تحتاج الكثير من الأمهات إلى خبرة وثقافة في عملية تغذية الطفل؛ لأن هذه المرحلة ضرورية من حياة الصغير، ويحتاج الجسم فيها إلى بناء صحيح ومتكامل، كما أن الطفل عموماً يكون في حالة سريعة من النمو، ويتطلب ذلك أسلوباً وطريقة معينة في التغذية، ومع كل فترة من عمره يتغير برنامج الغذاء حسب حاجة الجسم في كل مرحلة، ودور الأم مهم للغاية في هذه العملية؛ لأن أي سوء تغذية في هذه المرحلة سوف ينعكس على صحة الطفل في الحاضر والمستقبل، وإطعام الطفل يبدأ عموماً من عمر 4 إلى 6 أشهر حسب نضوج قدرات الطفل ونموه، وهناك بعض الأطعمة التي يحتاج إليها الطفل في بداية مرحلة التغذيةتفتقد بعض الأمهات الخبرات المطلوبة في مجال إعداد غذاء الصغير؛ بسبب ثقافتها المحدودة في تغذية الأطفال والمستمدة من مورثات عشوائية لا تستند إلى حقائق ومعلومات، ويمكن أن يكون الطفل هو المولود الأول لهذه الأم، والاجتهاد في هذه المرحلة ليس صواباً في غالب الأحيان، وكثير من الأمهات تستعين بالطبيب المتابع لحالة الطفل المختص، لترتكز على أسس علمية في تغذية طفلها، أما الأمهات التي تتبع الأنظمة العتيقة والمورثات وسؤال المحيطين بتغذية الطفل تسبب له الكثير من المشاكل الصحية، وبعض الأمهات تعمل على تسمين الصغير معتقدة أن الطفل زائد الوزن أجمل ويتمتع بصحة جيدة، وهذا الاعتقاد يضر صحة الطفل ويؤذيه على المدى القريب والبعيد ويمكن أن يصيبه بمرض السكري، وفي هذا الموضوع سوف نتناول الأسلوب الصحي في تغذية الأطفال ونطرح النصائح والإرشادات المقدمة من الأطباء والخبراء في هذا الشأن.الخضار المهروستحتل المرحلة الأولى من تغذية الصغار أهمية قصوى؛ لأنها مرحلة دقيقة في مراحل النمو، ففيها يكتمل نمو خلايا الدماغ المسؤولة عن التحكم في الجسم، ووتيرة نمو كل أعضاء الجسم سريعة وتحتاج إلى غذاء سليم، والسنة الأولى في عمر الصغار عموماً هي الأكثر أهمية في فترات النمو، وتقع المسؤولية الكاملة على الأم؛ ولذلك عليها تحسين خبراتها ومواجهة المشاكل التي تقابلها، ومراجعة الطبيب المختص باستمرار، ويوجد اختلاف بين الأطباء في أساليب وطرق تغذية الأطفال، ولكن الضروري في هذه المرحلة هي معرفة الطعام المناسب للطفل والنوعيات الممنوعة، والأساسيات العامة التي اجتمع عليها الأطباء في موضوع التغذية الصحية للأطفال، وتبدأ عملية تدريب الطفل على الأكل من عمر 4 أو 6 أشهر حسب نصيحة الطبيب المتابع ببداية الطعام، ويجب متابعة الطفل حتى لا يختنق أثناء البلع، والبداية الجيدة لتغذية الصغير تتم من خلال الخضار المسلوق المهروس جيداً، وبكميات صغيرة في البداية وبعد فتره قصيرة تقدم شرائح مسلوقة من التفاح والكمثري، وتقدم الأنواع الأخرى من الفواكه تباعاً، وعند إصابة الطفل باضطراب أو تحسس من بعض الأنواع على الأم تأجيلها فترة من الزمن؛ حيث يتحسس بعض الأطفال من المانجو والفراولة والموز، وتقديم الحليب ومشتقات الألبان تتم بعد مرور عام من عمر الصغير؛ بسبب عدم مقدرة الجهاز الهضمي غير المكتمل على التعامل مع هذه الأغذية. وجبات متنوعةتقدم الأم وجبتين، وجبة متوسطة بعد مرحلة التدريب، ويفضل أن تتكون من بسكويت ينصح به الطبيب، وألا يحتوي على سكريات مع الأرز المطهي جيداً، وتقوم الأم بإعداد بيوريه البطاطس والجزر، ولا تنسى شرائح التفاح والفواكه المسلوقة؛ وذلك بجانب الرضاعة الطبيعية أو الصناعية بعدد 7 مرات على مدار اليوم، وبعد بلوغ الطفل عمر 9 شهور تقدم الأم المزيد من الطعام المتنوع، وترفع عدد الوجبات اليومية إلى 5 وجبات متوسطة، وتقلل عدد مرات الرضاعة الطبيعية إلى 3 أو 4 مرات، ويتناول الطفل في هذه الفترة الخضراوات ومنها: الكوسة والبطاطا والجزر والبطاطس والفاصولياء مع والأرز المسلوق، وتزيد من أنواع الفواكه، مثل: الموز الخوخ والبطيخ والكمثري، وعند الوصول إلى عمر 12 شهراً ترتفع عدد الوجبات إلى 7 وجبات متنوعة وكل وجبة تقدر بحوالي 7 ملاعق صغيرة، ويتناول اللحوم بأنواعها ويفضل المفروم؛ لأن اللحوم تعد مصدراً جيداً للحديد مع لبن الأم، ويقدم له صفار البيض فقط، وتقل الرضاعة الطبيعية إلى 3 مرات يومياً، وبعد العام لا مانع من تناول الجبن بأنواعه والحليب كامل الدسم والزبادي، بجانب الرضاعة الطبيعية التي تقل إلى مرتين أو ثلاث مرات على مدار اليوم، ويحصل الطفل على كل العناصر الغذائية التي يحتاج إليها للنمو في هذه الفترة من الطعام والرضاعة.متابعة النموتقيس الأم وزن الصغير وطوله مع الدخول في كل مرحلة جديدة من النمو، وإذا لاحظت أية قصور عليها التوجه للطبيب المتابع لتغيير النظام الغذائي للطفل، أو زيادة بعض الأطعمة الضرورية للوصل إلى الحجم والوزن والطول الطبيعي، ويجب عدم إجبار الصغير على تناول نوع معين من الغذاء، وكذلك تركه إذا رفض الطعام بشكل كلي فلا ضرر، يمكن أن يكون هناك بعض الأسباب لذلك، وسوف يعود إلى تناول الطعام بعد زوال السبب، وتلبي حاجته إذا طلب مزيداً من الطعام، ومن الممنوع في هذه المرحلة تناول المشروبات الغازية؛ لأنها تحدث خللاً كبيراً في عملية النمو والهضم، ولا تقدم الأم شرائح البطاطس المقرمشة الجاهزة للصغير، ويمكن عملها بالبيت أفضل، فهي تحتوي على زيوت مهدرجة رديئة تؤذي صحة الصغير، إضافة إلى احتوائها على المواد الحافظة ومكسبات الطعم واللون، وتقلل الأم من الحلويات قدر الإمكان؛ لأنها تؤذي أجهزته الضعيفة؛ وتؤثر في صحة الدماغ، وتراقب الأم الصغير أثناء تناول الغذاء حتى لا يصاب باختناق أثناء البلع، وتتجنب الغذاء التي يسبب مشاكل في عملية البلع، ومنها قطع الفاكهة الصلبة والعنب والمكسرات والزبيب، كما تتابع حساسية الطفل من بعض الأغذية.