حروب العنصريين القديمة الجديدة في المنطقة بقلم: إبراهيم الزبيدي

  • 9/26/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

متى ينتهي الصراع القديم الجديد بين عنصريين وعنصريين، دكتاتوريين ودكتاتوريين، فاسدين وفاسدين؟ ومتى تستيقظ شعوبنا المغفلة العربية والكردية والإيرانية والتركية من سباتها المدمر الطويل؟العرب إبراهيم الزبيدي [نُشر في 2017/09/26، العدد: 10763، ص(8)] في حالة واحدة فقط كان سيُصبح من واجبنا أن نحترم رئيس إقليم كردستان المنتهية رئاسته، مسعود البارزاني، وأن نعتبره البطل القومي الصادق الأمين وأن نفرد له مكان الصدارة بين شارل ديغول محرر فرنسا التاريخي، ونيلسون مانديلا بطل الحرية الأفريقية، وأوتو فون بسمارك البطل القومي التاريخي للشعب الألماني، ونقشنا بحروف من ذهب تاريخ سعيه لانتزاع حرية شعبه بشجاعة العاقل وصلابة العادل لو كان قد جعل من كردستان العراق التي حكمها مع أولاده، وباقي أفراد قبيلته البارزانية، عشرات السنين، منارة للديمقراطية والعدالة والازدهار والأمن والأمان، ولم يضع مصالحه الزعامية والأسرية والعشائرية فوق الوطن والمواطن، ولم يتآمر، بالحلال وبالحرام، لإسقاط خصومه “الاتحاديين” و“التغييريين”، ولم يذبح صحافيا لأنه شتمه ذات يوم، ولم يطرد نائبا أو وزيرا خالفه في الرأي أو العقيدة، ولم يخترع المبررات والمسوغات لبسط أيدي أبنائه وأبناء أعمامه وأخواله، وحدهم، على مؤسسات الـدولة، واحـدة بعد أخـرى، ليصبح هو الزعيم الأوحد والقائد الضرورة الجديد. لقد ألحق ضررا كبيرا جدا بالحق الكردي المشروع المحلي الخاص بشعب كردستان العراق، أو في صيغته القومية الكردية الواسعة التي يحلم بها المواطن الكردي في كل مكان، حين أفقده الكثير من هيبته وقدسيته، وحَوَّله، في نظر أعداء الشعب الكردي وأصدقائه على السواء، إلى أداةِ حرب سياسية واقتصادية يستخدمها في معاركه الرئاسية النفعية الشخصية العابرة، رغم علمه بالعواقب الوخيمة التي تنتظر الأكراد العراقيين، ثم الإيرانيين والأتراك والسوريين، في الزمن القريب الآتي وفي الزمن البعيد. وهو حين يبرر إصراره على الانفصال برفضه الدولة الدينية في بغداد، فإن أبسط رد عليه هو أن دولة الدكتاتورية العنصرية التي أتقن إقامتها في كردستان ليست أقل شرورا وأذى من دولة دكتاتورية الطائفة والدين. فـ“شهاب الدين أزفتُ من أخيهِ”. وإن كان الفعل البارزاني عنصريا وعدوانيا دون شك، فرد الفعل عليه هو الآخر عنصري وعدواني بامتياز. فلا الأول استخدم الوسائل الديمقراطية العقلانية للتفاهم مع شركائه في الوطن، وجيرانه، محاولا إقناعهم بمشروعه الانفصالي، ولا خصومه في بغداد وطهران وأنقرة قرروا التصدي له، ثم فاجأوه بتحضيراتهم العقابية بعد أن فشل الحوار الديمقراطي المتمدن الخالي من لغة التهديد والوعيد. فلا يمكن تبرئة موقف حكومة المنطقة الخضراء وأحزابها الدينية الشيعية والسنية والجماعات العربية القومية الغاضبة على استفتاء البارزاني، من الحقد العنصري والطائفي، ولا من الأنانية والمصالح الزعامية المُلبَّسة ثيابَ الحمية والغيرة على الوطن والشرف والدين. فلو كان واقع السلطة في بغداد، وتاريخ أحزابها وشخصياتها الدينية والعشائرية الكبيرة المتنفذة، غير ما رأينا ونرى، وغير ما سمعنا ونسمع عن طائفيتها وفسادها وتخلفها وظلمها وعبثها بالدستور والقوانين، لكان علينا أن نصدق أنها، في خصامها مع البارزاني، مدفوعة بإخلاصها للديمقراطية، وباحترامها للشرعية والدستور، وبخوفها على الشعب الكردي من ظلم الظالمين وفساد الفاسدين. ثم متى كانت أحزاب المنطقة الخضراء منصفة وعادلة مع أهالي المناطق التي توصف بأنها المتنازَع عليها؟ شيء آخر. لا يمكن أن نكيل مواقف النظامين الإيراني والتركي من الاستفتاء إلا بنفس المكيال. فقد اجتمع العنصريون والطائفيون والدكتاتوريون العراقيون والإيرانيون والأتراك على معاقبة الشعب الكردي، وأخذه بجريرة حفنةٍ من تجار سياسة، وباعة شعـارات، متسلطين عليـه بقـوة المال والسلطة وسلاح المخابرات الأجنبية، تماما مثلما تسلط حزب الدعوة وحلفاؤه وميليشياته على العراقيين، والوليُّ الفقيه وحرسُه الثوري على الإيرانيين، والسلطان أردوغـان ومخابراتُه على أهـل تـركيا أجمعين. فتكملة لاجتماعات العسكريين والسياسيين الإيرانيين والأتراك لتوحيد الجهود لمواجهة المشروع البارزاني جاء دور العراقيين. فقد أعلن بيان مشترك صدر عن لقاء بين قائد الجيش العراقي، عثمان الغانمي، ونظيره التركي، خلوصي أكار، في أنقرة، وفقا لما نقلته وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية “إن الجانبين بحثا التطورات المهددة لاستقرار المنطقة، وعلى رأسها الاستفتاء غير المشروع الذي يزمع الإقليم الكردي إجراءه في 25 سبتمبر الجاري”. وكان وزير الدفاع التركي، نورالدين جانيكلي، قد أعلن “أن قرار الاستفتاء وتطبيقه قد يمهدان الطريق أمام سلسلة من ردود الأفعال، ومثل هذه الخطوة غير المسؤولة قد تتسبب بحريق في المنطقة لا يمكن السيطرة عليه”. وأمس تلقى حيدر العبادي اتصالا هاتفيا من الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد فيه “الموقف الإيراني الرافض للاستفتاء في إقليم كردستان العراق، لخطورته على وحدة العراق واستقرار المنطقة وأمنها”. كما أصدرت وفود العراق وإيران وتركيا إلى الأمم المـتحدة بيـانا مشتركا نشرته وزارة خـارجية بغـداد نص على اتخاذ “إجراء عدم دستورية الاستفتاء الذي تنوي حكومة إقليم كردستان العراق إجراءه، لأنه سيسبب صراعات في المنطقة من الصعب احتواؤها”. وهنا نسأل، لمصلحة مَن كل هذه اللقاءات والتفاهمات لإنعاش العنصرية وتأجيج الكراهية، وإشعال حروب طروادة في المنطقة؟ ثم، متى ينتهي الصراع القديم الجديد بين عنصريين وعنصريين، دكتاتوريين ودكتاتوريين، فاسدين وفاسدين؟ ومتى تستيقظ شعوبنا المغفلة العربية والكردية والإيرانية والتركية من سباتها المدمر الطويل؟ كاتب عراقيإبراهيم الزبيدي

مشاركة :