عندما بلغت «دانا» بوابة المدرسة للمرة الأولى، راودها الشعور بألم فراق المنزل والأسرة، فقد حدث تغيير في جغرافيا المكان، وصاحبه ظهور بشر جدد في حياة «دانا» مثلها كباقي الطلبة المستجدين، وقد يكون سبب ذلك أنّ الجسر ما بين المدرسة والأسرة لم يدخل مرحلة التأسيس بعد، رغم أوراق المؤتمرات وصفحات الدراسات وإرشادات التربويين والمتخصصين في العالم التربوي، التي ما زالت تؤكد أهمية العلاقة ما بين الأسرة والمدرسة، وأثرها الإيجابي في العملية التعليمية والتربوية. إن حلقات التعليم الثلاث «المُعلم والمُتعلّم والمنهاج»، قد لا يكفي ارتباطها معاً لبناء منظومة تعليمية فعّالة، فلا يمكن إغفال دور الأسرة، وخصوصاً في المراحل التعليمية الأولى، حيث إن المنظومة التعليمية الصحيحة لا بد أن تكون رباعية الشكل لا ثلاثية كما كانت في السابق. إنّ ما نراه اليوم من بعض المظاهر السلوكية السلبية، التي يقوم بها بعض الطلبة، هي نتاج غياب التفاعل الناجح ما بين الأسرة والمدرسة، فلا وجود لسلوك من دون بيئة تحفّز وجوده، والبيئة هي نفسها من تستطيع إزالته، وذلك يدعو إلى تعاون البيئة الأسرية مع البيئة المدرسية، كي لا يدور الطالب بدوامة من الأوامر والتعليمات غير المتناسقة ما بين قوانين المدرسة وتعليمات الوالدين. الدور الأُسري يجب أن يسير يداً بيد مع الإدارة المدرسية، ليشعر الطالب فعلاً بأن المدرسة هي مكمّل للبيت، وليست جزءاً منفصلاً، فسياسة «الجزر المنعزلة» لا تخلق الفرق المأمول في النتاج التعليمي لدى هؤلاء الطلبة، لعلّ مشروع «مجلس أولياء الأمور» داخل المدارس أصبح حاجة ملحّة، حيث إن الوالدين لا يتوقف دورهما أمام أسوار المدرسة بل يبدأ من هناك! لا بد أن تشمل برامج التطوير التربوي والتعليمي أبعاداً جديدة، من أهمها إعطاء دور أكبر لأولياء الأمور للمساهمة في دعم العملية التعليمية من خلال المساندة والمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي لأبنائهم، وكذلك دعم دور المدرسة في المجتمع المحلي، فالمدرسة لا تستطيع تطوير عملها وتحقيق أهدافها والمضي قدماً في هذا المشروع من دون عمل مخطط وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور، حيث إن للأسرة القدرة على متابعة توظيف ما تعلمه أبناؤها داخل المدرسة وتقويمه. كونوا مع أبنائكم داخل أسوار المدارس، ولا تكتفوا بالنظر إليهم من خلف تلك الأسوار، فمهمة الأُسرة في التربية والرعاية هي واجبة عليها، وأبناؤكم هم أمانة في أعناقكم. فابحثوا عن اتقان ما أنتم مستأمنون عليه! د. عبدالفتاح ناجيabdelfttahnaji@yahoo.com
مشاركة :