يحتل لوس أنجليس غالاكسي المركز قبل الأخير في جدول ترتيب القسم الغربي للدوري الأميركي الممتاز بعدما جمع 27 نقطة فقط من 29 مباراة، وهو مركز لا يليق بالنادي الذي عُرف بضمه للأسماء الشهيرة في عالم كرة القدم لدرجة أنه يمنح حاليا 4 ملايين دولار كراتب سنوي للاعب المكسيكي جيوفاني دوس سانتوس، كما يضع النادي خمسة ألقاب للدوري الأميركي الممتاز في ملعب ستاب هاب سنتر، الذي صال وجال عليه النجم الإنجليزي ديفيد بيكام كأبرز لاعب ضمه الفريق. وكان آخر إخفاق للوس أنجليس غالاكسي قد حدث هنا في أتلانتا يوم الأربعاء الماضي، حيث كان الفريق متأخرا بأربعة أهداف دون رد ويلعب بعشرة لاعبين مع نهاية الشوط الأول. ولم يجد نادي أتلانتا يونايتد، الذي حقق نجاحا كبيرا داخل وخارج الملعب في أول موسم له في الدوري الأميركي الممتاز، عناء في زيادة النتيجة في الشوط الثاني. وألقى سيجي شميد، الذي عانى كثيرا منذ عودته كمدير فني لغالاكسي في أواخر يوليو (تموز) الماضي، باللوم على «عدم التركيز» من جانب لاعبي خط الدفاع الذي عانى كثيرا أمام هجوم أتلانتا. وكان خط دفاع لوس أنجليس غالاكسي في تلك المباراة يضم الإنجليزي أشلي كول. وكان اللاعب المخضرم البالغ من العمر 36 عاما مسؤولا جزئيا عن أحد أهداف أتلانتا بعدما لعب على الكرة ولم يراقب لاعب الفريق المنافس كما ينبغي، لكن المدافع المخضرم لعب بشكل جيد في تلك المباراة وكان يوزع الكرات بشكل رائع ويتواصل مع زملائه جيدا، كما كان في حالة بدنية أكثر من رائعة. وفي الحقيقة، لا يمكن اتهام كول بأنه قد تعامل مع الدوري الأميركي الممتاز على أنه مجرد محطة من أجل الحصول على أموال طائلة في نهاية مسيرته في عالم كرة القدم، ويكفي أن نعرف أن راتبه السنوي يصل إلى 350 ألف جنيه إسترليني، وهو مبلغ ليس مرتفعا بالمقارنة بالمبالغ المالية التي يحصل عليها غيره من اللاعبين. ويمتلك الظهر الأيسر الإنجليزي خبرات هائلة ولديه سجل حافل من البطولات والألقاب، حيث خاض مع منتخب بلاده 107 مباريات دولية وحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز ثلاث مرات - مع ناديين مختلفين - كما حصل على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي سبع مرات وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرة واحدة. وحصل كول على لقب دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي أيضا خلال الفترة الرائعة التي قضاها في نادي تشيلسي. وقبل ذلك، كان كول لاعبا أساسيا في فريق آرسنال الذي لا يقهر. وفي ضوء هذه الإنجازات كان يجب أن يكون كول أحد أشهر اللاعبين في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، لكنه بدلا من ذلك أصبح معزولا وفي طي النسيان. وفي الحقيقة، ينبغي أن نشعر بحزن عميق إزاء ذلك، بغض النظر عن الظروف المحيطة وأسباب ما حدث. ويصور البعض كول على أنه يضم كل الصفات السلبية الموجودة في كرة القدم الحديثة، مثل الجشع المادي وسوء السلوك. وقد اتهم كول بالخيانة وارتكاب بعض المشاكل القانونية وإطلاق النار بشكل غير مقصود من بندقية هوائية على طالب. صحيح أن هذه الاتهامات لا ترقى لأن تحيله للوقوف أمام محكمة لاهاي لجرائم الحرب، لكن عندما تجمع كلها جنبا إلى جنب يُكون المراقبون رأيا قاسيا على اللاعب المخضرم! لقد أصبح كول الآن أبا ويمكن أن يعترف بارتكابه بعض الأفعال المتهورة في شبابه، لكنه يعيش الآن حياة هادئة نسبيا في هوليوود، لكن يبدو أن أحدا لم يهتم بذلك!. والأهم من ذلك يكمن في أن كول يحمل ضغينة في قلبه للأسباب التي جعلت الآخرين ينظرون إليه على هذا النحو السلبي. لقد اختار كول أن يبتعد عن الأضواء في لوس أنجليس غالاكسي بعد الفترة القصيرة التي خاضها مع نادي روما الإيطالي، وهو ما يؤكد على أنه كان سعيدا للغاية بالابتعاد عن وسائل الإعلام. ولم يكن هناك أي اهتمام واضح من جانبه للانتقال إلى ناد إنجليزي آخر على الرغم من إمكانية حصوله على مقابل مادي أعلى. وفي أعقاب حصول تشيلسي على لقب دوري أبطال أوروبا عام 2012. طلب صحافي بصحيفة إنجليزية من كول إجراء حديث معه أثناء مغادرته ملعب أليانز أرينا، لكنه رد قائلا: «لا، فليذهبوا إلى الجحيم». ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يشعر أي صحافي بالخوف عندما يطلب إجراء مقابلة صحافية مع كول - الذي لم أقابله أو أكتب عنه مطلقا من قبل - بعد الهزيمة الثقيلة أمام أتلانتا. كما أثارت مقابلة نادرة مع مجلة «سبورتس إيلوستريتد» في يونيو (حزيران) الماضي شكوكا حول تعامله مع وسائل الإعلام البريطانية. وفي تلك المقابلة، قال المدافع الدولي السابق: «لن أنتصر أبدا. لا يمكنك أبدا أن تنتصر على الصحافة، خاصة في إنجلترا. إنها قوية للغاية. أصدقائي وأسرتي وزملائي في الفريق يعرفونني جيدا، لكن الصحافة تصورني بصورة ليست جيدة. إنها ليست شخصيتي، وما يصورنه ليس أنا». وفي محاولة يائسة جدا لتسويق نفسه من خلال هذا الموضوع، سخر كاتب بـ«سبورتس إيلوستريتد» من الصحافة الإنجليزية الرياضة، وقال: «الثقافة الرياضية الأميركية، حتى في البطولات الأكثر شعبية، ليست سامة أو مدمرة بالطريقة التي جعلت كول يعانى في بلده». وكان هناك أمل في أن يكون كول في حالة مزاجية تسمح له بالحديث عن تجربته مع لوس أنجليس غالاكسي من خلال المسؤول الإعلامي بالنادي، الذي ظهر قبل انطلاق مباراة فريقه أمام أتلانتا بصورة مهنية ودية ومريحة للغاية. ولكن بعد انتهاء المباراة - ومن الواضح أن ذلك حدث بالتشاور مع كول - تغيرت لهجة المسؤول الإعلامي، وبعدما كان يسألني ما هي الأسئلة التي تريد أن توجهها إليه؟، قال لي «إنه سيستغرق وقتا طويلا في الحمام»، في إشارة غير مؤكدة على النتيجة الحتمية للانتظار لمدة ساعة كاملة، وبالفعل قال لي في النهاية «أشلي يرفض التحدث». وانتظرت لكي أسمع ذلك من كول نفسه، الذي قابلني بابتسامة عريضة ونقلت له تحيات صديق مشترك في العاصمة البريطانية لندن. وجاء الرفض الرسمي لإجراء المقابلة، كما رفض حتى إمكانية توجيه بعض الأسئلة إليه وهو في طريقه لحافلة الفريق. وعندما قلت له إن الهدف هو كتابة مقالة إيجابية عن الفترة التي قضاها في الولايات المتحدة، رد قائلا: «ما جدوى أن تكونوا إيجابيين الآن؟ أنتم لم تفعلوا ذلك على مدار سنوات وسنوات». وظهرت علامات الغضب والانزعاج على وجهه وانصرف. لم يكن هذا معهودا في الدوري الأميركي الممتاز، حيث يجري اللاعبون الحوارات الصحافية بابتسامة عريضة. صحيح أن هذه التجربة كانت بعيدة كل البعد عن أن تكون أكبر صدمة أتلقاها في مسيرتي كصحافي، لكنها كانت من التجارب المخيبة للآمال في حقيقة الأمر. كنت أريد أن أجري مقابلة صحافية مع كول الهادئ الذي يختلف تماما عن الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام وأن أخبر الآخرين بأن هذه الصورة كانت خاطئة، ولكني لم أتمكن من ذلك. وقال مسؤول الإعلام بنادي لوس أنجليس غالاكسي إن مقالات معينة من قبل هذه المجلة بالذات كانت هي السبب في رفض كول لإجراء الحوار الصحافي. في الواقع، لا يعد كول شخصية انعزالية، لكنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز صورته الشخصية وزيادة قيمة الرعاية، كما ينبغي. وعلى مستوى القاعدة، فإن المتابعة الإعلامية الكبيرة للدوري الإنجليزي الممتاز قد ساعدت كول ومعاصريه من اللاعبين على الوصول إلى أعلى الدرجات المالية. ومع ذلك، ربما كان كول محقا، وربما كان شعوره بأن وسائل الإعلام قد شوهت صورته هو السبب في رفضه للتعاون مع وسائل الإعلام مرة أخرى. ولا يمكن لأحد أن يتهمه بأنه لا يتعاون لمجرد أنه الآن على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وما الذي سيكتسبه كول من مساعدتنا الآن سوى تعزيز طفيف لسمعته إذا ما كان يرغب في العمل في كرة القدم البريطانية بعد اعتزاله؟ ربما كان من المتوقع أن يوضح كول موقفه بشكل أفضل أمام أتلانتا، لكن الهزيمة الثقيلة التي تلقاها فريقه قد زادت من إحساسه بعدم الارتياح. وفي ظل لجوء لوس أنجليس غالاكسي إلى عملية إعادة هيكلة شاملة للفريق بعد نهاية هذا الموسم الصعب للغاية، بات مستقبل كول مع الفريق غير واضح. والحقيقة أن كول قد حصل على ما يكفي من المال وجمع ما يكفي من الميداليات بالدرجة التي تجعله لا يهتم على الإطلاق بما سيحدث له بعد ذلك. وبالنسبة لنا، فمن السخيف أننا نعشق لاعبين لا يملكون ولو قدر ضئيل من موهبة كول، لكن كول نفسه ربما يكون مسؤولا عن ذلك وربما كان يتعين عليه أن يغير تلك الصورة التي رسمتها له وسائل الإعلام.
مشاركة :