بولي أتلون رياضة وطبيعة من دون منافسة

  • 10/2/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هيا بنا نذهب في رحلة رائعة عبر لبنان قبل بدء فصل الشتاء: ننطلق من مياه البحر لنصل إلى أعالي الجبال، فنرى أجمل المناظر الطبيعية، ونستمتع بالمياه وبأشعة الشمس، على مسافة أكثر من مئة كيلومتر خلال 24 ساعة... ومن دون سيارة! نعم، هذا ما تقترحه وتنظمه جمعية «بولي ليبان Poly Liban»، في حدث سنوي في 30 أيلول (سبتمبر) و1 تشرين الأول (أكتوبر) تحت اسم «بولي أتلون الأرز» بداية من ساحل أنفة شمال لبنان في قوارب التجديف لمسافة 3 كيلومترات، ثم سباحة لمسافة كيلومترين، وبعدها ينطلق المشاركون على دراجاتهم الهوائية لمسافة 85 كيلومتراً صعوداً إلى ارتفاع أكثر من 3000 متر، وفي الختام مسير لمسافة 12 كيلومتراً ينتهي بمخيم قرب إحدى أعلى قمم لبنان. وإن لم يكن كل ذلك كافياً تمكنك المتابعة في اليوم التالي في نشاط يدعى «بولي ليبان طريق اللزاب» لقطع مسافة 300 كيلومتر بواسطة الدراجة الهوائية على مدى 4 أيام اضافية تخترق أجزاء منها أكبر غابة لشجر اللزاب في لبنان. النشاط الأول الذي يبدأ عند الثالثة صباحاً يبدو اجتيازه أمراً مستحيلاً للكثيرين، فالجهد العضلي لمدة ساعات طويلة موزعاً على أنواع مختلفة من الرياضات يبدو حكراً على المحترفين وأصحاب العضلات، وهو الأمر الذي تنفيه نديدا رعد، الأمينة العامة الشابة لجمعية «بولي ليبان»، فهي شاركت لأول مرة سنة 2014 قبل أن تنضم إلى الجمعية وتصبح أمينتها العامة، ولم تنجح في اتمام كل النشاط أولاً، لكنها اختبرت على نحو شخصي كيف أن الأمر -على صعوبته- ليس مستحيلاً، ويمكن أي شخص يتدرب خلال فصل الصيف بين مرة وثلاث مرات أسبوعياً بعد عمله أو في عطلة نهاية الأسبوع، أن يكون قادراً على خوض غمار هذا النشاط وبلوغ مراحل متقدمة فيه بل والوصول إلى نهايته. ويبدو للناظر إلى نديدا وزميلها فادي أبو سليمان أنهما على حق، فعمراهما يتراوحان بين نهاية العقد الثالث وبداية الرابع، أمضيا أغلب أوقاتهما في المدينة، ويعملان مهندسين كلٌ في مجال مختلف، ولا يمارسان رياضة ما على نحو محترف، ولا يبدو شكلهما الخارجي مميزاً أو لافتاً، فلا عضلات منتفخة ولا قامة رياضة بحسب الصور المنمطة. «بولي ليبان» كجمعية لا تتوخى الربح أسستها مجموعة من الشبان سنة 2008 بعيد عودتهم من المشاركة في نشاط رياضي اسمه Poly Athlon في سويسرا، وأرادوا نقل هذه الخبرة الفريدة إلى لبنان لما يتضمنه من مناطق طبيعية تشابه تلك التي شاهدوها خلال مشاركتهم، وهكذا كان. «رياضة، طبيعة، ثقافة» كلمات ثلاث تختزل مغزى النشاطات التي تقيمها الجمعية التي تسعى إلى تقدير الطبيعة من خلال الرياضة غير التنافسية، وهي تسوق نشاطاتها على هذا الأساس، وأيضاً باعتماد فكرة التحفيز الذاتي وتحدي الذات لاستكمال النشاط إلى آخره، فهنا أنت لا تسابق أحداً إلى القمة، هناك زملاء ومرافقون لكنهم ليسوا منافسين، المهم هنا أن تنافس نفسك وتصمد بما يكفي لتصل إلى النهاية وتحقق ما اعتقدت طويلاً أنك غير قادر عليه. عدد المشاركين هذه السنة كان في حدود 150 شخصاً من عمر 18 سنة وصولاً إلى 65 سنة، أغلبهم لبنانيون، إذ تراجع عدد الأجانب الذين يشاركون عادة بسبب الأوضاع الأمنية السائدة، لكن على رغم ذلك هناك مجموعة سويسرية وأخرى فرنسية أتت للمشاركة في «بولي أتلون» 2017. لوازم المشاركة بسيطة: دراجة هوائية جيدة يمكن استئجارها بكلفة منخفضة وخوذة ومعدات التخييم الأساسية، وكلفة الاشتراك في «بولي أتلون الأرز» متضمنة التخييم والطعام والشراب تعادل قرابة 35 دولاراً ليكون النشاط متاحاً للجميع. تنظيم نشاط مماثل يتطلب تحضيراً مطولاً، واختياراً دقيقاً للطرقات التي يعبرها المشاركون والتي تتغير سنوياً لتقدم خبرة متجددة للمشاركين المواظبين. وبدعم كامل من الجيش اللبناني وتحت رعاية قائد الجيش يتم ضمان خلو الطريق أمام المشاركين والتأكد من التحضيرات اللوجستية، والأمور المتعلقة بقوارب التجذيف والطعام والشراب، والصليب الأحمر جاهز بدوره للتدخل في حالات الطوارئ، بينما تقدم بلديات القرى الواقعة على طريق المشاركين مياه الشرب وبعض الفواكه ووجبات طعام ملائمة. ما يركز عليه المشاركون السابقون في «بولي أتلون» حين ينقلون خبرتهم وشغفهم إلى رفاقهم هو توسيع حدود قدراتهم الجسدية سنة بعد سنة، والتعرف إلى أصدقاء جدد، ورؤية مناطق مبهرة الجمال في لبنان لا تتاح عادة للأشخاص العاديين الذي يتنقلون بسياراتهم، وأخيراً «هي قصة سترويها يوماً لأحفادك». حافظ على الفكرة في ذهنك حتى مطلع الربيع المقبل حيث يمكنك البدء بالتمرن تحضيراً للمشاركة في «بولي أتلون» 2018.

مشاركة :