120 يوماً مرت على حصار قطر، فلا «المعدة القطرية» انهارت، ولا نقص في الأدوية والأغذية ومستلزمات المواطن والمقيم، لا قطر رضخت وتنازلت عن سيادتها، ولا انفض أهلها من حول قيادتهم الرشيدة، رهانات ساقتها دول الحصار، مؤكدة أنها في الجانب الأقوى والأكثر إقناعاً، ساعية لإقناع مواطنيها بقراراتها، بعدما فشلت في إقناع أهل قطر، كمن أسس بنيانه على جرف هار فانهار به في سلسلة من الكذب والادعاء.120 يوماً تمر على حصار قطر، الأزمة الخليجية الأبرز في تاريخ دول مجلس التعاون، والزلزال السياسي الذي فضح دول الحصار، وأظهر نواياها وتخبطها الدبلوماسي، الأمر الذي تحول من مجرد موجة تأييد لموقف قطر، فلم تبنِ دول الحصار موقفها الجائر على أسس متينة أو أسباب مقنعة، ليكون إدانة لموقف دول الحصار، سواء من الكثير من الدول حول العالم، أو منظمات حقوقية دولية، وصولاً لمواطني دول الحصار نفسها، ممن رأوا الضعف ظاهراً في تصريحات وتصرفات كبار المسؤولين في دولهم، فهرعوا مطالبين بالتراجع عن هذه الإجراءات التي تضرب وحدة الخليج، وتضع أحد أكبر القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في موقف تاريخي يهدد هذه القوة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ. كان لمؤسسات الدولة في قطر دور بارز في التصدي للحصار الجائر على الدولة، فسياسة دول الحصار قامت على الشائعات، الأمر الذي تطلب يقظة فائقة من هذه المؤسسات، من أجل توفير احتياجات المواطن والمقيم من ناحية، وأن تواجه من ناحية أخرى الشائعات بصورة تناسب ما يبثه إعلام دول الحصار من سموم تسعى لإثارة الفوضى، ونشر الخوف بين كل من يعيش على أرض قطر. ترتكز استراتيجية الدول على توفير الصحة والاحتياجات الغذائية لمواطنيها كأحد أبرز احتياجات المواطن، لذا حرصت دول الحصار على التشكيك منذ اللحظة الأولى للحصار على عدم قدرة قطر على توفير هذه الاحتياجات، وهو الأمر الذي برهنت المؤسسات القطرية على قدرتها على توفيره، وبالقدر الذي يحتاجه كل فرد يعيش على أرض قطر. القطاع الصحي يتصدى لموجات التشكيك وفي القطاع الصحي، عملت دول الحصار عبر قنواتها الرسمية على التشكيك في قدرة مؤسسات القطاع على التصدي لإجراءات الحصار، في الوقت الذي تدعي فيه حرصها على صالح المواطن القطري، في موقف ملتبس ينم عن تخبط دبلوماسي. حرصت مؤسسات القطاع الصحي على التأكيد منذ اليوم الأول على قدرتها على توفير كل الخدمات، وعند المستوى المتميز نفسه، وأن جميع الأدوية متوفرة للمرضى، وهو ما أثبتته قرابة أربعة شهور على الحصار الجائر، فلم يتأثر القطاع بإجراءات الدول الساعية للتضييق على سيادة قطر. لمحة إنسانية تاريخية لمستشفيات قطر وفي لمحة إنسانية تاريخية لدولة قطر، لم تأخذ مؤسسات الدولة الصحية نفس المنحى الذي اتخذته دول الحصار في التعامل مع المرضى من هذه الدول، حيث قامت دول الحصار بطرد المرضى القطريين ممن يعالجون في مشافيها، ولم تقم قطر بهذه الخطوة، على الرغم من قلة عدد الأسرة في بعض المستشفيات، مقارنةً بالكثافة السكانية المتزايدة، بل وأكدت الدولة مراراً على أن أبناء دول مجلس التعاون مرحب بهم دوماً في بلدهم الثاني قطر. خطى التوسع تسير في خطها وتستمر خطى التوسع التي أعلنت عنها المؤسسات الصحية في مسارها، بما يتناسب مع الزيادة السكانية المرتقبة، والتي يتوقع أن تستقبلها قطر خلال السنوات المقبلة، مع استمرارية مشروعات مونديال 2022، وهو الحدث الذي ينتظره العالم العربي بصورة عامة، كأول دولة عربية تستقبل الحدث الرياضي الأبرز في العالم. وتأكيداً على هذا الشأن، فقد أعلنت وزارة الصحة العامة في بيان لها أن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمقيمين