فيما اتجهت دول خليجية أخيرا إلى رفع أسعار البنزين والديزل في ظل المتغيرات العالمية للأسعار، بقيت السعودية ضمن الأقل سعرا للبنزين والديزل عالميا، إذ تعتزم خلال الفترة المقبلة رفع أسعار الطاقة كضرورة اقتصادية ملحة لمواجهة التحديات المستقبلية، وسعيا لتنويع مصادر الدخل الوطني. وأعلنت كلا من الإمارات وعمان وقطر مطلع الشهر الجاري، رفع أسعار البنزين والديزل بكافة أنواعهما. ويأتي هذا التوجه الخليجي عموما، والسعودي خصوصا، كخطوة هامة لتنويع مصادر الدخل، ومواجهة التداعيات التي سببها انخفاض النفط عالميا، وتفعيل موارد جديدة من خلال الاستثمارات الداخلية والخارجية. وأكد مراقبون أنه لا يمكن تجاهل أن السعودية كانت وما تزال الأقل سعرا في البنزين بكافة أنواعه، وبالرغم عن الارتفاع المتوقع مستقبلا ستظل المملكة هي الأقل عالميا أيضا في أسعار المحروقات. وأوضح المراقبون أن رفع أسعار المحروقات في السعودية، يأتي كضرورة ملحة لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الدولة، وتقليص فاتورة الدعم التي تثقل كاهل الميزانية، بخلاف مساهمتها في تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الاستهلاك. وأشاروا إلى أن الدولة ستعمل على تعوض المواطن محدود ومتوسط الدخل عبر برنامج "حساب المواطن"، مشددين على أن الهدف من إعادة هيكلة ورفع الوقود هو مساواة أسعار الطاقة في المملكة بالأسعار العالمية بحلول ٢٠٢٠، لافتين إلى أن رفع أسعار الوقود يقلل من مستوى الهدر، الأمر الذي يخفف العبء عن الميزان التجاري للمملكة. ويعتقد اقتصاديون أن اصلاح قطاع الطاقة يعد جزءا أساسيا من برنامج التحول الاقتصادي الطموح الذي اطلقته المملكة العام الماضي، كما يحد القرار من اعتماد المملكة على عائدات النفط، وينوع الموارد الاقتصادية، ويصلح اختلالات قطاع الطاقة. يشار إلى أنه وفقا لآخر التحليلات الاقتصادية التي نشرت أخيرا فإن أسعار بيع بنزين 91 في السعودية تقل بنسبة 55 في المائة عن سعره عالميا، حيث يبلغ سعر اللتر محليا 75 هللة (0.20 دولار)، فيما السعر العالمي 0.44 دولار (1.65 ريال). ووفقا للتحليل الذي أعدته وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فإن أسعار بيع بنزين 95 (أوكتان) تقل بنسبة 48 في المائة عن سعره العالمي، حيث يبلغ سعر اللتر محليا 90 هللة (0.24 دولار)، فيما سعره العالمي 0.46 دولار (1.73 ريال). واعتمد التحليل في تحديد السعر العالمي لأسعار البنزين على الأسعار المطبقة حاليا في الإمارات (شهر ديسمبر)، والبالغة 1.62 درهم إماراتي لبنزين بلس 91، وسعر 1.69 درهم لبنزين 95. يشار إلى أن متوسط سعر البنزين 95 في دول العالم يبلغ 0.97 دولار، وتقل أسعار البنزين في السعودية عن هذا المتوسط 75 في المائة وتعود فروق أسعار البنزين في الدول المختلفة إلى الدعم الحكومي للبنزين وحجم الضرائب فتشتري جميع الدول في العالم النفط بذات الأسعار ولكنها فيما بعد تفرض ضرائب مختلفة ما يؤدي إلى اختلاف أسعار التجزئة للبنزين. يذكر أن المهندس خالد الفالح وزير الطاقة تحدث في حوار صحافي إبان الإعلان عن ميزانية المملكة، عن أن رفع أسعار الطاقة سيحدث في أقرب وقت من العام 2017 الحالي. وسبق أن رفعت المملكة أسعار الوقود في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015، وظلت على هذا المستوى حتى الآن، إذ تسعى إلى تحسين موارد ميزانيتها، وترشيد النفقات وتوجيه الدعم للمستفيدين مباشرة. وأكد مسؤولون سعوديون أن الرفع في أسعار الطاقة سيسبقه بدء صرف مستحقات المستفيدين من برنامج الدعم الحكومي المعروف باسم «حساب المواطن»، الذي لم ينطلق حتى الآن. وأفادوا بأن المحادثات جارية بين وزارتي الاقتصاد والتخطيط ووزارة الطاقة فيما يتعلق بالتنسيق حول الزيادة المقترحة في أسعار الوقود، حيث إن هناك مقترحات سابقة لرفع الأسعار لتصل إلى 100 في المائة من السعر العالمي تدريجياً خلال 3 سنوات. وبحسب برنامج التوازن المالي، سيتم تعديل أسعار الطاقة والكهرباء بشكل تدريجي لإتاحة الفرصة الكافية للقطاعات السكنية وغير السكنية لإجراء التعديلات اللازمة والحد من تأثير التعديلات على الأسر والصناعات والاقتصاد الكلي، يشمل ذلك: التضخم والناتج المحلي الإجمالي ونسـبة البطالة وقـدرة الصناعات على تطبيق مبادرات لرفع كفاءة الطاقة والتميز التشغيلي. وسيتم إعطاء الأولوية لتعديل أسعار المنتجات التي لا تتطلب تغيرات في البنية التحتية، وسيتم الأخـذ بعيـن الاعتبار تطبيق ضريبة القيمة المضافة في عام 2018 عند تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه. كما سيتم إعادة توجيه بعض الوفر لدعم فئات الدخل المنخفض من الأسر ودعم الصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية للمملكة. ووفقا للبرنامج، دأبت المملكة على توفير منتجات الطاقة للمستهلك المحلي بسعر مدعوم وأقل كثيرا من أسعارها عنـد التصدير، حيث يمثل الفرق بين سعر المنتج محليا وسعره عند التصدير تكلفة الفرصة البديلة لبرميل النفط الواحد أو المنافع التي يكتسبها المستهلك المحلي من السعر المدعوم. وبلغت قيمة الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة والمياه في عام 2015 ما يقرب من 300 مليار ريال، بناء على سـعر تصدير منتجات الطاقة في ذلك الوقت. ويمكن أن تزداد قيمة الدعم بشكل كبير مع مرور الوقت بسبب النمو المتسارع للاستهلاك المحلي لمنتجات الطاقة والمياه والتغيرات في أسعار تصدير منتجات الطاقة، كما تسهم الأسعار المدعومة في تحفيز النمو المتسارع في استهلاك موارد الدولة. وتعتمد المملكة على النفط والموارد الطبيعية غير المتجددة كمصدر رئيس للدخل، ولذلك لا يمكن على المدى الطويل استمرار استهلاك هذه الموارد محليا بهذا الشكل الجائر وبالأسعار المدعومة وتستهلك المملكة مئات الألوف من البراميل من النفط الخام يومياً من أجل إنتاج الكهرباء، ويباع هذا النفط بأسعار مدعومة لشركة الكهرباء السعودية. Image: category: محليةAuthor: "الاقتصادية" من الرياضpublication date: الاثنين, أكتوبر 2, 2017 - 21:00
مشاركة :