الفيتامينات الأساسيةتقدم الأم الطعام للصغير بدون ملح أو توابل، وشرائح الفاكهة تكون بدون سكر أو عسل أو محليات، كما يجب على الأم معرفة العناصر الغذائية الضرورية لكل مرحلة نمو، فمن الضروري توفير عنصر الكالسيوم المهم لنمو عظام الجسم وتحقيق المتانة والقوة لبداية مرحلة الزحف والمشي والتسنين، ويحتوي الحليب والجبن والزبادي على الكالسيوم بكميات كبيرة، ولابد من توفير فيتامينات تقوية المناعة الموجودة في زيت الذرة ودوار الشمس وزيت الزيتون، ونقص الماغنيسيوم يضر الجهاز العصبي للصغير، والماغنيسيوم يحمي الشرايين من التلف والتضرر؛ نتيجة ارتفاع ضغط الدم، ويدخل في تكوين العظام وهضم الكربوهيدرات والمعادن، وأشارت دراسة حديثة إلى دور الماغنيسيوم في علاج هشاشة العظام ومكافحة السرطان، وتخفيض مستوى الكوليسترول الضار في الجسم وعلاج مشاكل الشرايين، ويعمل الماغنيسيوم على امتصاص البوتاسيوم والكالسيوم، ولا يستطيع الجسم امتصاص هذه العناصر بدون الماغنيسيوم، ويوجد الماغنيسيوم بكميات كبيرة في التفاح والموز والمشمش والليمون ومنتجات الألبان وفي المكسرات، ومن الضروري تقديم الأطعمة التي تحتوي على عنصر الحديد؛ لأنه ضروري في عملية نمو وتطور خلايا المخ، ويدخل في إنتاج كرات الدم الحمراء ويقوي طبقات الجلد، ويمنع تساقط الشعر ويقوي الأظافر، ويتوفر الحديد في الخضراوات وبكميات كبيرة في السبانخ والملوخية، ولابد من توافر فيتامين «سي» الذي يساعد في امتصاص الكالسيوم والحديد، ويعمل عنصر البوتاسيوم في ضبط حركة الدورة الدموية، وينظم عمل القلب والأوعية الدموية، ويوجد في التمر والموز والمشمش والبرتقال والخوخ والتين، وأيضاً في الطماطم والبطاطس. أخطاء شائعة تشير منظمة الصحة العالمية إلى أهمية التزام الأم بالرضاعة الطبيعية بجانب عملية إطعام الصغير في العام الأول، وتكشف دراسة حديثة بعض الأخطاء التي تقع فيها الأمهات أثناء تغذية الطفل في هذه المرحلة، ومنها تقديم غذاء يحتوي على منتجات الألبان كالمهلبية بالحليب والأرز بالحليب، ما يسبب حالة شديدة من المغص وعسر الهضم والألم الشديد للطفل، ومن الأخطاء أيضاً اكتفاء الأم بمشروب الأعشاب في فترة الليل وعدم تقديم وجبات الرضاعة، ما يسبب ضعفاً في التغذية وفي نفس الوقت تتضرر عملية إدرار اللبن؛ لأن الهرمون الذي يزيد من كمية إدرار اللبن يفرز بالليل، ويرتفع هذا الهرمون أثناء الرضاعة الليلية بشكل أكبر، ومع بداية مرحلة الغذاء يجب تقديم الماء للصغير وخاصة في الأجواء الحارة، وجميع مدارس التغذية أكدت عملية التدريج في بداية تغذية الصغير وكذلك الفطام؛ حيث تبدأ الأم في تغير وجبة واحدة في البداية من الرضاعة بالغذاء، وتزيد وجبتين وهكذا حتى يكون الاعتماد الأساسي على الوجبات وتقلل من الرضاعة بصورة كبيرة، وبعض الأمهات تعتمد بصفة أساسية على الرضاعة وتهمل تغذية الصغير بالطعام الصلب، وهذا الأسلوب غير صحي أيضاً، لأن لبن الأم لا يفي باحتياجات الصغير من العناصر الغذائية لملاحقة عملية النمو.
مشاركة :