زهير حسيب... يغنّي بالألوان على وجوه رومانسية - ثقافة

  • 10/1/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أقيم في قاعة بوشهري للفنون المعرض الشخصي للفنان زهير حسيب، والذي تضمن رؤى فنية ذات علاقة وثيقة بالخيال، وفي الوقت نفسه متفاعلة مع الواقع بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء. وتعامل حسيب مع الألوان بوصفها تيمات غنائية تصل بالمتلقي إلى العمق اللوني الذي يريده، وفي الوقت نفسه العزف الحسي على أوتار خيالية من أجل الوصول إلى حالات فنية خاصة يمكن استشرافها بوضوح عند النظر إلى عناصر الأعمال المحلقة في فضاءاتها المزدانة بالتنوع والحضور. وتحدث الشاعر والروائي والسينمائي بُرهان شاوي عن المعرض ليذكر في بداية حديثه اللون... الذي هو مضون بلا شكل... ويأخذ شكله وفق وجوده الكمي في الطبيعة والحياة... والفن. مؤكدا أن اللون الأخضر أو الأحمر للتفاح لا يغير من مضمون التفاح كونه تفاحا ولا من شكل التفاحة المستدير، كما أن اللون هنا لا يعبر عن مضمون التفاح، وإنما اللون هنا يعبر عن مضمونه هو ويتشكل دائريا مع شكل التفاحة ليمنحها صفتها. طبيعة اللون وجوهره حيرّت العلماء والفنانين والرسامين وحتى الفلاسفة، لكن اللون هو «كلمة» الرسام... التي يشكل العالم من خلالها وهو الذي يمنحها الدلالة ويعيد صياغة مضمونها الجمالي! وأوضح أن اللون هو سر فن الرسم فمن خلاله يجد الموضوع، التخطيط، الحبكة، البناء الفني كلها تتشكل من خلال اللون على اللوحة. وقال: «بعض الرسّامين اهتّم بالظل والضوء... وطوّع اللون من أجل التعبيرعن مضمون النور والظل..لكن هناك أيضا ممن انتبه لجماليات اللون وجاذبيته التعبيرية ودلالته كمضمون بحد ذاته، وفي عالم الفن والرسم هناك الكثيرون، ومن بين هؤلاء الفنان الكبير زهير حسيب! لا أريد أن أتفلسف كثيرا للحديث نقدياً عن تجربة الفنان القدير زهير حسيب..فأنا لستُ ناقداً تشكيلياً، لكني وددتُ هنا ٍأن اتحدث عن تلك الجاذبية التي تجعلني أدور في فلك هذا العالم اللوني للفنان زهير حسيب وتشكيلات وجوهه التي حاول من خلالها التعبير عن مأساة الحروب ومعاناة الشعوب التي يريد الآخرون أن يمحوا هويتها القومية والإنسانية..فلم يبق لها سوى هذا المهرجان من الألوان، وهذا الحضور المأسوي لتطلق صرختها الصامتة من على سطح اللوحة». وقال عن المعرض: «عند الفنان زهير حسيب تتداخل الألوان الحارة كالأرجواني، الأحمر، البرتقالي، والذهبي... مع الألوان الباردة كالأزرق ،البنفسجي ،الأخضر ،الأخضر المصفر والفضي...!فمن هذا التداخل اللوني يشكل هو الوجوه المليئة بالحزن الشفيف والبراءة، الوجه الذي يتكرر في وجوه عديدة... ويستحضر الموضوع المأسوي، وفي الوقت نفسه يخلق مزاجاً لونيا ساحراً في أكثر الحبكات الفنية إشكالية، بحيث يختلط الموضوع الواقعي بالسحري. الوجوه في لوحات زهير حسيب مليئة بالطفولة الحزينة والبراءة الأقرب إلى الإنشداه والضياع... والاستسلام للقدر المحتوم، وجوه وتشكيلات بشرية رومانسية لكن الأوضاع التي هي فيها داخل فضاء اللوحة مشحونة بالعنف والتمزق والحنين، وجوه يحيطها بحزام من الأوان ويحولها إلى إيقونات إنسانية تأخذ قداستها من عمق الألم والحنين في نظرات تلك الوجوه ومعاناتها الإنسانية». وأضاف: «مثلما نجد، بشكل عام، أن موضوعات لوحاته تحمل نبرة لونية وتشكيلا أسطورياً من خلال مهرجان لوني يضج بالدلالات التي لا تمنح نفسها بسهولة، على الرغم من أنها ألوان الطبيعة نفسها وألوان ثياب أهله وجيرانه وبيئته التي ترعرع فيها الفنان فشكّلت من جهة وعيه الجمالي وصقلت حساسيته الفنية، ومن جهة أخرى تغلغلت في أعمق أعماق ذاكرته البصرية ولاوعيه الفردي». وختم بقوله:«في لوحات الفنان زهير حسيب ثمة غنائية لونية يضبطها الفنان من خلال هذا التوازن بين الألوان الحارة والباردة، وثمة شاعرية في الموضوع الفني الذي كثيراً ما تضيق به اللوحة فيصير خارجها، ربما في ذاكرة المتلقي بحسب قربه من موضوع اللوحة أو في تشكيلات حساسيته ووعيه الجمالي وتقبله الفني لموضوع اللوحة، لاسيما أن معظم موضوعاته التي تتشكل من خلال حركة اللون على سطح اللوحة هي موضوعات إنسانية لها علاقة بالأمومة والعشق والطبيعة والمعاناة البشرية والتيه الإنساني!... كذلك نجد في لوحاته زهير حسيب أن البناء الفني يتشكل حراً وإنسيابيا منحازاً لموضع اللوحة ذي النبرة الأسطورية أحياناً، لكن هذه الإنسابية تتكئ على قوانين صارمة وغير مرئية لا يدركها المتلقي بسهولة ومن الوهلة الأولى، والتي تكشف عن حرفية عالية وموهبة كبيرة لدى الفنان... زهير حسيب فنان غنائي بألوانه أسطوري بموضوعاته ورومانسي بتشكيل وجوه شخصياته، لاسيما وجه المرأة الطفولي المليء بالبراءة والعذاب والمعانة الإنسانية والذي يتكرر في معظم الوجوه».

مشاركة :