قبل ثلاثة شهور، حظرت السلطات الأردنية إقامة حفلة للفرقة اللبنانية «مشروع ليلى»، وهي فرقة موسيقية أُنشئت عام 2008 من خمسة أعضاء، على أراضيها للمرة الثانية في غضون سنتين باعتبارها «مثيرة لاستفزاز مشاعر العامة»، إذ غالباً ما تستغل جماعات ذات ميول مثلية حفلات الفرقة لرفع راياتها ذات الألوان المتعددة. أصدرت الفرقة وقتها بياناً تعبر فيه عن الاستياء لقرار المنع، لكنها أبدت تحدياً في الوقت ذاته، إذ أكدت أن القرار «لن يؤثر في جولاتنا المستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا والأميركتين». فيما يبدو اليوم خيار الشرق الأوسط محدوداً للغاية أمام الفرقة التي تواجه موقفاً حرجاً في القاهرة، قد ينتهي بالتوقيف أو حظر دخولها مصر، وفي أفضل الأحوال الاكتفاء بقرار «عدم إقامة حفلات لها في مصر». بدأت الأزمة ببث مقطع فيديو لحفلة «مشروع ليلى» التي أقيمت الجمعة الماضي في مول «كايرو فيستفال» بمدينة نصر (شرق القاهرة)، راحت خلاله مجموعات من الحاضرين تلوّح براية «الميم». وتزامناً نشرت صفحة للمثليين تدعى «رينبو إيجيبت» على موقع «فايسبوك» صوراً من الحفلة للمجموعات ذاتها مصحوبة بعبارات شكر «لكل من رفع العلم للإعلان عن أننا (المثليين) هنا في مصر»، معتبرين ذلك نوعاً من «النضال لانتزاع حقوق المثليين»، علماً أن قوات الأمن المصرية سبق أن أوقفت مثليين في قضايا عدة، أشهرها واقعة بث مقطع فيديو لشباب يتبادلون القبلات عقب ارتداء محابس الزواج في محاكاة للأعراس التقليدية، وهم ثمانية شبان حكم عليهم عام 2014 بالسجن مدة سنة، فيما برأت محكمة الجنايات 26 آخرين في واقعة أخرى اتهموا فيها بممارسة الشذوذ داخل حمام عام مطلع عام 2015. «لماذا مشروع ليلى تحديداً؟» تساؤل يجيب عنه لقاء تلفزيوني قبل سنة مع الفرقة، إذ أفصح خلاله عضو الفرقة حامد سنو عن ميوله المثلية، فراحت مجموعات مثلية ترى في حفلات الفرقة فرصة للإعلان عن أنفسها. في المقابل، أثارت تلك المقاطع والصور مشاعر غضب لدى غالبية ممن أكدوا رفضهم الاعتراف بأي حقوق لتلك الجماعات، خصوصاً في مجتمع محافظ كالمجتمع المصري. يذكر أن حفلات الفرق الأجنبية في مصر تخضع لإجراءات عدة، بداية من تقديم طلب من الجهة المستضيفة ورعاة الحفلة إلى القوى العاملة وإدارة المصنفات الفنية التي تتمتع بحق الضبطية القضائية ونقابة المهن الموسيقية، إذ تُشترط موافقة الجهات الثلاث للحصول على تصريح لإقامة الحفلة. وخلال الحفلة نفسها من المفترض وجود عناصر من نقابة المهن الموسيقية وإدارة المصنّفات لرصد أي مخالفات، مع صلاحية تملكها إدارة «المصنفات» لوقف أي حفلة، وفق عضو مجلس نقابة الموسيقيين خالد بيومي. وقالت عضو المجلس المطربة نادية مصطفى لـ «الحياة»: «إن المجلس التأم بصورة طارئة صباح أمس عقب المقاطع التي انتشرت من الحفلة، واتخذ قراراً بمنع إصدار تصاريح جديدة لـ مشروع ليلى»، معتبرة ما حدث أخيراً «صادماً وخارج التوقعات ويستلزم وقفة حاسمة»، ومشيرة إلى التنسيق مع الأمن للمطالبة بـ «حظر دخول الفرقة مصر». من جهة أخرى، قُدمت بلاغات عدة إلى النائب العام المصري صباح أمس، تطالب بتوقيف أعضاء الفرقة الذين لم يغادروا مصر حتى كتابة التقرير، بتهمة «الحض على الفسق والفجور»، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى الحبس مدة لا تزيد على عامين وغرامة لا تزيد على 5 آلاف جنيه،.
مشاركة :