أوساط إسرائيلية تشكك في إمكانية نجاح المصالحة الفلسطينية

  • 10/2/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

شككت أوساط إسرائيلية رسمية وغير رسمية، في إمكانات نجاح الجهود المصرية لتحقيق مصالحة حقيقية بين «فتح» و«حماس». وقالت إن هذه الجهود، على الرغم من التصريحات الإيجابية والعناق بين وفود السلطة الفلسطينية ورجالات حماس في قطاع غزة، ستصطدم قريبا بشروط مختلفة يفرضها كل طرف من الطرفين وتشكل عقبة أمام ترجمتها إلى واقع على الأرض. وقالت في تصريحات إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، تنشر من دون أسماء أصحابها، إن الساحة الفلسطينية شهدت في السنوات العشر الأخيرة، عددا لا يحصى من المبادرات للمصالحة، لكن، على الرغم من ذلك، فإن الوحدة الفلسطينية لا تزال مجرد عناوين في الصحف. وقدوم وفد حكومة السلطة الفلسطينية، برئاسة رامي الحمد الله، اليوم إلى غزة يرافقه مئات الموظفين، ورجال الأمن، تأهبا لـ«عودة حكومة السلطة إلى القطاع، بعد أكثر من عقد من الانقلاب الدموي، قد يبدو كأنه حدث تاريخي. لكن المفاوضات مخصصة بشكل أساسي، من أجل البروتوكولات والكاميرات، لكي يبدو، على الأقل بشكل ظاهري، أن هناك ملامح مصالحة». ويضيف أحد الناطقين الإسرائيليين: «لا يمكن تجاهل الشعور بأننا قد شهدنا فيلما مماثلا في شهر أبريل (نيسان) من عام 2014 في (اتفاقية الشاطئ)، وفي إقامة حكومة (الوحدة الوطنية)، التي، كما نعلم جميعا، لم نر بشارة تصدر عنها. بل على العكس، فبعد تشكيل حكومة (الوفاق)، جاء الرفض العنيد من قبل رئيس السلطة أبو مازن، لتمويل رواتب موظفي حكومة حماس في غزة، وجاء خطف وقتل الفتيان الإسرائيليين الثلاثة، وتبعته فيما بعد، حملة (الجرف الصامد). ما الذي تغير إذن؟ ليس من الواضح إن كان هناك أي تغيير أصلا. إن تفاصيل التفاهمات بين الأطراف غير واضحة حتى الآن، ومن الصعب رؤية أحد الأطراف يتنازل في قضايا مصيرية، كموضوع سلاح حماس والسيطرة على الحدود، وفي بعض الأحيان، يبدو أننا على مشارف العودة، مرة أخرى، إلى تلك العادة المتكررة والمعروفة: مهرجان وحدة وطنية، تليه مصاعب في المفاوضات، وفي نهاية المطاف، تعميق الانفصال والشقاق، الشقاق الذي لا ينتهي بين الحركتين». ومع ذلك، فإن الإسرائيليين يشيرون، أيضا، إلى بعض البوادر المفاجئة التي قد تغير الصورة على نحو إيجابي؛ ومنها «تبدل قيادة حماس خلال الأشهر الماضية، وأداؤها غير المتوقع. فمن هو موجود اليوم ليس خالد مشعل، ومجموعة قيادة الخارج. إن من يقود حركة حماس اليوم هما شخصان، من سكان القطاع، من أبناء مخيمات اللاجئين فيه: رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، من سكان مخيم الشاطئ، ورئيس حركة حماس في القطاع، يحيى السنوار، المولود في مخيم خان يونس للاجئين. كلاهما لا يخفي رغبته بتحقيق الوحدة الفلسطينية. إنهما يتحدثان باستمرار عن هذه الوحدة، ويحاولان القيام بعدد غير قليل من الخطوات لبناء الثقة أمام حركة فتح، التي يقف أبو مازن على رأسها. كما أن الرئيس الفلسطيني تحدث في أكثر من مرة، مؤخرا، مع هنية، وتمكن الطرفان فيما بينهما من خلق قناة حوار. كما توجد هذه القناة بين مسؤولين آخرين من كلا الحركتين؛ من أولئك المسؤولين عن الأجهزة الأمنية للحركتين. كما أعلنت حركة حماس عن تفكيك «الهيئة الإدارية» التي أقامتها في قطاع غزة لكي تستبدل حكومة الحمد الله. ولا يمكن تجاهل الأمور الاستثنائية التي قالها يحيى السنوار، الذي كان العنصر الأكثر تطرفا من بين قيادات حركة حماس حتى وقت غير قليل. فقد صرح أمام أبناء الشبيبة الغزية، بأنه سيكسر رقبة كل من يقف في وجه المصالحة، حتى لو كان هذا الشخص من حركة حماس أو من أي تنظيم آخر. وقال السنوار «إن قرار إنهاء الانقسام هو قرار استراتيجي، لا عودة عنه. ينبغي علينا أن ننهي هذا الانقسام». بل إن السنوار ادعى أن قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، يدعم هذه الخطوة أيضا. وقال مسؤول آخر في إسرائيل إن «قيادة حماس تعترف بفشلها المدني، وتشعر بخطر انتفاض سكان قطاع غزة ضدها. فهذه الحركة التي حاولت، بكل الطرق، عدم التخلي عن السيطرة على القطاع، بما