كيف تستطيع السعودية أن تحكم سوق الطاقة على المدى الطويل؟

  • 8/19/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في الشهر الماضي، أعلنت السعودية عزمها فتح بورصتها أمام الاستثمار الأجنبي المباشر للمرة الأولى، اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2015. ويعتبر هذا القرار جزءاً من جهود مكثفة لتنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط، وتعتمد الحكومة على الاستثمار الأجنبي من أجل تعزيز النمو الاقتصادي وتسريع عملية الانتقال. وتعتزم الحكومة السعودية القيام بدورها أيضاً، من خلال إصدار أكثر الأهداف طموحاً في العالم لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية. وإذا أفلحت السعودية في مسعاها، فإن الابتكار في مجال الطاقة يمكن أن يندفع من الشرق الأوسط على النحو الذي يندفع فيه النفط في الوقت الحاضر. مشكلة النفط في عام 2013 حققت السعودية إيرادات من إنتاج النفط بلغت 274 مليار دولار. يشكل النفط 90 في المائة من الصادرات السعودية، ويشمل 80 في المائة من إيرادات ميزانيتها. معنى ذلك أن السعودية دولة نفطية بصورة واضحة، وهذا أخذ يمثل الآن مشكلة ضخمة. إذا استمرت السعودية في استهلاك النفط بالمعدل الذي كانت عليه في الثمانينيات، فلن تكون بحاجة إلى التحول. لكن الاقتصاد السعودي يمر في طفرة قوية – وهو يعتبر الآن من أفضل الاقتصادات أداء من بين بلدان مجموعة العشرين – ويرتفع استهلاك النفط بصورة متزايدة وباستمرار، في حين أن الإنتاج باق على حاله بصورة أو بأخرى. هذه الزيادة في استهلاك النفط مدفوعة باستهلاك الكهرباء، الذي يصل الآن إلى مستويات عالية للغاية في الوقت الذي يرتفع فيه عدد السكان ويستمر الاقتصاد في النمو. ارتفع عدد السكان في السعودية من 20 مليون نسمة في عام 2000، إلى نحو 29.7 مليون نسمة حسب التقديرات في الوقت الحاضر. وعلى خلاف الولايات المتحدة، فإن السعودية تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط لتوليد الكهرباء. ويتم توليد نحو 50 في المائة من احتياجات الكهرباء في المملكة من خلال النفط، مقارنة بنسبة 1 في المائة في الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يتطلع فيه الأمريكيون إلى الطاقة الشمسية لتحل محل الفحم الحجري، واحتمال أن تعمل الطاقة الشمسية على تشغيل السيارات الكهربائية، فإن السعودية بحاجة ماسة إلى أن تستبدل استهلاك الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها بحرق النفط باستخدام الطاقة الشمسية، من أجل حماية إيراداتها من صادرات النفط، ومن ثم من أجل أن تتمتع بالقدرة على تمويل الحكومة. الطاقة الشمسية تأتي للإنقاذ في عام 2012 أعلن مسؤولون في مدينة الملك عبد العزيز للطاقة الذرية والمتجددة عن هدف طموح يقضي بإنشاء صناعة للطاقة الشمسية بقيمة 109 مليارات دولار، وتوليد 41 جيجا واط ساعة من الطاقة الشمسية بحلول عام 2032. وسيشكل هذا ثلث قدرة توليد الكهرباء في السعودية. لكن لم يتم اتخاذ إجراءات تذكر لتحقيق هذا الهدف الطموح. وقد أعلنت أرامكو السعودية في أيار (مايو) أنها ستبدأ بتطوير مشاريع للطاقة الشمسية. وقد سبق للشركة أن وقعت بالأصل اتفاقيات لتطوير معامل لتوليد 300 ميجا واط ساعة في مناطق نائية من البلاد من أجل تقليص الحاجة إلى المعامل