هل-تدعشن-تنظيم-القاعدة-في-جزيرة-العرب؟

  • 8/19/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقراً له منذ عام 2009 يعتبر هو أكثر فروع القاعدة صلةً وتنسيقاً بالتنظيم المركزي، والأشد تمسكاً برؤية واستراتيجية زعيمها أسامة بن لادن، وهو الأكثر خطورةً وتهديداً للمصالح الأميركية، نتيجة قدرته على التطور والابتكار للوسائل والأساليب القتالية، وقد استثمر التنظيم فراغ السلطة الناجم عن انتفاضة 2011 التي انتهت بالإطاحة بالرئيس السابق إلى تشكيله للحركة المعروفة باسم «أنصار الشريعة» التي سرعان ما استنسخت لاحقاً في تونس وليبيا والمغرب، وقد كانت تهدف من تأسيسها إلى توسيع دائرة جذب وتجنيد القبائل وتقديم الخدمات العامة، وتحويل تحكيم الشريعة من عمل نخبوي إلى عمل شعبوي، وقد أعلنت حينها تلك الحركة إمارتها الإسلامية في محافظة أبين وفرضت تطبيق أحكام الشريعة، كل ذلك جعل من هذا التنظيم الذي يتزعمه «ناصر الوحيشي» الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بعد أيمن الظواهري، يحتل صدارة المشهد، وهو ما يجعله مؤهلاً ليكون بديلاً عن التنظيم المركزي في أفغانستان بعد تراجع الدور القيادي للتنظيم المركزي. وعلى رغم هذه المكانة التي يحتلها فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلا أنه وفي ظل الخلاف والاقتتال الذي احتدم على الساحة السورية بين دولة «داعش» وبين جبهة النصرة الممثل والفرع الرسمي لقاعدة الظواهري، كان التنظيم قد أعلن موقفه في آذار (مارس) 2014، أي قبل التطورات والانتصارات التي حققتها أخيراً دولة البغدادي بقولهم: «نقف من الجماعات المجاهدة في سبيل الله هناك موقفاً واحداً، ويحزننا خبر مقتل أي مجاهد من أي جماعة كانت، ونناشد إخواننا إلى قبول الصلح فإن لم يكن فلا أقل من وقف إطلاق النار بين المجاهدين». وهو ما يعني أنه وقف موقف الحياد وظل في منطقة الوسط ولم يمل إلى إحدى الكفتين على رغم قربه وارتباطه الشديد بتنظيم القاعدة العالمي، وحافظ على علاقته مع كلا الطرفين، ولم يكن مع أو ضد، حتى مع إعلان البغدادي دولة الخلافة فإن التنظيم لم يتخذ موقفاً مناهضاً لها، بخلاف فروع تنظيمات القاعدة ومنظريها الذين أعلنوا موقفهم الرافض لها، وهو ما جعل التنظيم يمتلك قدرة ومساحة أكبر في الاستفادة من التجارب والخبرات من كلا التنظيمين، من أجل التوسع والتمدد وجذب وتجنيد المقاتلين للقتال تحت لوائه. ولم يمنع استمرار ولاء «قاعدة اليمن» للقاعدة الأم، أن يستفيد التنظيم أو يتأثر أتباعه بالحالة الداعشية وأن يحاكي نهجها في وقت أصبحت فيه الحالة الداعشية عنصر جاذبية لكثيرين من «المقاتلين والمتحمسين» من حول العالم، وهو ما بدت ملامحه وبوادره تتضح وتتشكل في الآونة الأخيرة، كان منها سعي حركة أنصار الشريعة مطلع هذا الشهر إلى إنشاء إمارة إسلامية في المناطق الجنوبية من البلاد، وتحديداً في محافظة حضرموت وإصدار بيانات متناغمة مع ما يصدره «الدولة الإسلامية» من بيانات وإصدارات في ما يشبه النهم السلطوي الذي يفصح عنه أسلوب «داعش»، إذ أصدرت بياناً تحذر فيه الأهالي من مغبة «مخالفة الشريعة الإسلامية». وتحذر النساء من التجول في الأسواق وممارسة الرياضة، وحثهن على الالتزام بأحكام الشريعة، وارتداء الحجاب والقفازات إضافة إلى مهاجمة عدد من المقار الحكومية والمقار والثكنات العسكرية، ونهب أحد المصارف، إلا أن تمكن الجيش اليمني وبعد اشتباكات مسلحة من تطهير مدينة القطن بحضرموت من عناصر أنصار الشريعة وإخراجهم منها، ولم يكد يمضي يوم ذلك إلا وقد استيقظ اليمنيون على وقع جريمة بشعة نفذتها حركة أنصار الشريعة في حق 14 جندياً كانوا في طريقهم إلى صنعاء لقضاء إجازتهم في خطوة تعكس تحولاً في درجة التوحش لدى أنصار الشريعة أسوة بمجازر «داعش»، وقد وزع التنظيم عبر وسائله الإعلامية شريطاً مصوراً لذبح الجنود بشكل وحشي والتمثيل بجثثهم وأظهرت المقاطع مشاركة قائد حركة أنصار الشريعة جلال بلعيدي في هذه العملية، ويشير عنصر الوحشية الذي برز في هذه الجريمة إلى تأثر «تنظيم القاعدة في اليمن» بالحال الداعشية في العراق وسورية، التي جسدت أقصى تجليات الوحشية في عملياتها الجهادية، وقتل الجنود بهذه الطريقة يعد نقطة تحول غير مسبوقة في طريقة قاعدة اليمن في التعامل مع الجنود الأسرى، إذ أقدم التنظيم في مرات سابقة على إطلاق سراح الجنود الذين تم أسرهم في مواجهات في أبين وشبوة. ثم جاءت إشادة المنظر الشرعي لتنظيم القاعدة في اليمن والمطلوب السعودي إبراهيم الربيش باستيلاء الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من أراضى العراق وتهنئته جميع المجاهدين بتلك الانتصارات على رغم أنه تجنب في كلمته ذكر اسم «الدولة الإسلامية» وزعيمه أبوبكر البغدادي، وتلا ذلك إعلان تنظيم القاعدة في اليمن تضامنه مع مقاتلي داعش في العراق ضد الهجمات الأميركية، وأنهم يقفون معهم في خندق واحد ضد الولايات المتحدة، وعلى رغم جميع ما سبق فمن غير المرجح أن يعلن زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي ولاءه أو مبايعته للبغدادي ولو في المرحلة القريبة. إلا أن ذلك لن يمنع التنظيم من السير والمحاكاة والاستفادة من تجربة الدولة الإسلامية عبر ذراعها المعروف بأنصار الشريعة وعدم اللجوء إلى اتخاذ أي موقف مناهض لداعش، وأي ادعاء أو توقع بأن جلال بلعيدي وحركته أنصار الشريعة لم تعد تمثل تنظيم القاعدة أو أنها قد انشقت هو ادعاء باطل، فمنذ يومين أصدرت مؤسسة صدى الملاحم الذراع الإعلامية للتنظيم شريط فيديو لقائد حركة أنصار الشريعة، وهو يتحدث عن منجزاتها في الأشهر الماضية التي منها الجريمة البشعة في إعدام الجنود. * كاتب سعودي. hassansalm@

مشاركة :