فيه الشؤون المدنية للقطاع، في العقد الماضي، بدأت تبدي استعدادا للتنحي جانبا في الحيز المدني. هذا يعود إلى فشلها في حل أزمات الكهرباء الخانقة، والتشويش في ضخ مياه الشرب، ومعدلات البطالة التي لا تتراجع والتي تبلغ 44 في المائة، وإعادة الإعمار البطيئة في القطاع، والحصار المصري على معبر رفح. ففي هذا المنحى، هناك تغيير درامي حقيقي. إن حركة حماس التي انطلقت من رحم الإخوان المسلمين والتي كانت تمثل، ظاهريا، بأن (الإسلام هو الحل)، تعترف الآن بمحدودية قدراتها. كما حصل ربما لحركة (النهضة) التونسية، التي أدركت أنها لن تتمكن من البقاء باعتبارها الحركة السيادية الوحيدة، وأدركت أنه من المفضل لها أن تجلس في مقاعد المعارضة. يحتمل أن حماس لا ترغب في تقليد النموذج التونسي، بل ترغب حماس بالذات في تقليد النموذج اللبناني؛ بمعنى أن تتبنى بطريقة أو بأخرى الطريقة التي يعمل وفقها (حزب الله): ترك السلطة الفلسطينية تدير الشؤون الشاملة للقطاع، والتأكد في المقابل من أن الذراع العسكرية لحركة حماس، (كتائب الشهيد عز الدين القسام)، تحافظ على السلاح الذي تملكه ولا تتخلى عنه. هكذا ستواصل حماس بقاءها (رب البيت) بشكل عملي في القطاع، في الوقت الذي ستواصل فيه السلطة التعامل مع المعضلات اليومية في القطاع، وهي معضلات منهكة، عديمة الأفق». ويعدد المسؤولون الإسرائيليون القضايا التي قد تؤدي إلى نجاح أو فشل المصالحة، على النحو التالي: - مشكلة موظفي إدارة حماس، البالغ عددهم نحو 45 ألفا، أزمة يمكن حلها. فإن رغب الطرفان في الأمر، فبالإمكان التوصل إلى منظومة تحدد ما الذي يمكن القيام به حيال عشرات آلاف الموظفين التابعين لحركة حماس، الذين تم تجنيدهم لوظائفهم بعد انقلاب عام 2007. فقرابة 20 ألفا من هؤلاء هم أعضاء الشرطة المدنية والدفاع المدني، والجهات التي من المفترض أن تعالج الأمن الشخصي لسكان القطاع. ظاهريا، من المفترض أن تقوم السلطة بتجنيد هؤلاء ضمن المنظومة الأمنية شديدة الانتفاخ التابعة لها. إلا أن علينا هنا أن نتذكر عاملا إضافيا: رد فعل المجتمع الدولي. إن الذهاب إلى مصالحة مع حماس، والاتفاق بأن توافق السلطة على دفع رواتب ما بين 16 و20 ألفا من رجال قوات الأمن الذين كانوا حتى وقت غير بعيد موظفين لدى حركة حماس، قد يؤدي أيضا إلى مشكلات في تحويل التبرعات إلى السلطة الفلسطينية. - نقطة أخرى يبدو أنه بالإمكان حلها، هي وجود السلطة على المعابر. فبحسب التلميحات التي أطلقها قياديو حماس، فهم سيوافقون على نقل السيطرة على المعابر الحدودية إلى السلطة؛ بل ربما ينتشر رجال السلطة على امتداد الحدود مع مصر وإسرائيل. سيؤدي الأمر إلى فتح ثابت لمعبر رفح، وإلى تحسن فوري في الحالة الاقتصادية في القطاع. إن خطوة كهذه ستقابل بمنسوب كبير من التأييد، وستتردد أصداء هذا التأييد في واشنطن، بل وربما أيضا بشكل ما في إسرائيل. - أما العقبات الصعبة، فتكمن في الشكوك القائمة بين التنظيمات، ومعها أيضا المشاعر الصعبة في غزة وفي الضفة تجاه التنظيمات المتنافسة. بالذات لدى الرئيس المعروف بكونه لا يسارع إلى مسامحة من حاول المساس به. - وهنالك مشكلة أصعب؛ هي أن أبو مازن لن يوافق على بقاء الذراع العسكرية لحركة حماس على قيد الحياة. إن تخلي حماس عن سلاحها بالنسبة لأبو مازن كان شرطا واضحا لأي محاولة لإنهاء الانقسام في الماضي. ربما يحتمل، على ضوء حالته السيئة في استطلاعات الرأي، في آراء الجمهور الفلسطيني في غزة، إلى جانب يأسه من إسرائيل ومن الخطوات الأميركية الساعية إلى «الدفع قدما بعملية السلام»، أن يجبر في هذه المرة على الموافقة على عدم تخلي «كتائب عز الدين القسام» عن سلاحها. - نقطة أخرى؛ هي البرنامج السياسي. فأبو مازن يحمل أجندة سياسية واضحة تختلف عن أجندة حماس، التي تطالب بوقف أي مفاوضات مع إسرائيل. فهل ينوي الرئيس الفلسطيني ضرب إنجازاته السياسية في المحافل الدولية والدخول في صدام مع المجتمع الدولي لكي يتحالف مع حماس، التي لا يضمن إخلاصها له ولو لدقيقة؟ - وارتباطا بالبند السابق، لن يسارع أبو مازن إلى الاتفاق مع حركة حماس ما دام لا يعلم، بشكل تفصيلي، ماهيّة مبادرة السلام الأميركية.

مشاركة :