يطرح السطوع الذي حقّقه الممثل اللبناني عبدو شاهين في مسلسل «الهيبة» بأداء متقن لم يدانيه أي ممثل لبناني في الأعمال الأخرى خلال الموسم المنصرم، سؤالاً عريضاً حول مقدار الفرص المتاحة للممثلين من خارج دائرة الضوء التي لم تتغير منذ سنوات في لبنان، ماذا لو شُرع الباب لهم؟ ويرتكب الإعلام خطيئة بحقه عند التعامل مع نجاحه كـ «بداية» الطريق، كما يحصل مع وجوه جميلة تبهر قبل أن تنضب، بينما هو «نتيجة» تعب ابن مدينة الهرمل النائية في قطع المسافة الى العاصمة، والالتحاق بكلية الفنون الجميلة، لينال لاحقاً العلامة الأولى في التمثيل بمشروع التخرج. وهو محصلة سنوات من الصقل والصبر على المسرح، بخاصة مع المخرج جواد الأسدي، في 12 عملاً، بانتظار فرصة مثل «الهيبة». يقول شاهين في مقابلة مع «الحياة»: «أكيد هي نتيجة، وليست بداية. هي فرصتي الحقيقية الأولى التي نلتها في الدراما، وهو الدور الأول الذي شكّل بالنسبة الي تحدّياً لإخراج قدرات منّي أنا نفسي كنت أجهلها، ولكن الثقة لدي موجودة أصلاً، كأكاديمي يخضع للتقويم مدة سنوات الدراسة، إضافة الى أن الآتي من خلفية أكاديمية يمتلك أدوات يمكنه استعمالها في كلّ الأدوار، ويعرف لعبة تغيير الأدوات، عكس من يمتلك الموهبة فقط». ويضيف: «أنا كابن منطقة الهرمل الحدودية، مُهمل، نزلت الى بيروت من أجل الجامعة. عندما تخرّجت، عرفت مستوى الإهمال لخرّيجي معهد الفنون. حتى كابن نقابة الممثلين. ولا خطّ من هذه الخطوط يسير في شكل مستقيم، وكأنّ الخطوط المباشرة لا توصلك، أمّا الخطوط الملتوية فهي التي تأتي ثمارها، ولكن المسيرة الصح، على رغم صعوبتها، توصلك في شكل أفضل، ولو تأخّرت، ستصل نتيجة جهد طويل وتعب خاص». ويشير شاهين الى بعض صعوبات مشوراه قائلاً: «في الدراما التمثيلية في لبنان، هناك أزمة اختيار في الموضوع، في النص، وفي الممثل. بدايةً، نحن كأكاديميين في الجامعة اللبنانية مظلومون، لأنّ لا أحد من المنتجين أو من وزارة الثقافة أو من الدولة جاء لإعطائنا فرصة. نحن باستطاعتنا خلق سوق، وإلا فأغلقوا معهد الفنون. أنا لا أطالب بأن نكون موجودين في الدراما التلفزيونية، ولكن على الأقل ليكن هناك مشاريع ثقافية، مسرحاً وطنياً. طلاب معهد الفنون معروفون على المستوى الدولي، فأين مساحتنا في العمل وفي السوق؟ الدراما في لبنان ليست جدية حتى الآن». ويروي شاهين، صاحب الاحترام الكبير لمدرسة «استوديو الممثل»، تعامله مع الشخصية في الكواليس بخاصة أن من يرافقه على الصعيد الشخصي، قبل فترة العرض وخلاله وحتى بعده، يلمس التغيرات الواضحة في سلوكه للتماهي مع الدور: «حضّرت له بعقلية المسرح حيث يتكرر العرض، ما قد يسبّب الملل، فمن الضروري خلق اللذة بين الممثل والدور، حتّى يستطيع الاستمرار. عشت هذه الشخصية قبل التصوير وخلاله. كيف تأكل، كيف تشرب، كيف تمشي، كيف تتكلم، كيف تنفعل، والكلمة المفتاح للشخصية كانت «يابن عمي». بدأت الحلقة الأولى وأنا أرتجف، وانتهت وأنا أرتجف، ولا أعرف ما هي النتيجة، حتّى بعد أسبوعٍ بدأت أصحو، بعد حجم الاتصالات وكمّ الناس في الشارع، فعلى صعيد إنساني كنت في مكانٍ آخر ولم أستوعب ما حصل معي». ورداً على سؤال حول شعوره حيال إعلان مشاركته في الجزء الثاني، يؤكد شاهين أن عودته ستكون مبررة درامياً مئة في المئة، لافتاً إلى حصول الأمر في مسلسلات عالمية أخرى مثل «دالاس». ويضيف: «بمقدار ما أحببت وعملت على دوري بنجاح في الجزء الأول، وبمقدار ما عنى لي تفاعل الناس معي، كانت الحسرة في مشهد موتي، إذ كنت أتمنّى أن أكون في الجزء الثاني، والآن الحسرة تحولت الى تحدٍ أصعب». ويعرض لشاهين حالياً مسلسل «المحرومين» (غريتا غصيبة/ وائل أبو شعر) على شاشة «أم تي في» اللبنانية. ويوضح الممثل الشاب أنه صور العمل قبل «الهيبة»، ويشير إلى أن اسم الشخصية صادف أن يكون «شاهين» أيضاً، مردفاً بالقول: «كنت في انتظاره على رغم أنّ دوره صغير، هو مصفف شعر نسائي. أنا شخصياً، أخذته الى الكوميديا نوعاً ما بطريقة الكاراكتير». وأضاف: «»المحرومين» عمل يتحدّث عن الناس الفقيرة، والأحياء الشعبية في لبنان، أتمنى نجاح هذا الدور، لأنه سيغذي قدراتي كممثل، أتصوّر أنّ الشخص القادر على لعب شخصيات مختلفة لهذه الدرجة، يثبت ثقته بنفسه قبل الناس». ويلفت الى قلقه من النتيجة: «خائف من عدم تقبّل الجمهور هذا الكاراكتير، وعدم تقبّلهم «شاهين» في دور كوميدي، بخاصةٍ أنّه كوافير نسائي، ويمكن أن تخدمني مصادفة الاسم أو يمكن العكس، علينا ان ننتظر». وعن مرحلة ما «بعد الهيبة»، يكشف شاهين بقاءه مع منتج العمل صادق الصبّاح قائلاً: «عُرض علي أدوار بطولة أولى، لكن بالنسبة إلي ورغم ذلك، فضّلت أن أكون مع شركة «الصباح» فقط، لأنّه لدي قلق من الذي سألعبه في المرحلة المقبلة، ولا يهمني ما إذا كان بطولة أولى أو ثانية، بل يهمّني أن أحقّق شيئاً، وأن يشكّل لي تحدياً معيناً. اليوم، بدأت في مرحلة جديدة». ويضيف: «لا يكفي أن يشكل العمل التالي تحدياً لي فقط، بل على الكتلة بكاملها أن تكون ناجحة، وان يتم بعقلية كالتي نبشت تفاصيل منطقة «الهيبة» درامياً، عقلية محترفة». ويتحدث عن خلل تعاني منه الدراما اللبنانية في هذا الشق: «الدراما في لبنان ليست صناعة والممثل في لبنان ليس محترفاً، بينما مثلاً الدراما في سورية صناعة، والممثل السوري محترف». ويعلن شاهين أخيراً توجهه الى السينما، بانضمامه الى بطولة فيلم «مش مهم شو اسمه» من كتابة وإخراج ليال راجحة، مع الممثلين بديع أبو شقرا وداليدا خليل.
مشاركة :