لم ولن تتأثر بحصار بعض الدول الخليجية المفروض على قطر. وأن لديها الإمكانات الكافية لتوفير المستلزمات والأدوية واستمرار تقديم الخدمات الصحية بالكفاءة والجودة نفسها في الظروف المختلفة. وأن الوزارة مستمرة في تنفيذ المشاريع الصحية المخطط لها والتي تهدف إلى التطوير المستمر للخدمات الصحية وزيادة إمكانات وقدرات القطاع الصحي وفق الاستراتيجيات والخطط الموضوعة لتحسين صحة وعافية الشعب القطري. ومن جانبها أكدت مؤسسة حمد الطبية، يونيو الماضي، أن الخدمات الصحية التي تقدمها مختلف المستشفيات التابعة لها تعمل بشكل طبيعي، إذ لا يوجد أي نقص في المستلزمات الطبية أو الأدوية بسبب الحصار المفروض على الدولة من عدد من الدول الخليجية، وأن مؤسسة حمد الطبية لديها إمدادات من الأدوية والمستلزمات الطبية المهمة الأخرى تكفي لعدة أشهر، وأنه في حال توقفت بعض طرق توريد هذه الإمدادات فستقوم المؤسسة بكل تأكيد بإيجاد موردين جدد للأدوية والمستلزمات الطبية، وهو ما تحقق، فلم تتأثر إمدادات الدواء، ويحصل كل مواطن ومقيم على ما يريده من أدوية، وأنه لا توجد مخاطر من أي نوع على الصحة العامة، وذلك بسبب عدم وجود أي نقص في الأدوية أو الإمدادات الطبية في دولة قطر. وزارة البلدية والبيئة كان لها دور بارز في التصدي لإجراءات دول الحصار، فالوزارة عملت من اليوم الأول على طمأنة كل من يعيش على أرض قطر، على خطط التوسع في توفير الإنتاج المحلي لاحتياجات السوق القطري، وعملت الوزارة على فتح آفاق الدعم للمزارعين ومربي الحلال، الأمر الذي يزيد من المنتجات الزراعية والحيوانية في السوق، ويسهم في سد حصة كبيرة من احتياجات المواطن والمقيم على حد سواء. وفي الوقت نفسه، تمسكت وزارة البلدية والبيئة بأعلى معايير الجودة، فكثفت من حملاتها التفتيشية على المحال التجارية والمطاعم، مستمرة في توفير أعلى المنتجات جودة، وهو الأمر الذي راهنت عليه دول الحصار، حيث أكدت قنواته الإعلامية أن قطر لن تستطيع توفير احتياجات المواطنين والمقيمين. يظل وعي المواطن القطري وكل من يقيم على أرض قطر، أحد أبرز العوامل البارزة في الأزمة، فقد تحول كل من يعيش على أرض الدولة إلى ناطق باسمها، وقادر على الدفاع عنها، مرتكزاً على ما يراه من إنجازات كبيرة، وتعامل راقٍ من أهل قطر، ومؤسسات الدولة. ومنذ اليوم الأول للأزمة حرص أبناء قطر والمقيمون على أرضها على التصدي لكل الشائعات التي أطلقها إعلام دول الحصار، فخرجت عشرات الوسوم التي حرصوا من خلالها على التعبير عن أرائهم، والتأكيد على بطلان ادعاءات دول الحصار، ليثبتوا ضحالة فكر الوجوه الإعلامية في هذه الدول، بل وتناقض تصريحات مسؤوليها وسقطاتهم الدبلوماسية الكبيرة. وبين «المعدة القطرية» التي لن تصمد أمام إجراءات الحصار، وقطر التي ستقدم تنازلات جراء ذلك، وقائمة المطالب الثلاثة عشرة، التي تحولت إلى ستة، ومرة أخرى عادت ثلاثة عشر، تجلت حالة من التخبط، وعدم قدرة الإعلاميين والساسة في دول الحصار على صياغة موقف تقنع به مواطنيها، في الوقت الذي تتفوق فيه قطر على الأصعدة كافةً، ويتمكن أبناؤها والمقيمون على أرضها من تصدير الصورة الصحيحة للحصار الجائر، والمطالب غير المنطقية و»الاستفزازية» لدول الحصار. وتبقى الصورة الأبرز في أزمة الحصار، وخاصة في الأشهر الأربعة الأولى له، استقبال أبناء قطر والمقيمين لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، عائداً من الولايات المتحدة الأميركية، في مشهد مهيب استشعر خلاله الجميع بالمكانة التي احتلتها قطر في نفس كل من يعيش على أرضها، ولتؤكد لدول العالم بأن قطر صامدة، ولن تقدم تنازلاً يمس بسيادتها.;
مشاركة :