أرباح شركات التكنولوجيا العملاقة من جيوبنا

  • 10/3/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

سارة فوروهار * ازدادت الضغوط خلال الأسابيع القليلة الماضية على السياسيين وصناع القرار والتشريعيين للتعامل مع سطوة وقوة شركات التكنولوجيا الكبرى. فخلال حديث بواشنطن، حاولت مورين أولاوسن الرئيس المكلف للجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة، تهدئة هذا الشعور المتنامي بالقول إن المستهلكين يستفيدون بشكل كبير من شركات التكنولوجيا العملاقة والابتكارات التي تنتجها، مضيفة أنها قلقة من الدعوات التي ستتسبب في منع المستهلكين من الاستفادة من تلك التقنيات والابتكارات.لقد كان للكلمات التي ألقتها أولاوسن صدى كبير في الأوساط الأمريكية، خصوصاً أنها تصادمت مع قوانين مكافحة الاحتكار السائدة في الولايات المتحدة منذ 40 عاماً، فإذا ما قامت الشركات التكنولوجية الكبرى بتخفيض أسعار منتجاتها وخدماتها التي تقدمها لعملائها، فإن ذلك يزيدها قوة اقتصادية بل وسياسية أيضا، وعوضاً عن ذلك تقوم شركات مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«أمازون» بتخصيص الإعلانات الخاصة بها من خلال استخدام معلومات العملاء للترويج لخدماتها ومنتجاتها بما يتناسب مع توجهاتها الإعلانية. وعلى الرغم من تجاهل أولاوسن لفكرة أساسية وهي أن ما هو مجاني ليس مجانيا في الحقيقة، بالنظر إلى ما يتم دفعه في الخفاء مقابل هذه الخدمات، من رسوم عبر البطاقات الائتمانية والسجلات والمشتريات التجارية وغيرها. وخلاصة ذلك أن من المستحيل تحديد سعر معين على البيانات الشخصية التي يتم استخدامها بسبب تباين سلوك الأشخاص فيما يتعلق بالتوجهات الاستهلاكية، والاختلاف الملحوظ في الآراء المتعلقة بذلك. وأظهرت دراسة حديثة أن أربعة من بين خمسة أشخاص لا يوافقون على أن تقوم الشركات الكبرى بتعقب بياناتهم الخاصة في سبيل تخصيص إعلانات محددة تناسبهم. فيما أشارت دراسة أخرى من ماساشوستس هذا العام إلى أن الناس يرغبون في الحصول على حوافز بسيطة في سبيل تقديم كافة الأسماء والمعلومات الموجودة في بريدهم الإلكتروني، حيث إن الطلاب الذين شملتهم الدراسة اقتنعوا بتقديم تلك المعلومات لمجرد الحصول على «بيتزا» مجانية.ويمكن للبعض القول إن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الأسواق اليوم، حيث يتم إعطاء المستهلكين الخيار في اتخاذ ما يرونه مناسبا وفقا لتوجهاتهم الاستهلاكية. ولكنه وكما أظهرت الدراسة الأخيرة، فإن الشركات يمكنها استرعاء انتباه العملاء بتوفير بيانات ذات حرية أكبر في التصفح وبدون أن تكون هناك أي عيون تراقبهم وتتعقب معلوماتهم في سبيل تخصيص الإعلانات، بيد أن أنظمة التشفير والحماية ليست كافية لحماية خصوصية المستخدمين، وبالتالي يكونون أكثر عرضة لمراقبة المعلومات وتعقبها بواسطة الشركات الكبرى.ويتضح من خلال الممارسات التي تقوم بها تلك الشركات الكبرى أنها تستنزف جيوب المستهلكين بطرق مختلفة، بحيث أصبح من المقبول القول إنه أصبح بإمكانها طباعة الأموال النقدية على حساب الناس، إذ إن البيانات والمنتجات التي تمنحها تلك الشركات العملاقة تقوم باستغلالها بالشكل الأمثل بأخذ المزيد من الأموال، وهي ليست شركات «ابتكارية» إلى المدى الذي يدفعها للقيام باستعارة بعض العبارات الخلابة وبعض القوانين من جهات أخرى بغرض تسويق منتجاتهم.ولم يتمكن الخبراء الاقتصاديون حتى الآن من تحديد حجم المساهمة الفعلية لتلك الشركات من حيث الإنتاجية ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من أنها مرتفعة، بيد أن مشكلتها تكمن في رغبة تلك الشركات بفرض معايير جديدة للمنافسة وإعادة تشكيل الاقتصادات العالمية بما يناسبها تماماً. وأياً كان ما ستقوله لجنة التجارة الفيدرالية حيال هذه المسألة، فإن هناك العديد من القضايا القانونية المرفوعة حالياً التي يمكنها تغيير القواعد الخاصة التي فرضتها تلك الشركات العملاقة على الساحة القانونية.ورغم أن قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي استند إلى تفسيرات متنوعة ومختلفة لقانون «شيرمان»، فإن المشرعين في القارة الأوروبية يتبعون طرقاً أكثر فاعلية في التعامل مع تلك الشركات، ودائماً ما يحاولون إيجاد طرق أكثر فاعلية في الحد من تأثير الشركات التكنولوجية الكبرى على الاقتصاد العالمي ومحاولتهم السيطرة عليه بكل الطرق الممكنة. لقد بدأت أتساءل عما إذا كان يترتب علينا الحصول على حقوق أكثر في التحكم في كيفية استخدام البيانات الخاصة بنا، والفائدة الاقتصادية التي تجنيها الشركات الكبرى من استخدام تلك البيانات.نحن نعيش اليوم عالماً جديداً كلياً، بمفاهيم وقيم جديدة لا تكترث كثيرا لما يستحقه الناس في المقام الأول، بل لما يمكن أن تحققه الشركات الكبرى عبر استغلال المعلومات والبيانات الخاصة، وهو الأمر الذي يستوجب أفكاراً خلاقة لمواجهتها على كافة المستويات الاقتصادية منها والقانونية وحتى السياسية، لا تصبح كمن يفوز يأخذ كل شيء.* كاتبة في فايناننشيال تايمز

مشاركة :