"خبيزة" ببركة "إصبعها" تبيع وهم الشفاء

  • 8/17/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة المرصد : خبيزة ليس اسم لآبار جوفية أو عيون ساخنة انبثقت مؤخرا على سطح أرض قرية تبالة ولا شلالات كبريتيه علاجية نزلت من جبالها، بل هو اسم لامرأة ستينية لا تعرف القراءة والكتابة استطاعت أن تحول قريتها المتواضعة إلى شبه مقصد سياحي يطلبه القاصي والداني من أجل الحصول على بركة إصبعها الذي تدعي مقدرته على شفاء كل ما عجز عنه الطب. وخبيزة ليست مجرد فرد ممن يدعون القدرة على العلاج بعيدا عن المنطق والأسس العلمية ولكنها حالة تتكرر هنا وهناك بين حين وآخر لتؤكد دائما على حاجة الإنسان ولجوئه للوهم بعد أن عجز العلم عن توفير الشفاء له. ولم تمنع وعورة الطريق وخطورته من أن تتحول قرية تبالة، الواقعة جنوب المملكة (48 كلم شمال غرب محافظة بيشة) لمزار سياحي علاجي. فالقرية التي كانت مجهولة منذ زمن بعيد تحولت اليوم وبفضل خبيزة إلى علامة سياحية من علامات منطقة عسير وما جاورها فصيتها لم يقف داخل حدود السعودية بل تجاوزها إلى دول الخليج العربي أيضا ليأتي إليها كل باحث عن وهم الشفاء مهما شق عليه الطريق. أما حكاية خبيزة الشمراني وبحسب رواية ابن أخيها والمسؤول أيضا عن التنسيق لمواعيدها العلاجية فهي كما يقول: بدأ الأمر مع عمتي منذ عشر سنوات عندما حلمت أن العسل يتقطر من أصابعها وعندما سألت بعض الشيوخ عن تفسير الحلم أخبروها أن الله جعل في يدها شفاء للناس وبالفعل بدأت تمارس الطب الشعبي، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل عن مسألة العلاج مفضلا أن يتكلم من هم أدرى منه. إلا أن مقابلة خبيزة أو الوصول إليها كان أصعب من الوصول إلى أكبر مشاهير هوليود والتحدث معهم فهي تحيط نفسها بدائرة من أقاربها بحيث يتولى كل منهم عملا محددا فابن أخيها كان عمله تنسيق مواعيدها عبر رسائل الواتس اب، أما ابنها فينسق مواعيدها الخاصة التي تستقبلها في البيت بعيدا عن عيادتها وتعرف بخدمة الـ vip. وبحسب ابن خبيزة فإن والدته ترفض الحديث لأي أحد عن طريقة علاجها وتفضل ألا يتكلم هو أيضا مع الإعلام، وعند سؤاله عن التصريح الذي يدعي كل من هم حولها أنها حاصلة عليه من وزارة الصحة لمزاولة مهنتها قال: ما في تصريح بس هي قدمت أوراقها عند الإمارة، رافضا إكمال الحديث أيضا والالتزام بالصمت بحثا عن السلامة. ولا تعود الفائدة من عملها على عائلتها بل على كل كثيرين من أهالي القرية، فبحسب صحيفة مكة فإن أهالي القرية وزعوا عملهم بين تأجير البيوت لمن يأتي للقرية طلبا للعلاج وإيصالهم واستقبالهم من المطار بل إن كثيرين من أهالي القرية سكنوا خارجها وتركوا بيوتهم لتأجيرها لمن يأتي القرية لزيارة خبيزة. عامر الشمراني صاحب شقق مفروشة للإيجار في القرية، والذي اختير بقصد أو بدون قصد ليكون بوقا إعلاميا لها، معلنا لكل من يتصل عليه كيف أن الشفاء يكون بعد إذن الله سبحانه وتعالى على يدها وأنها لم تسبب ضرا لأحد بل على العكس فإن كثيرين ممن طلبوها لعلاج أبنائهم من علية القوم. وأوضح أن لديه 15 شقة مفروشة يؤجرها لزوار القرية ويتراوح سعرها اليومي من 200 إلى 300 ريال. أما أسعار الكشف عند خبيزة فتتراوح بين 100 ريال للكشف العام و500 ريال للكشف الخاص، بالإضافة لبيعها العسل بقيمة تتجاوز 300 ريال لكل مريض، أما الحالات التي تدعي معالجتها لدى الأطفال: ضمور المخ والتوحد والشلل والعمى، وعند النساء تعالج العقم والقولون العصبي والشقيقة، أو بالأحرى لا مرض يستعصي على الطب إلا وأعلنت أنها كفيلة بعلاجه. وكانت رواية يقولون هي السبب في العدد الهائل من طالبي العلاج منها، وبحسب خالد القحطاني وهو أب لطفل مصاب بالتوحد وضمور في خلايا المخ، فإن كلام الناس عن سحرها وقدرتها على الشفاء جعله يتجه لها لمرة واحدة، ويصف تلك الرحلة بالشاقة، فكان عليه الوصول لبيشة ثم التوجه إلى قرية تبالة بعد صلاة الفجر، لحجز موعد، قائلا: الواسطة كانت مهمة حتى نتمكن من حجز موعد، خاصة بسبب الازدحام المهول الذي تشهده عيادتها، أما عن العيادة؛ فهي بحسب خالد حوش يصطف فيه الناس بعد حصولهم على أرقام من أحد أقاربها، قبل أن تبدأ سيدة بإدخالهم جماعات لخبيزة ولا تستغرق مدة الكشف مع العلاج أكثر من 5 دقائق، أما طريقة العلاج فهي إدخال يدها في حلق الطفل ومن ثم جرحه بأصبعها فينزل بعدها الدم من فمه بغزارة، وأكد أنه لم يلحظ أي تحسن على حالة ابنه بعد هذا العلاج الغريب. فيما تبادلت أمهات مجموعة مساندة التوحد التطوعية فيما بينهن تجاربهن مع خبيزة التي لم تسفر إلا عن مشقة الطريق وخوف الأبناء بعد تلك التجربة المريرة، حيث تقول إحدى الأمهات: راجعت خبيزة ثلاثة أسابيع متتالية ولم أر أي تحسن، فقط أصبح ابني يخاف من أن يلمس أي شخص فمه أو أسنانه بسبب الألم الذي تعرض له على يديها. التحذير كان سمة كل المختصين والعاملين في المجال الطبي بعد أن وصلتهم شهرة خبيزة من الأهالي، ومن بينهم استشاري النمو والسلوك بمستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور حسين الشمراني الذي قال لمكة: للأسف تحول الأمر لتجارة تستفيد منها كل القرية التي تروج لبركات خبيزة وعلاجها دون أي دليل، ورأيت كثيرين من الأطفال المصابين بالتوحد قبل وبعد ذهابهم إليهم وأجزم أنه لم يحدث لهم أي تحسن، متسائلا عن دور وزارة الصحة والجهات الرسمية مما يمارس في القرية، قائلا: علاجها الذي تدعيه ليس منطقيا فهو يشبه العلاج الشعبي المعروف التعظيم وهي تدعي علاجها لكثير من الأمراض التي عجز عنها الطب ومنها ضمور المخ لدى الأطفال. وأشار إلى أن المختصين يحذرون منها ومن غيرها من المعالجين الشعبيين إلا أن تأثير المجتمع يكون أقوى في كثير من الأحيان وخاصة حين يسمعون أن هناك من حصل له تحسن بعد زيارتها.

مشاركة :