تُرْسَم المرأة دوماً في مخيلة الرجل بأنها ذلك النصف الآخر في حياته الذي يكمل به نقصه، ويرحمه عند ضعفه، ويحنو عليه، ويكون له منها البنون والبنات، ويعتمد عليها في الأزمات. ولا أنكر أبداً أن هذا هو الدور الحقيقي والأساسي للمرأة، فأين نجد الحنان إن لم يكن في حضنها؟ وأين يربى النشء إن لم يكن على عينها؟ وأين يجد الزوج حصنه وسعادته إن لم يكن عند حلاله؟ وأي نظرة أحلى من نظرة لوجه زوجة طائعة محبة مخلصة؟! ولكن وآه من لكن.. نجد أن المرأة تقع في كثير من الحالات بين سندانين:١- بين أن تتخلى المرأة عن وظيفتها الأساسية وتهجر بيتها وتترك أولادها وتسعى لتحقيق ذاتها، وإيجاد عمل تخرج فيه طاقتها وإبداعها وتشعر فيه بتميزها بين قريناتها، وتمر بها الأعوام وتمضي لتجد أن فلذات أكبادها انشغلوا أيضاً في دنياهم فتندم على لحظات ضيّعتها وأوقات افتقدها أحبابها فيها. ٢- وبين أن تذوب المرأة في بيتها وأولادها وزوجها، فتحيا لهم وبهم تطهو طعامهم، وتذاكر معهم دروسهم، وتجهز ملابسهم، وتتفنن في إسعاد الزوج والولد، حتى تمضي السنون ويكون لكل داره وشغله الشاغل فلا تجد عملاً تجيده، ولا أمراً تقضي فيه وقتها، ويملأ الفراغ عليها أيامها. فما أحلى الوسطية في الأمور كلها! فلا يزال بيت المرأة والزوج والأولاد هو الأولوية الأولى في حياة كل امرأة سوية تقية، ولكن تختلف درجة الاحتياج لها من وقت لآخر، فتكون السنون الأولى من عمر الأبناء هي أحوج الأوقات لوجود الأم وتعليمها وإرشادها، وقد يقل هذا الاحتياج مع اعتماد الأبناء على أنفسهم وقدرتهم على إدارة بعض أمورهم.. فيخف الحِمل عن الأم شيئاً فشيئاً مما يعطيها بعض الوقت للتفرغ لنفسها. هذا بالنسبة للأبناء.. فأين الزوج؟ إذا كانت بيوتنا افتقدت المرأة الزوجة بعد أن طغت عليها المرأة النجمة، فنساؤنا افتقدن الرجل المعلم بعد أن طغى عليه الرجل العامل. أين ذلك الرجل الذي يعود من عمله فيسأل زوجته عن حالها، عن صلاتها، قبل أن يسأل عن طعامه ومواعيد دروس أولاده؟! أين أولئك الرجال الذين كانوا يخرجون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلموا نساءهم أمور دينهن كما علمهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين الرجل الذي يحرص حرصاً وثيقاً على اجتماع أسرته حوله في لقاء تربوي أسري جميل؟! أين حرص الرجل على تعلّم زوجته تلاوة القرآن وتجويده وخاصة المجيدين للتلاوة والحافظين لكتاب الله؟! صدّقوني عندما افتقدت المرأة الزوج المعلم، وخاصة صاحبة الهمّة قادها شوقها ونهمها للعلم للبحث عنه في كل ميادين العلم وبحوره، وكل امرأة تختلف عن أختها في الميدان الذي يستهويها والعلم الذي يشبع تخصصها. ومع احترامي للرجال ومشاغلهم وأعمالهم فهي ليست بأكثر من مشاغل وهموم قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أطلب من أزواجنا وآبائنا إلا أن يفعلوا كما فعل سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، بأن خصص يوماً من وقته للنساء يعلمهن ويستفسرن فيه عما خفي عليهن من أمور الدين.. حتى لا تطغى أبداً المرأة النجمة على المرأة الزوجة، وتظل الزوجات في بيوتهن ومجالاتهن نجمات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :