عام هجري جديد.. ماذا يحمل 1439 للأمّة؟

  • 9/28/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إن حلول عام هجري جديد هو مناسبة الأصل فيها أن تتعدّى الاحتفال التقليدي إلى ممارسة فكريّة أوسع وأشمل وأقرب إلى المطلوب والمنشود؛ إذ من الواجب على كلّ فرد سويّ ينتمي للأمّة الإسلامية أن يفكّر ويشخّص حاضر الأمّة المحمّديّة، كيف أصبح واقع حالها من الفُرقة والهوان على الأمم الأخرى، وما تعانيه من ويلات ومشاحنات وتطاحن وحروب استنزاف. فهجرة الحبيب -صلّى الله عليه وسلّم- كانت هجرة خالصة للّه، هجرة من واقع متردّ وفكر منحطّ وعبادة منحرفة وولاء فاسد كان يسود جزيرة العرب تحت سيوف الجاهلية القبليّة، هجرة كانت إلى المدينة المنوّرة / دار الهجرة، لتوحيد صفوف المسلمين وإقامة الدولة الإسلاميّة المدنيّة التي كانت النواة الأولى التي أشعّ منها نور الإسلام على باقي أرجاء المعمورة؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ويوحّد إنسانيّتهم بحكم الله وعلى مراده وحده لا شريك له وليصلح دنياهم وآخرتهم بشرعه. هجرة وضع بعدها المعلّم الأكبر محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وثيقة المدينة المنوّرة، أوّل دستور يؤسّس لدولة مدنية ذات مرجعيّة إسلامية، بإشعاع إنساني عالمي، دولة ترعى وتنظّم العلاقة بين المسلمين أنصاراً ومهاجرين، وبينهم وبين العرب المشركين وبينهم وبين اليهود بدستور ربّاني -لا شرقيّ ولا غربيّ- قوامه صفاء العقيدة ونقاء الشريعة، يهدف إلى وحدة الإنسانيّة جمعاء بلا تفريق ولا تمييز ولا محاباة، ينشر السلام ويدعو إلى المحبّة والإخاء، يقطع مع الجاهليّة الجهلاء ويفرغ النّاس من العادات الفاسدة والعقائد البالية، ويملؤهم بالفكر القويم، ويستنهض الهمم فيهم للسّعي إلى الارتقاء والتحضّر والتحابب والتّآلف والتّآزر في عدالة نموذجية، ودفع للظلم واستبعاد للاستعباد لإقامة عمران متكامل ومتكافئ الحقوق والواجبات، يمتدّ ويعمر أينما وصلت همّة الإنسان في المعمورة، بل في كلّ الكون لاستجلاب المصالح ودرء المفاسد، لإقامة الحضارة الإنسانيّة في دوراتها الطبيعيّة بنواميس الأسباب والمسبّبات. إنّ حلول عام جديد يعني حلول أمل جديد ينتظر منّا فرادى وجماعات أن نستصلح الحال، وأن نقوّم الخطأ، وأن نقطع مع التخلّف، وأن ننبذ الفرقة، وهذا لا يتمّ حتماً إلا بالرجوع إلى معين الدّين الإسلامي، وبأن نؤمن أنّ حال الأمّة اليوم لن ينصلح إلاّ بما صلح به أوّلها، وعليه فإنّ على جميع عامّة أفراد الأمّة أن ينهضوا فكراً، وأن يستقيموا سلوكاً، وعلى خاصّتها من النخب النيّرة من العلماء والمصلحين أن يعوا حجم المسؤوليّة وأن يقدّروا الأخطار المحدقة بالأمّة، وأن يشخّصوا مواطن الإخلال، وأن ينخرطوا في عمليّة إصلاح شاملة لا تعوقها الحدود، ولا توقفها التقسيمات ولا تمنعها القوانين المكرّسة للفرقة والتباعد والتنافر، إصلاح من عين فكر العقيدة على مرجعيّة الشريعة السّمحة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :