"إذا تحدثت معي عن احتمالية انتقال نيمار ومبابي إلى باريس سان جيرمان لقلت إن ذلك جنونا، ولكن النادي وضع هدفا واحدا في قائمته الفوز دوري أبطال أوروبا". كانت تلك كلمات تيري هنري نجم أرسنال وبرشلونة السابق عن وضع وأهداف باريس سان جيرمان في الموسم الحالي بعد الصفقات القوية التي عقدها الفريق في السوق الصيفية الماضية. منذ عام 2011 وقيام شركة قطر للاستثمارات بشراء نادي باريس سان جيرمان كان التركيز دائما على شيء واحد الهيمنة على أوروبا، الفوز بدوري أبطال أوروبا وأن يصبح النادي أحد الصفوة في القارة العجوز كان ذلك سبب شراء النادي الأبرز حسبما أوضحت صحيفة "جارديان" في تقرير نشرته في ذلك الوقت أنه مادة خصبة للتطور وأن يصبح أحد كبار أوروبا. حاول الفريق مرارا طيلة كل تلك الأعوام لكن أقصى ما وصل إليه كان ربع نهائي دوري أبطال أوروبا. رحل لوران بلان مقالا وتولى أوناي إيمري بصفته خبيرا بالمنافسات الأوروبية بعد الفوز بثلاثة ألقاب دوري أوروبي مع إشبيلية وضم لاعبين بقيمة 125 مليون يورو، لكن الموسم الماضي شكل ضربة قوية لمشروع باريس وجعل أوروبا بل والعالم يسخر منه. ذلك الموسم الذي شهد عودة تاريخية بنتيجة 6-1 ضد برشلونة في ربع النهائي بعد الفوز ذهابا بنتيجة 4-0، جعل الجميع يتساءل هل هذا المشروع جدي فعلا؟ فجأة تبدل الحال في الصيف وأصبح باريس سان جيرمان محل متابعة للعديدين بعد ضم نيمار دا سيلفا نجم برشلونة كأغلى لاعب في العالم وضم كيليان مبابي أحد أبرز مواهب أوروبا في الموسم الماضي. نجح موناكو أوروبيا وكان مثار إعجاب الكثيرين في حين أن سان جيرمان كان مثارا للسخرية. ما يحدث لباريس سان جيرمان كان ذاته ما مر به تشيلسي على مدار الأعوام المختلفة، صرف الكثير من الأموال لضم لاعبين واقترب كثيرا من التتويج باللقب سواء مع كلاوديو رانييري أو جوزيه مورينيو لكنه لم يفعل ذلك قط. افتقر باريس سان جيرمان دوما إلى الشخصية والهوية في الملعب، لكل فريق أسلوب وشكل وقوة في الملعب لديه عناصره القادرة على قلب الطاولة دائما، ريال مدريد بأسلوبه في المرتدات في فترة ما، برشلونة والتيكي تاكا ثم هناك تشيلسي والأسلوب الدفاعي. مورينيو كان أول من أرسى المخطط العريض الذي سار عليه تشيلسي في هويته وطريقته فيما يخص قوة الدفاع ومرتداته وشخصية الفريق. قال أنطونيو كونتي مدرب الفريق الحالي :"مورينيو كتب جزء جيدا من تاريخ تشيلسي وفاز بالكثير مع اللاعبين وقام بعمل ممتاز مع الفريق". افتقر باريس سان جيرمان لتلك الخبرة وتلك اللمسة التي تجعل له هوية وسط كبار أوروبا فأصبح بلا شكل تقريبا طيلة الوقت وبلا أسلوب. قال لوران بلان في وقت سابق :"ما فعله ملاك النادي أمر رائع، قاموا بعمل فريق جيد في وقت قصير، لماذا لم نصل إذا سوى إلى نصف نهائي دوري الأبطال فقط؟ يأتي ذلك مع الخبرة لا يمكنك أن تصنع المعجزات في 24 ساعة". وأضاف "مع كل الوقت ستكتسب أشياء كثيرة لم تكن لديك مثل الخبرة والهوية، مع الوقت سيحقق الملاك أي شيء هنا لا يوجد حدود، سيطاردون دوري أبطال أوروبا حتى يفوزون بها أو لن يتوقفوا أبدا سواء كان ذلك معي أو من بعدي، أردت أن أكون جزء من ذلك وأقبل التحدي". وأردف "أريد فعل الأشياء سواء على صعيد فردي أو جماعي، هذا سيكتب في كتب التاريخ لذا من فضلكم امنحوا ذلك الأمر وقتا وستشاهدون النتائج بأنفسكم". وأتبع "إنه مشروع لازال في مراحله الأولى لكن بإمكاننا أن نشعر بالفارق في خصومنا وكيف يتم التفكير فينا مع الوقت". وأكمل "يتم اعتبار باريس سان جيرمان فريقا خطيرا وقويا الآن وهو تقدم للنادي، بعض الأندية الأخرى تعلم جيدا أنه سيفوز بدوري أبطال أوروبا يوما ما لكن ذلك سيتطلب وقتا، يجب أن يكون هناك وقت. تقدم باريس في أخر 4 أعوام كان سريعا بسبب الاستثمارات الكبيرة التي قام بها النادي لكن ذلك ليس كافيا المال لن يشتري لك ذلك". وأتم "هناك مسافة يجب أن تتخطاها ليست طويلة لكنها صعبة للغاية، يوما ما أنا واثق أن باريس سان جيرمان سيتوج بالبطولة لكنه بحاجة لتلك الخطوات". ما الخطوات التي قصدها بلان؟ أراد توجيه رسالة للملاك بالاهتمام بالمشروع من وجهة نظر أخرى المال فقط لن يشتري لك اللقب، ربما في فرنسا تمكنت من ذلك فعلا لأن بقية الأندية لا تمتلك نفس حجم القوة الاستثمارية لكن في أوروبا الوضع مختلف. اقترح آدم وايت وإريك ديفين كتاب صحيفة "جارديان" في وقت سابق أن يتم استعمال طريقة لعب ماركو فيراتي في خط الوسط كمخطط عريض لأسلوب لعب الفريق وبناء الصفقات من حوله لا شراء الأسماء الكبيرة فقط. وكتب الثنائي :"فيراتي لاعب موهوب وشاب ولديه الفرصة ليطور نفسه وحاليا يشعر أن باريس سان جيرمان هو فريقه الأوحد وشغفه أن يكون قائدا لمشروعك فلا ضير في ذلك أبدا". علاوة على ذلك لم يستخدم باريس سان جيرمان أكاديميته بالشكل الكافي بعد، على الرغم من أن أدريان رابيو لاعب وسط الفريق أتى من تلك الأكاديمية بعد فترة مع مانشستر سيتي وباو وغيرها حط الرحال مع الأكاديمية ومنها شق طريقه نحو الفريق الأول وكذلك ألفونس أريولا الحارس الأول للفريق وكريستوفر نكونكو لاعب الوسط ولا يوجد عيب أبدا في استعمال هؤلاء الشباب إن كانوا أصحاب مميزات كبيرة. حينما سئل كارلو أنشيلوتي مدرب بايرن وخصم سان جيرمان في ثاني جولات دور المجموعات عما ينقص النادي الفرنسي ليصبح في مصاف الكبار فعليا جاء رده كالتالي: "الاختلاف بين بايرن وسان جيرمان؟ مع نيمار ومبابي يبحث الفريق حاليا عن هوية، في بايرن الأمر أوضح تم رسم الخط منذ سنوات والهوية واضحة وهي ليست حالة سان جيرمان". وأكمل "النادي فعليا ضمن مستوى أفضل الأندية وحينما تشتري لاعبين بهذه الأسعار وفي هذا المستوى فسيكون لديك الوقت وعليهم أن يدخلوا أفكارهم للفريق هذا هو التحدي". الأموال وحدها لا تكفي لشراء الألقاب أنت بحاجة للأفكار والخبرات لكي تصبح منافسا قويا يهابه الجميع وإن احتجت مثالا سان جيرمان كان ضمن مجموعة أرسنال ولودوجوريتس وبازل وتأهل ثانيا ليواجه برشلونة ويقصى، الفريق لا يمتلك شخصية كافية على الرغم من الأموال التي دفعها لضم أسماء كبيرة. يظل التحدي الأكبر لباريس سان جيرمان هو امتلاكه لهوية وسط الكبار تسمح له بالمنافسة بقوة على دوري أبطال أوروبا. فهل يتمكن هذا الموسم بعد نيمار ومبابي من فعل ذلك؟
مشاركة :