فسيفساء في حب الوطن

  • 10/2/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ماء تحضنه بيداء قاحلة وتخفيه عن الطيور المهاجرة بين تلتين، نخيل يسيج الحدود الجغرافية ويخفي ظبياً يقفز من ظل لآخر، وادي حنيفة يطوِّق البيوت برائحة الخزامى والعشب البري، سحاب يحك خده بطويق وهو في الطريق إلى مكة المكرمة، البحر الأحمر يصقل مرجان الساحل الغربي في الليل بزبد البحر وضوء الثريا، سماء تضع قبعة رمادية على قمة في السراة ثم تمطر. خيط نور يقسم سحابة بيضاء نصفين على ساحل نصف القمر، موجة تحمل محارة وتضعها في يد طفل صغير يلثغ باسمها، سيف مرصع بالنجوم في (عرضة) أمام قصر المصمك عام 1322هـ. صورة رمادية لقافلة تشق صفاً من الكروم باتجاه غيم الشمال، عشبة برية يتشقق عنها الطين وهي تنبت باتجاه الشمس في نفود الثويرات، ظبيان يتناطحان في نفود الدهناء الحمراء على تلة محنية كموجة توشك أن تنكسر. ليل قليل النجوم وكتيبة كامنة بانتظار خيط الفجر في الحد الجنوبي، مدينة خضراء مطوقة بالأودية الجافة والطرق السريعة بانتظار قمر يولد من جديد، ميزاب تحط عليه العصافير الملونة في بيت من الطين بعد ليلة ماطرة، مسجد يضاء بالكهرباء لأول مرة قبل أذان العشاء على طريق جبلي سريع، قطيع من الخراف ينزل وادي الليث ثم يصعد خلف راع صغير ينشد قصيدة نبطية لشاعر مجهول. راية خضراء ترفرف في دم الذاهبين لصيد الغزاة في القرن التاسع عشر، سدرة في جوفها سيف بانتظار الخونة، بيت طيني قديم في انتظار إعادة هندسة وسط العاصمة، كرة متجهة إلى حلق المرمى في الطريق إلى كأس العالم، قطار يُدعك بمعجون يرصعه بالنجوم قبيل انطلاقته الأولى في عروق المدينة، قصيدة حماسية مدججة بالصهيل وصوت البواريد تسبح في ماء أغنية وطنية، أمانة العاصمة تجدِّل الطرقات ضفائر مشغولة بالورود والألعاب النارية. الربع الخالي يوقظ سرباً من القطا ينام على جال بركة ماء هلالية مكحلَّة بالنخل والعشب، ربابة تعزف للتوباد بالغيل خمس قصائد في الحب وواحدة في وصف المطر، عين زبيدة تولد من جديد، ناقة مروان بن أبي حفصة الحفيد تبرك باليمامة عائدة من العراق، كثيب تنقِّشه الطيور بأقدام نحيلات تطل منه على مراكب تشق زرقة البحر، سفح يطل على واد مكدس بالنخيل والأفق مرصع بأنوار المدينة، حمامة غفت على سطح الكعبة والليل يدخل في هزيعه الأخير.

مشاركة :