بيروت تنزع فتيل أزمة تمويل الرواتب بتعديلات تجميليةنزعت الحكومة اللبنانية فتيل أزمة زيادة رواتب العاملين في القطاع العام بإجراء تعديلات تجميلية على قانون الضرائب، الذي رفضه المجلس الدستوري الأسبوع الماضي لأنه لم يكن جزءا من موازنة الدولة. وأعربت الحكومة عن ثقتها بأن التعديلات ستسهل إقرار الموازنة سريعا.العرب [نُشر في 2017/09/30، العدد: 10767، ص(11)]نزع فتيل الانفجار بيروت – أطلقت الحكومة اللبنانية أمس شرارة إنهاء العديد من الأزمات بإعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري موافقة الحكومة على قانون جديد للضرائب لتمويل زيادة أجور القطاع العام بعد تعديلات تجميلية. وبذلك أصبح الطريق سالكا أمام إنهاء أزمة دفعت الكثير من العاملين في القطاع العام إلى الإضراب، إضافة إلى تسهيل إقرار أول موازنة للدولة منذ 12 عاما. وكان المجلس الدستوري، وهو فرع من السلطة القضائية، قد أبطل في الأسبوع الماضي النسخة الأولى من قانون الضرائب، الذي يهدف إلى زيادة الإيرادات اللازمة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والتي تدخل حيز التنفيذ في نهاية سبتمبر الجاري. وعبر بعض الاقتصاديين عن قلقهم بشأن تداعيات زيادة الضرائب. وخلص المجلس الدستوري إلى أن الزيادات الضريبية تخالف القانون لأسباب منها عدم موافقة الحكومة عليها كجزء من ميزانية الدولة. وقال الحريري بعد اجتماع لمجلس الوزراء أمس “توصلنا إلى مشروع قانون معجل مكرر يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة وسنرسله إلى المجلس النيابي لإقراره في أسرع وقت”. وكانت الحكومة اللبنانية قد وافقت في مارس الماضي على أول ميزانية للدولة منذ عام 2005 لكن البرلمان لم يقرها بعد. وأضاف الحريري أن الحكومة توصلت إلى اتفاق على إجراء تعديلات تمكنها من إقرار الموازنة سريعا. وأقر بأن الحكومة واجهت مشكلة تتعلق بتوازنات المؤسسات الدستورية، لكنه أكد أنها ليست مشكلة بالسياسة ولا تتعلق بالتوافق السياسي. وتعد هذه الخطوة نقلة نوعية في عمل الحكومة منذ انفراج الشلل السياسي بتأسيسها برئاسة الحريري في نهاية العام الماضي في إطار صفقة سياسية قادت الزعيم المسيحي ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.سعد الحريري: الحكومة توصلت إلى اتفاق على إجراء تعديلات تمكنها من إقرار الموازنة سريعا وقال الحريري “صححنا كل ما طلبه المجلس الدستوري بشأن الضرائب كي لا يتمكن أي أحد من الطعن بها”. وتبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 148 بالمئة، وهي من أعلى المعدلات في العالم. وسجل لبنان عجزا في الموازنة العام الماضي بلغت قيمته نحو 4.9 مليار دولار. وخفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للديون السيادية اللبنانية في أغسطس، وعزت ذلك إلى عبء الدين. غير أن وكالتي ستاندرد أند بورز وفيتش أكدتا تصنيفيهما الحاليين. وكان معظم العاملين في القطاع العام قد بدأوا الاثنين الماضي إضرابا للاحتجاج على إبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب الجديد، وهو ما هدد زيادة الرواتب التي انتظروها لسنوات والتي ستكلف الحكومة نحو 917 مليون دولار سنويا. وتلقى زيادة رواتب القطاع العام ترحيبا واسعا من موظفي الدولة، لكن الزيادات الضريبية الجديدة أثارت قلقا واحتجاجات واسعة منذ بداية العام الحالي. وتخشى أوساط مصرفية من أن تؤدي زيادة الأجور وزيادة الضرائب إلى انعكاسات سلبية على النشاط الاقتصادي الهش وتؤدي إلى ارتفاع التضخم والدخول في ركود اقتصادي. ويقول العديد من خبراء الاقتصاد إن لبنان ينبغي أن يركز أكثر على مكافحة التهرب الضريبي بدلا من فرض ضرائب جديدة لتمويل زيادة رواتب القطاع العام. ويرى الخبير الاقتصادي غازي وزني أن سلسلة الرواتب والرتب الجديدة يمكن أن تفجر التضخم وتؤدي إلى انفلات عشوائي في أسعار السلع. وعبر عن مخاوفه من أن ارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية نتيجة ضخ كتلة نقدية هائلة دفعة واحدة في الأسواق على شكل رواتب وأجور، وهي كتلة غير منتجة على حد تعبيره. ورجح أن تعيق زيادة الرواتب النمو الاقتصادي، رغم زيادتها القوة الشرائية لموظفي القطاع العام، وذلك بسبب التدابير الضرائبية التي ستطال جميع شرائح المجتمع خصوصاً الطبقة المتوسطة والفقيرة. وكان صندوق النقد الدولي قد دعا مرارا إلى زيادة الضرائب في لبنان. وقال إن معالجة عجز الموازنة تتطلب “إصلاح المنظومة الضريبية وزيادة ضريبة الشركات والعقارات والقيمة المضافة والوقود كوسيلة لتقليص الدين العام المتنامي”. وفي الأعوام الماضية تضررت تحويلات المقيمين في الخارج وإيرادات السياحة وقطاع العقارات، وهي الدعائم الثلاث الرئيسية لاقتصاد البلاد، بفعل الصراعات السياسية. وتحاول الحكومة أن تبدأ رحلة الحد من العجز وإعادة التوازن للمؤشرات الاقتصادية المختلة، وسط تشكيك الخبراء في قدرة حزمة الضرائب الواسعة التي تم إقرارها في جمع الإيرادات المستهدفة. وكان وزير المالية علي حسن خليل قد أكد أن الحكومة تستهدف خفض العجز إلى 8.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الإيرادات بنسبة 10 بالمئة.
مشاركة :