أصدرت السفارة الأميركية في العراق تحذيرا لرعاياها من اضطرابات محتملة أثناء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق الذي تخطط السلطات الكردية في شمال البلاد له غداً (الاثنين)، رغم معارضة الحكومة المركزية في بغداد.وقال تحذير السفارة الأميركية «يجب على المواطنين الأميركيين تجنب السفر إلى أو داخل المناطق المتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان وحكومة العراق».ولم تستجب حكومة كردستان لدعوات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا لتأجيل الاستفتاء. كما تعارض إيران وتركيا بشدة الاستفتاء خشية أن يؤجج النزعة الانفصالية بين الأكراد فيهما.وتسود أجواء من الترقب قبل أقل من أربع وعشرين ساعة من موعد إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، وسط الخشية من هذه الاضطرابات في أعقاب التحذيرات المتتالية من دول الجوار التي تعارض ذلك بشدة.وفي أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان ومعقل رئيسه مسعود بارزاني الذي دعا في يونيو (حزيران) إلى الاستفتاء، تزين الأعلام الكردستانية المنازل والمباني والسيارات. غير أن غالبية الذين سيدلون بأصواتهم، عبروا عن مخاوفهم من تبعات هذه المبادرة على الإقليم.ويقول المواطن أحمد سليمان (31 عاماً): «بالحقيقة ننتظر بفارغ الصبر ما سيكون عليه الوضع بعد 25 سبتمبر (أيلول) لأننا نعرف النتائج مسبقاً أن غالبية شعبنا الكردي سيصوت بنعم للاستفتاء لأنه سيحدد مصيرنا ويحقق حملنا في بناء دولتنا».لكنه ابدى مخاوفه مما سيحصل لاحقا.وسيدلي ملايين الأكراد بأصواتهم يوم غد في ثلاث محافظات تتمتع بحكم ذاتي، إضافة إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين بغداد والإقليم.وفي هذا الصدد، قال كاروان محمد (27 عاما)، إن «ما نخشاه هو مخططات دول الجوار وإلا جميع شعبنا مع الاستقلال لأننا لم نر أي خير مع العراق طوال هذه السنين». وأضاف الشاب الذي يعمل في بيع الملابس: «اليوم نرى دول الجوار تتفق ضدنا رغم أن لديهم كثيراً من الخلافات».واعتبرت تركيا أن الاستفتاء «غير شرعي»، ونبه رئيس الوزراء بن علي يلدريم يوم أمس (السبت) إلى أن التدابير التي ستتخذها تركيا في حال إجراء الاستفتاء «ستكون لها أبعاد دبلوماسية وسياسية واقتصادية وأمنية».وطالبت إيران وتركيا والعراق الخميس السلطات في إقليم كردستان إلى إلغاء الاستفتاء وهددوا باتخاذ إجراءات قاسية. وفي السليمانية ثاني أكبر مدن الإقليم التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، يبدو المشهد أقل حماسة تجاه الاستفتاء.ويقول كامران أنور (30 عاما): «سأتوجه إلى صندوق الاقتراع غدا، لكي أصوت ضد استقلال كردستان، لأن الوضع الحالي غير مناسب للاستقلال عن بغداد».وأعرب أنور الذي يعمل معلماً عن خشيته بعد الاستفتاء قائلاً: «لدي مخاوف من حصار اقتصادي قد يفرض على الإقليم ومن اندلاع حرب داخلية مع الحشد الشعبي، كما أخاف أن أستيقظ من النوم لأشاهد دبابات تركية تدخل الإقليم».لكن المدينة الأكثر حساسية هي كركوك التي تهافت سكانها على شراء المواد الغذائية، لكنها بدت هادئة صباح الأحد، وتغطي شوارعها الأعلام الكردية ورايات لإحياء ذكرى عاشوراء.وقدم الاتحاد الوطني الكردستاني مقترحا إلى بارزاني يتضمن تأجيل الاستفتاء في مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها تفادياً لاندلاع نزاع.وقالت النائبة آلا طالباني في رسالة حصلت الصحافة الفرنسية على نسخة منها: «هناك اجتماع اليوم في أربيل حول تأجيل الاستفتاء في كركوك والسيد نيجرفان بارزاني على تماس تام معنا حول هذا الموضوع والرجل متفهم تماما للمناشدات المحلية والدولية».وليست كركوك جزءاً من المحافظات الثلاث التي تشكل منطقة الحكم الذاتي في كردستان. وهي منطقة متنازع عليها بين حكومة بغداد والأكراد الذين يؤكدون أنها تعود لهم تاريخياً قبل أن يطردهم منها صدام حسين ويوطن عشائر عربية فيها، على حد قولهم.وتصاعدت التهديدات وأصبحت أكثر وضوحاً داخل العراق ضد كردستان. وقال مستشار الأمن الوطني رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض إن «الحكومة الاتحادية ستؤدي جميع مسؤوليتها التي كفلها الدستور لحماية الأراضي العراقية وعدم تقسيمها». وأضاف أن «الاستفتاء هو عمل استفزازي وكسر للأطر التاريخية بين العرب والكرد وسيكلف الجهات الراعية له ثمناً باهظاً»، موضحاً أنه «متى ما تم الاستفتاء فسيتم الرد عليه بأسلوب دستوري وقانوني».وتشكلت معظم فصائل الحشد الشعبي بعد انهيار الجيش العراقي في يونيو 2014 من أجل محاربة تنظيم داعش الذي استولى على ثلث مساحة العراق. وصدر رد فعل حاد من عصائب أهل الحق أحد أبرز الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي تجاه الاستفتاء.وقال محمود الربيعي المتحدث باسم الجماعة: «ندعو ونؤكد أن تقوم السلطات الاتحادية التشريعية والتنفيذية بواجبها الوطني واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بالتصدي لهذا المشروع الذي يهدد السلم الأهلي والأمن الوطني وينذر بتصعيد وتوتر مجتمعي قد يفضي إلى ما لا يحمد عقباه».ودعت واشنطن والدول الغربية كذلك إلى إلغاء أو تأجيل الاستفتاء.
مشاركة :