ينتخب حزب الاستقلال المغربي، أحد أكبر الأحزاب السياسية المغربية، غداً (الأحد)، أميناً عاماً جديداً خلال مؤتمره العام الـ17، الذي افتتح مساء أمس.وتشير المعطيات إلى أنه من المرجح بشكل كبير أن يؤول المنصب إلى نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية السابق ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي ترشح أمام حميد شباط الأمين العام الحالي.وكانت جل قيادات الحزب قد دعمت بركة لتولي المنصب لقطع الطريق أمام شباط، الذي ظل يطمح بالاستمرار على رأس الحزب لولاية ثانية، على الرغم من فقدانه دعم أبرز مؤيديه، وأصبح أيضاً «غير مرغوب فيه» من السلطة بالاستمرار في قيادة «الاستقلال»، حسب عدد من المحللين.وناشد عبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، مساء أول من أمس، المؤتمرين، بعد آخر اجتماع عقدته اللجنة، ضمان شروط نجاح المؤتمر باعتباره «محطة سياسية بارزة في مسار الحزب يشد إليه انتباه الرأي العام الوطني والدولي»، ودعاهم إلى تقديم صورة عن وحدة الحزب وتضامن أعضائه «لأننا نغار على الحزب قبل أن نكون موالين لأي جهة من الجهات»، وذلك رداً على ما راج بكون ترشح بركة جاء بإيعاز من جهات في الدولة، وهو ما عُدّ تدخلاً في القرارات السيادية للحزب.وقال البقالي: «نريده أن يكون عرساً استقلالياً ونفوت الفرصة على الأعداء لكي لا يشمتوا في الحزب، وأن نثبت أنه القوة السياسية الأولى القادرة على إدارة خلافاتها في إطار من الوحدة والتضامن».وتحسبا لما قد يتعرض له شباط من مساءلة من قبل خصومه داخل الحزب خلال المؤتمر، قال البقالي: «يجب أن نحاسب ونقيم بشفافية واحترام القيادة التي تولت المسؤولية في الحزب طيلة خمس سنوات، فالقيادة كلها مسؤولة عن أوضاع الحزب السلبي منها والإيجابي»، موضحاً أن «المغرب في حاجة إلى أحزاب ديمقراطية قوية وطبقة سياسية راشدة ومشهد سياسي سليم ومستقل يملك قراره السيادي».وكان بركة قد استبق موعد المؤتمر بأيام قليلة بتقديم مشروعه للنهوض بالحزب، كما عقد قبله بيوم واحد لقاء مصالحة بينه وبين شباط، حضره أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب تفادياً لأي تشويش ولضمان نجاح المؤتمر وتسلم قيادة الحزب في جو «تنافسي وديمقراطي».وتعهد الوزير السابق في مشروعه، الذي دعمته قيادات وأعضاء الحزب، بالحفاظ على وحدة الحزب وتطوير ديمقراطيته الداخلية، ووضع خريطة طريق واضحة لإعادة الحزب إلى سكته، وإخراجه من العزلة التي عاشها خلال ولاية شباط. كما وعد بإعادة الثقة إلى المشهد السياسي المغربي ككل، وإبعاده عن «الفرجة والقطبية ودغدغة العواطف»، واستبدال منطق الصراع بالتعاون.من جانبه، قال شباط أياماً قليلة قبل موعد المؤتمر إن جهات في الدولة تسعى لإرجاع «الاستقلال» إلى «حزب إداري»، ووصف منافسه بأنه «مرشح السلطة»، محذراً من المس باستقلالية القرار الحزبي في المغرب، وهو الرأي نفسه الذي عبر عنه محمد الخليفة، أحد القيادات التاريخية للحزب عندما قال عن ترشح بركة إن «الحزب أصبح يعيش التحكم علانية، بعدما كان سرياً في ولاية شباط».ويحسب لشباط، حسب متابعين، أنه أخرج الحزب من مرحلة الجمود والتحفظ الشديد التي طبعت المرحلة السابقة، لا سيما في عهد سلفه عباس الفاسي، إلا أن شباط تمادى في «شعبويته»، ودخل في متاهات لا حصر لها، فبعد أن كرس سنواته الأولى على رأس الحزب في مهاجمة حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله ابن كيران، وصل إلى حد سحب وزرائه من الحكومة التي كان يرأسها ابن كيران، دخل شباط بعدها في صراع مباشر مع السلطة، بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية التي تصدرها حزب العدالة والتنمية، حيث أظهر رغبة كبيرة في المشاركة بالحكومة، وغير موقفه بشكل كلي من ابن كيران وحزبه.ولم ينجح شباط في إعادة حزبه إلى الحكومة بسبب ضغوط مورست على ابن كيران، لا سيما أن مفاوضات تشكيل الحكومة تزامنت مع تصريحات لشباط قال فيها إن موريتانيا كانت جزءاً من المغرب، وهو ما كاد يتسبب في أزمة دبلوماسية بين الرباط ونواكشوط قبل أن يجري احتواؤها.واتهم شباط أكثر من مرة وزارة الداخلية باستهداف حزبه، ووصلت الاتهامات إلى حد التلميح إلى وجود مخطط لاغتياله، وهو الاتهام الذي جعله يخضع للتحقيق أواخر فبراير الماضي في إجراء غير مسبوق يتعرض له زعيم حزب سياسي في المغرب.
مشاركة :