لا أنكر أنني وقفت عند قراءتي للتشريح الموضوعي الذي باشرته «الاتحاد» بما تهيأ لها من مرجعية ومن عمق مهني، للكشف عن مسببات إخفاق «الأبيض» في الوصول لنهائيات كأس العالم 2018، على حقيقة ظلت غائبة عنا لزمن طويل، كلما كانت الحاجة ماسة لأن نقف ناقدين ومحللين لأي أزمة نتائج تضرب نوادينا ومنتخباتنا، حقيقة الشرخ الكبير الذي يوجد بين الجمعية العمومية لاتحاد الكرة وهيئته التنفيذية المنبثقة عنها، والذي يصل درجة القطيعة في مناقضة صارخة للتشريعات الرياضية الدولية، التي تعتبر ديموقراطياً أن الجمعية العمومية هي الهيئة الحاكمة والمحاسبة والمسؤولة، وإن فوضت بالاقتراع أو بالتزكية لمجلس الإدارة تنفيذ الاستراتيجية المتوافق عليها، فإنها لا تترك لهذا المجلس التنفيذي سلطة القرار المطلقة. جمعياتنا العمومية، حولناها نحن ضد الأعراف والتشريعات الرياضية، إلى منصات للمزايدات الكلامية وإلى كرنفالات انتخابية تذبح فيها الديمقراطية، وإلى سمسرة علنية تتاجر بمصير كرة القدم الوطنية، ساعات من اللغط والنباح والهوس، لا يهم من يوجد فيها عضواً، أن يستمع بإمعان للأرقام وللمقاربات ليحلل ويناقش، بل ما يهمه أن تصل هذه الجمعية العمومية لحلقة الانتخابات، فهي مربط الفرس وأصل المصائب، وكلما انقضت بانتخاب مجلس إدارة، إلا وسارعنا نحن معشر الصحفيين بإيعاز ممن صمموا الجريمة ضد الديمقراطية، إلى القول إن الديمقراطية انتصرت، والحقيقة أن من انتصر هي ذوات مريضة تنتظر عقد هذه الجمعيات العمومية، لتقضي المآرب وتحصد المناصب وتبيع مصلحة كرة القدم في المزاد العلني. شخصياً لا أرى في علاقة الجمعية العمومية بمجلس إدارة الاتحاد، ما يقول إن هناك تبعية ووصاية ومسؤولية مقرونة بالمحاسبة، لذلك ليس غريباً، أن يكون تاريخ اتحاد الكرة هو تاريخ لانقلابات تعلنها مجالس الإدارة على الجمعية العمومية من أول يوم خرجت فيه من رحمها، هو تاريخ لتمرد موصول في الزمان، والنتيجة أننا ما عرفنا لسقطاتنا المتلاحقة سبباً وجيهاً، أو بالأحرى أننا دفنا ذاك السبب في التراب. نحن بحاجة لأن تستعيد الجمعية العمومية وظيفتها المفقودة والمجهضة، أن تكون هي قاعدة لكل القرارات المصيرية، فإذا افترضنا أن هناك مواجهة بين البرامج، فإن هذه الجمعية العمومية تكون لها القدرة على المفاضلة بين البرامج، لاختيار الأصلح والأنسب منها، وإن فوضت الجمعية العمومية لأي مجلس إدارة انتخبته ديموقراطياً، مسؤولية إدارة الشأن الكروي الوطني من قمته لقاعدته، باشرت مهمتها في المتابعة والمساءلة والتدقيق من دون هوادة ومن دون مزايدات، لا تستحضر في رقابتها سوى مصلحة كرة القدم، وإن لمست أن مجلس الإدارة تحلل من التزاماته دعت إلى حجب الثقة عنه بلا تردد.
مشاركة :