فى ساعات الصباح الأولى، حيث البداية ليوم جديد يعيشه بتفاصيل لا تختلف كثيراً عن اليوم الماضى، بل والأسبوع الماضى أيضاً، سوى فى الوجوه التى يراها داخل «الفلوكة».. تراه ممسكاً بالمجاديف، وبوجه ترى من خلاله رحلة زمن طويلة، يبتسم لك «عوض عوض» الرجل الخمسينى، أحد أشهر الصيادين فى ميناء الإسكندرية، يلوح بيده من بعيد وبصوته الضعيف ينادى على الصيادين أصدقائه فى الميناء لتحيتهم أولاً، ثم توصيل كل منهم لمركبه. عم «عوض» الذى يحفظ أسماء الصيادين عن ظهر قلب، يحكى قصة مشواره التى انتهت داخل «الفلوكة» البسيطة بين المراكب الكبيرة فى الميناء، ويقول: «من وأنا عيل صغير فتحت عينيا على المينا، إتعلمت الشغلانة من جدى وأبويا وورثتها عنهم وكان عندنا مركب كبيرة بشتغل عليها صياد، لكن بسبب ظروفى الصحية وإجرائى عمليات فى البطن، بقى صعب أشتغل على المركب ولإنى زى السمكة مقدرش أخرج من الميناء قررت أبيع المركب وأشترى فلوكة وأخلق لنفسى مهنة غير الصيد هنا فى الميناء». وبين مراكب الصيد الكبيرة، يتجول عم «عوض» بالفلوكة الصغيرة، واصفاً نفسه بـ«تاكسجى البحر»، ويستكمل الحكاية قائلاً: «بعد ما بعت المركب وجبت فلوكة صغيرة بقيت بلف بيها الميناء والصيادين ينادوا عليا عشان أوصلهم من الشاطئ لمراكبهم والعكس وبيدونى إللى فيه النصيب». وفى رحلاته المستمرة بين الشاطئ والبحر، يومياً، يستنشق «عوض» رائحة الأسماك الذكية، يطلب من أحد الصيادين سمكة مقلية ورغيف عيش، يأكلها سريعاً لاستكمال عمله الذى رفض أن يقتصر على توصيل الصيادين، بل قرر أن يكون مرشداً سياحياً للقادمين من خارج الميناء، ويضيف: «أنا شغال سواق تاكسى بس فى البحر.. ساعات بقعد ألف على الكورنيش بتاع الميناء أنادى على الناس عشان ييجوا يركبوا معايا وأفسحهم ويلتقطوا بعض الصور التذكارية فى مقابل بعض الجنيهات البسيطة». ويتابع عوض: «أنا عندى 56 سنة، والصياد مننا بيطلع معاش على سن الـ65 سنة ومبقاش فيه دخل بيكفى مصاريف الزمن اللى إحنا فيه دا»، يتمنى «عوض» من الحكومة توفير تأمين صحى للصيادين ويقول: «إحنا معندناش حتى تأمين صحى، وأنا نفسى أعيش مستريح فى الكام سنة اللى فاضلين ليا»، متابعاً: «معنديش حاجة تانية أسترزق منها غير الفلوكة.. بفرح لما بوصل الصيادين كل يوم الصبح ولما بفسح الناس وأشوفهم وهما بيتصوروا وفرحانين ونفسى أفرح أنا كمان».
مشاركة :