تضمنت اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني التي وضعتها وزارة الإسكان لتنظيم برنامجها الرامي إلى حل مشكلة الإسكان لدى الطبقة الوسطى من محدودي الدخل، فكرا تقليديا محدود النظرة حين فرقت في أنظمتها بين الذكور والإناث وتعاملت مع المواطنين بطريقتين مختلفتين بحسب (نوع) كل منهم، فوضعت شروطا خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء!! فوفق أنظمة الوزارة، كي يكون للمرأة الحق في الحصول على دعم سكني من وزارة الإسكان عليها أن تختار بين الزواج أو المسكن، فأنظمة الوزارة تستثني المتزوجات من الحق في الحصول على دعم السكن، لذا هي تشترط على المرأة أن تكون أرملة أو مطلقة، وهذا يعني أن على المرأة البقاء على تلك الصفة بقية عمرها إن هي تطلعت إلى أن تحظى بسكن يؤويها وأطفالها، أما إن هي اختارت الزواج ثانية، فعليها أن تتحمل مسؤولية تصرفاتها غير الحكيمة، وأن (تلزم) الزوج الجديد بتأمين السكن لأبنائها من الزوج السابق!! وفوق هذا، فإن المرأة حتى وإن بقيت مطلقة واختارت عدم تكرار الزواج، لا يحق لها الحصول على الدعم السكني إلا أن يكون لها أولاد، فإن لم يكن لها أولاد أو كان أولادها في حضانة أبيهم، فإن بإمكانها أن تقيم في خيمة أو على الرصيف!! ومثلها المرأة (المهجورة) التي يتخلى عنها زوجها أو يغيب فلا تدري عنه شيئا أو يكون دائم الزيارة للسجون أو لمصحة (الأمل)، فهي أيضا لا نصيب لها في دعم الوزارة، وعليها أن ترافق سابقتها للسكنى في الخيمة أو افتراش الرصيف! هذه التفرقة في التعامل مع المواطن والمواطنة ليست من الحق في شيء، وهي تمثل فكرا تقليديا ما زال ينظر إلى المرأة على أنها مواطن من الدرجة الثانية، فالمرأة لها في هذا الوطن مثل ما للرجل، وعليها مثل ما عليه تجاه الوطن من واجب الإخلاص والولاء وتعزيز الحب والانتماء إليه في صدور الأبناء والبنات. أما إن كانت الوزارة تخشى أن تحصل الأسرة الواحدة على دعمين للسكن أحدهما باسم الزوج والآخر باسم الزوجة، فإن بإمكانها أن تجعل الدعم باسم الزوجين معا فيكونان شركاء فيه، فذلك خير من التمحك في وضع الاشتراطات. من يتمعن في الشروط الخاصة بالنساء يرى فيها تقييدا مذلا لهن، فلم هذا الإذلال للنساء يا وزارة الإسكان؟ إن النساء لا يطلبن صدقة من الوزارة، وإنما هن يبحثن عن حق لهن في المال العام. ولا أظن أن هذه السياسة المميزة ضد المرأة التي تنتهجها وزارة الإسكان، ترضي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، فهو كثيرا ما يوصي بحسن التعامل مع النساء استجابة لوصية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بحسن التعامل معهن: «استوصوا بالنساء خيرا»، فهل التشدد والتعقيد في منح الدعم السكني للنساء هو من الخير الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم؟.
مشاركة :