التي تعمل بحرق النفط في تلك المناطق. وسواء كان هدف الصناعة بقيمة 109 مليارات دولار قابلاً للتحقيق أم لا، فهذا أمر ما يزال في طي الغيب. لكن إذا كان هناك أي بلد يتمتع بفرصة عملية لتحقيق هذا الهدف، فإن هذا البلد هو السعودية. ميزة السعودية قال تيري لوبيرك، مؤسس ورئيس الشركة الفرنسية Solairedirect، إن بإمكان السعودية أن توفر واحداً من أقل تكاليف الطاقة المعممة في العالم، بالنظر إلى أن سعر الطاقة الشمسية للمشاريع الضخمة هو أرخص بمقدار أربع مرات مما كان عليه في عام 2009. وهذا المقياس يسمح بالمقارنات عبر مصادر مختلفة للطاقة من حيث إنه يحتسب سعر التركيب، وإجمالي التكلفة على مدى حياة النظام، وإنتاج الكهرباء على مدى حياة النظام. وإلى جانب التكلفة الرخيصة، تمتلك السعودية بضعة مكونات أخرى تعمل لصالح صناعتها الناشئة في مجال الطاقة الشمسية. فحسب قول الدكتور رائد بكيرات، نائب الرئيس في الفرع السعودي لشركة First Solar للطاقة الشمسية العالمية، فإن الصناعة، بما لديها من عناصر حيوية مهمة من حيث الحصول على تمويل بتكلفة رخيصة، وتوافر الأراضي، والمعدل الحالي من الإشعاع الشمسي الذي يصل المملكة، وتوافر العمالة الماهرة المحلية، فليس هناك سبب يحول دون أن تحقق السعودية معدلاً من أدنى معدلات تكلفة إنتاج الطاقة الضوئية الكهربائية في المنطقة. هذا يعد وضعاً مثالياً. فالحاجة إلى أن تحل الطاقة الشمسية محل النفط في سد حاجات الاستهلاك المحلي، تتفق وتنسجم تماماً مع قدرة السعودية على الإنتاج بأدنى تكلفة على الإطلاق، ومع أفضل وضع جغرافي ممكن، إلى جانب توافر الأموال اللازمة لذلك. لكن إذا أرادت السعودية أن تهيمن على الطاقة الشمسية بمثل هيمنتها على إنتاج النفط، فسيتعين عليها أن تقوم بما هو أكثر من بناء محطات الطاقة الشمسية في البلاد. إذ سيكون باستطاعتها تصدير الكهرباء إلى البلدان المجاورة – وهو أمر تعتزم الحكومة القيام به – لكنها ستحتاج أيضاً إلى الابتكار، وتصدير هذه الابتكارات كذلك. الابتكار السعودي في مجال الطاقة الشمسية حاصل بالفعل. فقد قام العلماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بتطوير نوماد NOMADD، وهو روبوت يقوم بتنظيف الغبار ويتزود بالطاقة من ألواح شمسية دون استخدام الماء. وبالنظر إلى أن الغبار يستطيع تقليص معدل إنتاج الطاقة من الألواح بنسبة 60 في المائة، وحيث إن الماء نادر في البيئة الصحراوية، فإن هذا يعتبر تطوراً مهماً للاستخدام المحلي. من الناحية النظرية، بمجرد ضبط النظام وتحسين حالته الفنية فإن من الممكن أيضاً أن يتم إنتاجه على المستوى التجاري وتصديره إلى البلدان الصحراوية المجاورة التي تستخدم منشآت تعمل بالطاقة الشمسية. على ما يبدو فإن الحظ هو حليف السعودية. وما يبقى هو اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ. في الشهر المقبل، سيجتمع تنفيذيون من شركات الطاقة الشمسية الدولية والمستثمرون في مؤتمر الطاقة الشمسية في الصحراء، حيث سيلتقون مع مساهمين سعوديين ويواصلون رسم الخطط من أجل النمو في المنطقة. ينبغي أن ينتبه المستثمرون بصورة وثيقة إلى ذلك حتى يستفيدوا بمعلومات حول ما يخبئه المستقبل القريب للطاقة الشمسية في السعودية. * كاتبة متخصصة في مجال الطاقة نقلا عن موقع The motely fool.

مشاركة :