليمية من رد فعل قاس على الاستفتاء، والمطالبات الدولية بإلغائه أو تأجيله. تسود أجواء من الترقب قبل أقل من أربع وعشرين ساعة من موعد إجراء الاستفتاء على استقلال كرستان العراق، وسط الخشية من اضطرابات في أعقاب تحذيرات متتالية من دول الجوار التي تعارض ذلك بشدة. وفي أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان ومعقل رئيسه مسعود بارزاني الذي دعا في حزيران/يونيو إلى الاستفتاء، تزين الأعلام الكردستانية المنازل والمباني والسيارات. غير أن غالبية الذين سيدلون بأصواتهم، عبروا عن مخاوفهم من تبعات هذه المبادرة على الإقليم. ويقول المواطن أحمد سليمان (31 عاما) "بالحقيقة ننتظر بفارغ الصبر ما سيكون عليه الوضع بعد 25 أيلول (سبتمبر) لأننا نعرف النتائج مسبقا بأن غالبية شعبنا الكردي سيصوت بنعم للاستفتاء، لأنه سيحدد مصيرنا ويحقق حملنا في بناء دولتنا". لكنه أشار في المقابل إلى المخاوف من "نوايا الأعداء. لديهم نوايا شريرة ضدنا". وسيدلي ملايين الأكراد بأصواتهم الاثنين في ثلاث محافظات تتمتع بحكم ذاتي، إضافة إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين بغداد والإقليم. وفي هذا الصدد، قال كاروان محمد 27 عاما إن "ما نخشاه هو مخططات دول الجوار، وإلا جميع شعبنا مع الاستقلال لأننا لم نر أي خير مع العراق طوال هذه السنين". وأضاف الشاب الذي يعمل في بيع الملابس "اليوم نرى دول الجوار تتفق ضدنا رغم أن لديهم العديد من الخلافات". واعتبرت تركيا أن الاستفتاء "غير شرعي" ونبه رئيس الوزراء بن علي يلديريم السبت إلى أن التدابير التي ستتخذها تركيا في حال إجراء الاستفتاء "سيكون لها أبعاد دبلوماسية وسياسية واقتصادية وأمنية". وطالبت إيران وتركيا والعراق الخميس السلطات في إقليم كردستان بإلغاء الاستفتاء، وهددوا باتخاذ إجراءات قاسية. وفي السليمانية ثاني أكبر مدن الإقليم التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني يبدو المشهد أقل حماسة تجاه الاستفتاء. ويقول كامران أنور (30 عاما) "سأتوجه إلى صندوق الاقتراع غدا، لكي أصوت ضد استقلال كردستان، لأن الوضع الحالي غير مناسب للاستقلال عن بغداد". وأعرب أنور الذي يعمل معلما عن خشيته من تبعات الاستفتاء قائلا "لدي مخاوف من حصار اقتصادي قد يفرض على الإقليم ومن اندلاع حرب داخلية مع الحشد الشعبي، كما أخاف أن أستقيظ من النوم لأشاهد دبابات تركية تدخل الإقليم". كركوك حصان طروادة لكن المدينة الأكثر حساسية هي كركوك التي تهافت سكانها على شراء المواد الغذائية، لكنها بدت هادئة صباح الأحد، وتغطي شوارعها الأعلام الكردية ورايات حسينية لإحياء ذكرى عاشوراء. وقدم الاتحاد الوطني الكردستاني مقترحا إلى بارزاني يتضمن تأجيل الاستفتاء في مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها تفاديا لاندلاع نزاع. وقالت النائبة آلا طالباني في رسالة حصلت فرانس برس على نسخة منها "هناك اجتماع اليوم في أربيل حول تأجيل الاستفتاء في كركوك، والسيد نيجرفان بارزاني على تماس تام معنا حول هذا الموضوع، والرجل متفهم تماما للمناشدات المحلية والدولية". وليست كركوك جزءا من المحافظات الثلاث التي تشكل منطقة الحكم الذاتي في كردستان. وهي منطقة متنازع عليها بين حكومة بغداد والأكراد الذين يؤكدون أنها تعود لهم تاريخيا قبل أن يطردهم منها صدام حسين ويوطن عشائر عربية فيها. وتصاعدت التهديدات وأصبحت أكثر وضوحا داخل العراق ضد كردستان. وقال مستشار الأمن الوطني رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض إن "الحكومة الاتحادية ستؤدي كافة مسؤوليتها التي كفلها الدستور لحماية الأراضي العراقية وعدم تقسيمها". وأضاف أن "الاستفتاء هو عمل استفزازي وكسر للأطر التاريخية بين العرب والكرد، وسيكلف الجهات الراعية له ثمنا باهظا" موضحا أنه "متى ما تم الاستفتاء سيتم الرد عليه بأسلوب دستوري وقانوني". وتشكلت معظم فصائل الحشد الشعبي بعد انهيار الجيش العراقي في حزيران/يونيو 2014 من أجل محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي استولى على ثلث مساحة العراق. وصدر رد فعل حاد من عصائب أهل الحق، أحد أبرز الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي تجاه الاستفتاء. وقال محمود الربيعي المتحدث باسم الجماعة "ندعو ونؤكد أن تقوم السلطات الاتحادية التشريعية والتنفيذية بواجبها الوطني واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بالتصدي لهذا المشروع الذي يهدد السلم الأهلي والأمن الوطني وينذر بتصعيد وتوتر مجتمعي قد يفضي إلى ما لا يحمد عقباه". ودعت واشنطن والدول الغربية كذلك إلى إلغاء أو تأجيل الاستفتاء. طهران تلغي الرحلات إلى كردستان العراق أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن طهران حظرت الأحد جميع الرحلات مع كردستان العراق بناء على طلب الحكومة العراقية، عشية إجراء استفتاء حول تقرير مصير الإقليم. وقال كيوان خسروي المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي "بناء على طلب الحكومة العراقية المركزية، توقفت جميع الرحلات الجوية الإيرانية إلى مطارات أربيل والسليمانية وكذلك جميع الرحلات الجوية المنطلقة من كردستان العراق والتي تعبر أجواء إيران" كما نقلت عنه الوكالة الرسمية. فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 24/09/2017
مشاركة :